الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

أسامة الملولي يفلت من طعنات «سكين الانتقادات»

أسامة الملولي يفلت من طعنات «سكين الانتقادات»
7 أغسطس 2012
لندن (د ب أ) - “قدمت واجبي تجاه وطني، وأهدي هذه الميدالية للثورة التونسية وتونس الجديدة”، هكذا كانت كلمات أسامة الملولي السباح التاريخي لتونس والعرب والقارة الأفريقية لدى تتويجه بسباق 1500 متر حرة، ضمن فعاليات السباحة في دورة الألعاب الأولمبية (لندن 2012)، وأحرز الملولي يوم السبت الماضي الميدالية البرونزية لسباق 1500 متر الذي فاز بذهبيته في أولمبياد بكين. وقطع الملولي مسافة السباق في زمن بلغ 14 دقيقة 31: 40 ثانية، بفارق تسع ثوانٍ عن السباح الصيني الفائز بالميدالية الذهبية، وبفارق أقل من ثانية عن السباح الكندي الذي احتل المركز الثاني. وقال الملولي، إنه يشعر بسعادة طاغية لإحرازه أول ميدالية لتونس في هذه الدورة الأولمبية، ويهدي هذا التتويج للثورة التونسية وتونس الجديدة، ويعتبر أنه قام بواجبه تجاه وطنه. ويبدو أن الملولي قصد بذلك أنه لم يقصر في حق وطنه، وأن تونس هي الأهم لديه رداً على الانتقادات التي وجهت إليه في نهاية عام 2010، حيث تعرضت صورته للخدش عندما استقبل من قبل الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إثر تتويجه بذهبية كأس العالم بالإمارات. ورأى كثيرون أن هذا الاستقبال كان لتحسين وتلميع صورة ابن علي، فيما كانت أحداث الثورة تهز المدن التونسية في شهر ديسمبر 2010 وانتهت بالإطاحة بالنظام في 14 يناير 2011. والحقيقة أن الملولي نجح مجدداً في رد اعتباره بقوة، وأحرز ميدالية غالية لتونس في سباق صعب ومثير، رغم الإصابة التي عاناها في الفترة الماضية. وسبق للملولي أن خلع تلك الصورة عن أذهان التونسيين بسرعة خلال دورة الألعاب العربية التي احتضنتها قطر في نهاية العام الماضي، ولكن التتويج بميدالية أولمبية يكون له أثر مضاعف بالتأكيد على أي انتصار آخر. تحطيم كل الأرقام وفرض السباح التونسي نفسه بقوة في الدورة العربية كأفضل رياضي على الإطلاق، بعدما حطم كل الأرقام القياسية المسجلة في تاريخ السباحة بالألعاب العربية، حيث شارك في 16 سباقاً فاز فيها جميعاً بالميدالية الذهبية باستثناء سباق 100 متر صدراً والذي استبعد منه بسبب خطأ فني. لكنه يستطيع فرض نفسه بشكل أقوى كأفضل رياضي عربي في دورتي الألعاب الماضية والحالية إذا توج بالميدالية الذهبية لسباق عشرة كيلومترات في سباحة المياه المفتوحة، وهو السباق الذي يضع عليه أملاً كبيراً، خاصة أنه تأهل من خلاله إلى الأولمبياد الحالي. وازدادت الضغوط على الملولي في الفترة الماضية للآمال الكبيرة الملقاة على عاتقه لتكرار إنجازه الذي حققه في أولمبياد بكين 2008، وساور القلق بعض المتابعين للبعثة التونسية من عدم قدرة الملولي على إسعاد الجماهير في ظل الضغوط التي تحيط به من ناحية، والإصابة التي عاناها في الكتف خلال الفترة الماضية من ناحية أخرى. ظروف الإصابة وأرغمت الإصابة الملولي على عدم المشاركة في سباق 400 متر مطلع الأسبوع الماضي، علماً بأنه ليس التخصص الأساسي له، وربما فضل الانسحاب منه لتوفير جهده للسباقين التاليين، وهما سباق 1500 متر وسباق عشرة كيلومترات في المياه المفتوحة. وأكد مسؤولو البعثة التونسية أن ثقتهم في الملولي كبيرة، وأن “قرش قرطاج” قادر على تكرار الإنجاز الذي حققه قبل أربع سنوات، والفوز بميدالية ذهبية على الأقل، مع إمكانية أن تكون هذه الميدالية في سباق عشرة كيلومترات بالمياه المفتوحة، على أن ينافس في الميداليات أيضاً في سباق 1500 متر. تفاؤل الزواوي وقالت ريم الزواوي عضو اللجنة الأولمبية التونسية رئيسة البعثة التونسية المشاركة في أولمبياد لندن، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية، إنها في غاية التفاؤل، وتضع أملاً كبيراً على الملولي لإحراز ميدالية على الأقل، كما تضع أملاً كبيراً على حبيبة لغريبي في سباق 3000 متر موانع بمنافسات ألعاب القوى. وفي المقابل، لم يشعر الإعلاميون المرافقون للبعثة التونسية بالتفاؤل نفسه، ورأوا أن الملولي لم يعد مثلما كان قبل أربع سنوات، وأن رصيده الهائل من الميداليات الذهبية في دورة الألعاب العربية الماضية (الدوحة 2011)، لا يمثل أي مؤشر في منافسات أقوى وأضخم مثل الدورة الأولمبية. وجاء رد الملولي عملياً بإحراز برونزية سباق السبت، وتظل لديه فرصة جيدة لإحراز ذهبية سباق عشرة كيلومترات بعد الثقة والدفعة المعنوية التي نالها بهذه البرونزية، وحجز الملولي مكانه في أولمبياد لندن عبر سباق عشرة