الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوش والتركة المرعبة

16 فبراير 2008 23:58
لقد عاد ''البوشيون'' إلى الواجهة، الواقع أنني انشغلت جدا بالانتخابات التمهيدية إلى درجة أنني نسيت تقريبا أمر الرجل الذي مازال في البيت الأبيض، رغم رغبة الأميركيين القوية في رحيله، غير أنه بينما كان اهتمامنا جميعا منصبا على من سيصبح رئيس الولايات المتحدة المقبل، استغل أتباع الرئيس الذي تنتهي ولايته هذا العام انشغالنا الجماعي، وحاولوا ترك تركة مرعبة أخيرة للشعب الأميركي: التعذيب· هل تتذكرون تقنية ''الإيهام بالغرق''؟ يتم في هذه التقنية تثبيت المعتقلين معصبي الأعين على لوحة بشكل أفقي، وبعد ذلك، يتم صب المياه على أفواههم وأنوفهم، باستعمال قطعة قماش أو ورق ''السيلوفان'' أحيانا (وذلك لزيادة شعور المعتقل بالاختناق أو الغرق)، خلال الحروب السابقة، كانت الحكومة الأميركية تتابع مرتكبيها على اعتبار أنها جريمة حرب· غير أن الأمر تغير الآن! فبينما كانت بقية الأميركيين منشغلة بطرق عد المندوبين، كانت إدارة بوش منهمكة في خوض حملة علاقات عامة دفاعا عن تقنية ''الإيهام بالغرق''، بدأت الحملة عندما قال وزير العدل ''مايكل موكاسي'' للكونجرس، إنه لا يمكن التحقيق مع أي شخص أو متابعته قضائيا بسبب ''شيء تم القيام به'' في إطار برنامج الاستنطاق السري لوكالة الاستخبارات المركزية''، نظرا لأن مكتب المستشار القانوني لوزارة العدل منح مباركته لمجموعة من ''الأشياء'' السرية· وبعد ذلك، اعترف مدير ''سي· آي· إيه·'' ''مايكل في· هايدن'' صراحة -ولأول مرة- بأن هذه ''الأشياء'' تضمنت تقنية ''الإيهام بالغرق'' التي مورست على ثلاثة على الأقل من المشتبه في انتمائهم إلى ''القاعدة''· هل أحس ''هايدن'' بالخجل لكون وكالات الاستخبارات الأميركية لم تكن قادرة على الحصول على معلومات استخباراتية بالغة الأهمية عبر وسائل أخرى عدا التعذيب؟ كلا، بل إنه ألمح -إلى جانب مدير الاستخبارات الوطنية- إلى أن ممارسة ''الإيهام بالغرق'' قد تكون مفيدة ومناسبة في المستقبل مرة أخرى· من جانبه، أبدى البيت الأبيض أيضا عدم اكتراث تجاه ممارسة ''الإيهام بالغرق''، حيث دافع المتحدث باسم البيت الأبيض ''توني فراتو'' عن قانونيتها، مشددا على أن مسألة استعمالنا لهذه الطريقة مع المعتقلين في المستقبل إنما ''تتوقف على الظروف''، بل إنه شدد على أن الرئيس هو الذي يختار، وليس الكونجرس· أما نائب الرئيس ''ديك تشيني''، فقد وصف استنطاق المشتبه فيهم الثلاثة الذين مورست عليهم تقنية ''الإيهام بالغرق'' بأنه ''أمر جيد''· وفي هذه الأثناء، شجع قاضي المحكمة العليا المفضل لدى الإدارة ''أنتونن سكاليا'' الممارسةَ من على خط التماس، حيث اعتبر في مقابلة إذاعية معه أنه، من ''غير المعقول'' افتراض أي قيود دستورية على ''ما يسمى بالتعذيب'' عندما يتعلق الأمر بتهديدات إرهابية ممكنة· بيد أن جهود الإدارة على مستوى العلاقات العامة بخصوص ممارسة ''الإيهام بالغرق''، لا تحظى بكثير من الدعم، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، فقد أعاد أقرب حلفائنا -البريطانيون- التأكيد على أنهم يعتبرون ''الإيهام بالغرق'' شكلا من أشكال التعذيب يحظره القانون الدولي، وهو رأي يقتسمه المفوض الأممي لحقوق الإنسان· وهنا في الولايات المتحدة، ندد المرشحان ''الديمقراطيان'' للانتخابات الرئاسية، ''باراك أوباما'' و''هيلاري كلينتون''، بهذه التقنية واعتبراها تعذيبا، قبل أن ينضم إليهما لاحقا المرشحان الرئاسيان ''الجمهوريان''، ''جون ماكين'' و''مايك هاكبي''، وكان ''ماكين'' اعتبر في أكتوبر 2007 أن ''الإيهام بالغرق'' ''ليس عملية معقدة، بل هو تعذيب بكل بساطة''، وفي ديسمبر ،2007 ضم ''هاكبي'' صوته لصوت ''ماكين'' حين قال إن ''''الإيهام بالغرق'' تعذيب، والتعذيب يتنافى مع القانون الأخلاقي للأميركيين ويعرض أمن البلاد للخطر''· انضم مجلس الشيوخ أواخر الأسبوع الماضي إلى مجلس النواب في تمرير مشروع قانون يحظر على ''سي· آي· إيه'' استعمال ممارسة ''الإيهام بالغرق'' أو أي تقنية استنطاق ''قاسية''، ولكن الرئيس ''بوش'' يقول إنه سيعارض مشروع القانون باستعمال الفيتو الرئاسي، غير أن ما لا أفهمه هو أنه لم يعد أمام ''بوش'' سوى أقل من عام في البيت الأبيض، ومعدلات شعبيته منخفضة جدا منذ مدة، ومع ذلك، فهو يبدو مصمما على مفاقمة مشاكله، وحريصا على أن يتذكره التاريخ باعتباره أول رئيس يأمر صراحة بالتعذيب ويبرره، فهل هذه حقا هي التركة التي يريد أن يخلفها وراءه؟ روزا بروكس كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©