الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تطرح حصصاً من أسهم الشركات الحكومية للاكتتاب العام

مصر تطرح حصصاً من أسهم الشركات الحكومية للاكتتاب العام
7 أغسطس 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - انتهت وزارة الاستثمار المصرية من إعداد برنامج جديد يستهدف تأهيل عدد كبير من الشركات الحكومية، وطرح حصص تتراوح بين 10 و15% من أسهمها عبر عمليات اكتتاب عام في بورصة الأورق المالية للحصول على تمويل يجري استخدامه في توسيع استثمارات هذه الشركات واستكمال مشروعاتها المتوقفة. وتقتصر عمليات الاكتتاب في أسهم هذه الشركات على المستثمرين المصريين الأفراد، وعدم السماح للمؤسسات المالية أو صناديق الاستثمار بالاستحواذ على هذه الأسهم حتى لا يعتبرها البعض عودة إلى الخصخصة أو بيع الشركات العامة للمستثمرين ورجال الأعمال. ويستهدف البرنامج معالجة الأوضاع المالية المتعثرة لبعض الشركات الحكومية، وعجز بعضها الآخر عن الحصول على تمويل لأنشطتها من البنوك بسبب حصول هذه الشركات على الحد الأقصى للإقراض مقارنة بمراكزها المالية ورؤوس أموالها. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن نشرات طرح أسهم هذه الشركات سوف تتضمن العديد من الشروط تتمثل في احتفاظ حامل السهم بملكيته لمدة زمنية لا تقل عن عام لضمان عدم حدوث مضاربات على أسعار هذه الأسهم أو وقوعها في حوزة كبار المستثمرين أو صناديق استثمار مصرية أو أجنبية عبر عمليات جمع الأسهم من سوق التداول، كما تتضمن هذه الشروط تمويل عمليات الشراء ذاتياً أي عدم الاقتراض من البنوك بضمانها أو قيام شركات السمسرة بإقراض عملائها لشراء هذه الأسهم فيما يجري التفكير حالياً في دراسة وضع سقف لكمية الأسهم المسموح بشرائها لكل فرد أو مجموعة من الأفراد المرتبطين وفقاً لمفاهيم الارتباط القانوني وتشابك المصالح، حسب القانون 95 لسنة 1992. وحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن برنامج وزارة الاستثمار يتضمن قائمة تشمل 34 شركة عامة تتوزع مجالات عملها على الصناعة والزراعة والخدمات، السياحية على وجه الخصوص، تمثل النسبة المقرر طرحها من أسهمها نحو ثلاثة مليارات جنيه. ومن المقرر أن يجري طرح هذه الحصص تباعاً في السوق ووفق جدول زمني محدد مدته 6 أشهر والسماح للشركات المصدرة لهذه الأسهم بإعادة شراء الأسهم وفق نظام “أسهم الخزينة” حال تحسن المراكز المالية لها وتوافر السيولة المالية التي تمكنها من استعادة هذه الأسهم من السوق مرة أخرى باعتبار أن البرنامج يهدف بالدرجة الأولى إلى توفير سيولة مرحلية تساعد الشركات على تجاوز الأوضاع الصعبة الراهنة ومنحها القدرة على الاستمرار في ممارسة نشاطها من دون الاضطرار إلى التوقف أو تجميد مشروعاتها أو فقدان أسواق تصديرية نجحت في الحصول عليها في أوقات سابقة وحققت فيها وجوداً. ويعوق قصور عمليات الإنتاج الراهنة وفاء هذه الشركات بتعاقداتها التصديرية ورغم إمكانية حدوث اعتراض من جانب بعض القوى السياسية على طرح أسهم الشركات العامة فإن وزارة الاستثمار تمضي قدما في المشروع وتقوم حالياً بمراجعة أخر ثلاث ميزانيات للشركات التي وقع الاختيار على البدء في طرح حصص من أسهمها عبر عمليات الاكتتاب العام المرتقبة. وتراهن وزارة الاستثمار على أن فكرة أسهم الخزينة وإمكانية استعادة الشركات لكميات الأسهم حال تحسن أوضاعها المالية يخفف حدة المعارضة السياسية للمشروع؛ لأن عمليات الطرح حلول مؤقتة وجزئية لمعالجة مشاكل تضغط بقوة على أداء الشركات العامة. وقد تدفع بعض هذه الشركات إلى العودة مجدداً إلى دائرة الخسائر بعد أن كانت قد بدأت تحقق أرباحاً جيدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة باستثناء العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي والذي شهد تراجع أرباح بعض هذه الشركات نتيجة تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي بصفة عامة. الموقف المالي وتؤكد وزارة الاستثمار أن البرنامج الجديد لا يعد نوعاً من الخصخصة، ولكن ما يتم حل اضطراري نتيجة تأزم الموقف المالي للعديد من الشركات العامة، وهي الأزمة التي تعود إلى عدد من العوامل منها زيادة أجور العمال وتراجع المبيعات وفقدان أسواق التصدير وارتفاع أسعار المواد الخام، إلى جانب ارتفاع تكلفة التمويل البنكي بعد ارتفاع أسعار الفائدة خلال العام