كيلومترات بسباحة المياه المفتوحة، بعد فوزه بالمركز الأول في لقاء شيتوبال البرتغالي المؤهل للأولمبياد متقدماً على 60 سباحاً، حيث قطع المسافة في ساعة واحدة و45 دقيقة و05.18 ثانية. البداية في المرسى وشق الملولي، المولود في 16 فبراير 1984، طريقه في عالم السباحة من المسبح البلدي بضاحية المرسى في العاصمة تونس وتفوق على أقرانه في مراحل الناشئين ليلتحق بعدها بالمعهد الرياضي بالمنزة، حيث أكمل دراسته جنباً إلى جنب مع ممارسة تدريبات السباحة، ثم سافر بعدها إلى فرنسا ليواصل دراسته والتدريب. وفي عام 2002 سافر الملولي إلى الولايات المتحدة للدراسة والتحق للتدريب في جامعة جنوب كاليفورنيا، ونجح الملولي البالغ طوله متراً و92 سنتيمتراً، في تحقيق مسيرة تعتبر استثنائية بالمنطقة الأفريقية والعربية، وتوج بأكثر من لقب عالمي، كان أبرزها ذهبية أولمبياد بكين، وكان هذا التتويج هو الأفضل في تاريخ الرياضة التونسية بالدورات الأولمبية، بعد ذهبية العداء الأسطوري محمد القمودي في سباق خمسة آلاف متر بدورة مكسيكو سيتي 1968 . وخلال تاريخ مشاركاتها حصدت تونس سبع ميداليات “ذهبيتين وفضيتين وثلاث برونزيات”، قبل أن يضيف الملولي البرونزية الرابعة، وعاد الملولي لمنصة التتويج في بطولة العالم بروما في أغسطس 2009 وفاز بذهبية سباق 1500 متر حرة وعزز رصيده العالمي بذهبية جديدة في بطولة كأس العالم بالإمارات في نوفمبر 2010. هزة طارئة ولكن مسيرة الملولي لم تكن مفروشة بالورد ولم تخل من هزات كادت تعصف بمستقبله في عالم السباحة وهو في أوج التألق، وتلقى الملولي ضربة قوية في بطولة العالم للسباحة عام 2007 بملبورن، عندما سحبت ميداليته الذهبية التي فاز بها في سباق 800 متر حرة بعد اتهامه بتعاطي المنشطات. ولم ينكر الملولي تعاطيه مادة “الأنفيتامين” المتداولة بكثرة في الوسط الطلابي بالولايات المتحدة، وهي حبة ذات تأثير ذهني بحت، بقصد مساعدته على التركيز في الامتحانات الجامعية، ولكنه لم يكن يعلم أنها محظورة رياضياً. وكادت تلك الحادثة تضع حداً لبداية صعود الملولي في المسابح العالمية مع إيقافه لمدة 18 شهراً عن المشاركة في المسابقات الدولية، وبقدر ما شكل الإيقاف عقوبة قاسية على الملولي، كان أيضاً حافزاً قوياً لمزيد من التدريب والاجتهاد في صمت. رد الاعتبار وكانت الفرصة مواتية له في 17 أغسطس 2008 في أولمبياد بكين ليرد اعتباره ويصعق منافسيه العالميين بإحراز ذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة، وأصبح الملولي أول سباح عربي على مستوى الذكور والإناث، وأول أفريقي على مستوى الذكور في التاريخ يحصل على ذهبية أولمبية. ورغم النجاح المدوي لم تكن علاقة الملولي بمسؤولي الاتحاد التونسي للسباحة على أحسن حال، وبرزت الخلافات على السطح بين الاتحاد ووالدي الملولي، اللذين يسهران على كل شيء في مسيرة ابنهما، بعد تخلف الملولي عن المشاركة في الدورة الأفريقية 2010 بالجزائر. وفرض الملولي نفسه خلال الألعاب العربية التي احتضنتها قطر كأفضل رياضي على الإطلاق بعدما حطم كل الأرقام القياسية المسجلة في تاريخ السباحة بالألعاب العربية، حيث شارك في 16 سباقاً فاز فيها جميعاً بالميدالية الذهبية باستثناء سباق 100 متر صدر، والذي استبعد منه بسبب خطأ فني. واختير الملولي كأفضل رياضي في تونس في أعوام 2002 و2004 و2008، كما اختير كأفضل سباح في أفريقيا عام 2008. وفي حالة فوزه بميدالية أخرى في سباق عشرة كيلومترات يوم الجمعة المقبل، ينتظر أن يفوز بلقب جديد في عام 2012. فرحة خاصة وأكد الملولي أن سعادته بالبرونزية في الدورة الحالية تفوق سعادته بالذهبية التي أحرزها قبل أربع سنوات في أولمبياد بكين، وقال الملولي، في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية “كثيرون لا يدركون قيمة الميدالية البرونزية في رياضة مثل السباحة وفي مثل هذه السن”. وأضاف “قضيت أربع سنوات من العمل الجاد والإجهاد النفسي والبدني، تعرضت للإصابة وعانيت منها في الفترة الماضية، ولم أستطع التتويج في بطولة العالم الماضية، ولكنني عدت بقوة وعزيمة وأحرزت برونزية أراها أغلى من ذهبية بكين”. وأوضح “سباق 1500 متر من أقوى السباقات وأصعبها، فهو أطول سباق في برنامج السباحة الأولمبي على مستوى الأحواض المغلقة”. وأضاف “السباح الصيني حقق رقماً خيالياً وحاولت اللحاق بالسبح الكندي وبدأت في الإسراع بالفعل، لكنه كان الأفضل في هذا السباق، وحقق المركز الثاني بفارق أقل من ثانية أمامي، ولكن المهم أنني جددت موعدي مع التتويج”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©