الأخير، إلى جانب رفض البنوك الاستمرار في منح قروض لمعظم الشركات العامة خلال الفترة الأخيرة في إطار سياسات التحفظ الائتماني التي تتبعها البنوك بصفة عامة على خلفية استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد ونتيجة تراجع حجم السيولة المتاحة أساساً للبنوك بفعل عمليات السحب المتتالية من جانب البنك المركزي ووزارة المالية عبر إصدار سندات وأذون الخزانة لتمويل عجز الموازنة العامة للبلاد وتفضيل البنوك توظيف ما تبقى لديها من سيولة في قروض الأفراد الأكثر ربحية والأقل مخاطرة نظراً لتوزيعها على مئات الآلاف من العملاء في كل بنك. الأصول غير المستغلة في الوقت نفسه، فإن عمليات بيع الأصول غير المستغلة خاصة الأراضي والعقارات لدى الشركات العامة تواجه صعوبات شديدة في الوقت الراهن بسبب حالة الركود المسيطرة على الأسواق والغموض الذي يكتنف المشهد العام والحذر الذي يسيطر على قرارات المستثمرين مما جعل مزادات بيع الأراضي والعقارات تتعرض للفشل أكثر من مرة ومن ثم اصبح البديل الوحيد المتاح أمام الشركات العامة هو طرح حصص من أسهمها في بورصة الأوراق المالية للحصول على السيولة اللازمة لاستمرار أنشطتها وضمان عدم عودتها مرة أخرى لدائرة الخسائر. ويرى خبراء اقتصاديون أن برنامج وزارة الاستثمار يمثل الحل الأخير لإنقاذ هذه الشركات وأن عمليات طرح الأسهم في اكتتاب عام وقصر الاكتتاب على المصريين الأفراد من شأنه أن يمثل ضمانه لإمكانية استعادة هذه الأسهم لحوزة الشركات المصدرة في حال تحسن أوضاعها المالية، وبالتالي فإن آلية أسهم الخزينة كفيلة بجعل هذا الإجراء مؤقتاً ومرهوناً بالظروف الحالية. ويؤكد الخبراء أن هذا البرنامج ينطوي على بعض الجوانب الإيجابية المتمثلة في توفير بضاعة جديدة وجيدة لسوق المال قد تسهم في جذب مستثمرين جدد للسوق وأن قصر عمليات الاكتتاب على المستثمرين الأفراد يحفز أفرادا آخرين على دخول البورصة سواء من بين العاملين بهذه الشركات والذين يعرفون قدراتها الإنتاجية جيداً أو من بين دوائر المتعاملين مع هذه الشركات سواء كانوا من الموردين أو غيرهم خاصة وأن هذه الشركات تعمل في أنشطة متنوعة سواء كانت صناعية أو خدمية أو غيرها. شح التمويل ويرى رائد علام الخبير التمويلي أن مأزق الشركات الحكومية المصرية حالياً هو جزء من مأزق الاقتصاد الكلي بسبب استمرار غموض الموقف السياسي بالبلاد وبسبب عزوف البنوك عن ضخ تمويل. وقال: هذه هي المشكلة الأكبر؛ لأن الفرص قائمة ولا تجد من يستغلها فهذه الشركات العامة لديها قواعد إنتاجية لا بأس بها ولديها حصص سوقية وعملاء وموردون ولكنها تعاني نقص السيولة؛ لأنها كانت تعتمد على البنوك بصفة أساسية للحصول على تمويل عملياتها التشغيلية عبر النظام المعروف بالسحب على المكشوف وكانت تسدد ما تقوم باقتراضه بعد بيع منتجاتها، وكانت الأمور تمضي على هذا النحو حتى قررت البنوك فجأة وقف التمويل لهذه الشركات سواء لأسباب موضوعية أو أسباب تتعلق بعدم رغبة البنوك في مزيد من التورط التمويلي مع هذه الشركات. ومضى يقول: بالتالي كان لا بد من البحث عن بدائل لضمان استمرار النشاط وكان البديل الأفضل هو التخلص من الأصول غير المستغلة لكن عمليات البيع تواجه صعوبات شديدة ومن ثم أصبح من الضروري اللجوء إلى الحل الأخير، وهو طرح جانب من أسهم هذه الشركات للبيع في بورصة الأوراق المالية، وهذا نوع من الخصخصة الجزئية سواء اعترفت وزارة الاستثمار بذلك أو لم تعترف والمشكلة التي قد يواجهها هذا البرنامج هي عجز الشركات عن استرداد هذه الأسهم لاسيما حال ارتفاع أسعارها أو تحسن أداء سوق المال بصفة عامة أو تقويمها وبيعها بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية لضمان البيع والحصول على السيولة المطلوبة. وأضاف: هنا قد تدخل الشركات المصدرة للأسهم لإعادة شرائها من السوق وقد تنجح وقد تفشل وفي حالة فشلها في استعادة هذه الأسهم سوف تفاجأ في اقرب جمعية عمومية بمن يحوز نسبة 5% أو أكثر من أسهمها ويطالب بوجوده في مجلس إدارة الشركة التي ستظل شركة عامة. وقال: هنا ستكون المشكلة الكبرى ولا بد من البحث عن سيناريوهات لمواجهة مثل هذا المأزق الذي قد يحدث بنسبة 90%، ويترتب على مثل هذا الموقف مشكلات متعددة سواء للشركة أو لحائزي الأسهم أو لوزارة الاستثمار ذاتها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©