الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمم المتحدة في كوسوفو: إعادة الممتلكات لأصحابها

الأمم المتحدة في كوسوفو: إعادة الممتلكات لأصحابها
16 فبراير 2008 23:57
كان الطفل الألباني ذو التسعة أعوام، يصرخ بأعلى صوته إلى أن علا وجهه الاحمرار، كان يقرع بقبضته الصغيرة باب المنزل -الذي كان يعتبره قبل لحظات فقط بيت العائلة- صائحا وهو يبكي:''هذا بيتنا! دعوني أدخل''، قبل أن ينهار أمام الباب الذي أغلقته الشرطة للتو ووضعت عليه شريطا أصفر· عملية الإخلاء السريعة لأسرة هذا الطفل كانت من عمل ''تونكو زورليف'' -البلغاري الصارم الذي يقود فريق الإخلاء الذي شكلته الأمم المتحدة في كوسوفو في 2006- لأجل إعادة الأملاك إلى أصحابها القانونيين؛ وحسب ''زورليف'' فإن العائلة كانت تحتل منزلا صربيا بشكل قانوني، وبينما كان الحداد منهمكا في تغيير قفل باب المنزل، كانت الأسرة تسرع بجمع أمتعتها وأغراضها ونقلها إلى الشارع: خزانة صدئة، ودمية أطفال، وستة أزواج من الأحذية، وطاولة وكراس، وقفت المرأة وأبناؤها تحت المطر، بينما كان البخار ينبعث من إبريق شاي مازال دافئا فوق الموقد في الداخل، وتقول ''كاميلي نوهيو'' -42 عاما-: ''ليس لدينا مكان لنذهب إليه، وليس لدينا مال، ماذا سنفعل؟'' أما الطفل، ويدعى ''فالون''، فهو واحد من أبنائها الخمسة، وحسب ''نوهيو''، فإن زوجها عاطل عن العمل، وقد كانت الأسرة تعيش في المنازل التي هجرها الصرب في هذه البلدة الزراعية الفقيرة، التي تبعد بحوالي 35 ميلا عن بريشتينا، منذ الفترة التي أعقبت حملة القصف الجوي التي أطلقها حلف الناتو لوقف قمع ''سلوبودان ميلوسيفيتش'' لسكان كوسوفو الألبان، وقد قدموا إلى ''جيلان'' من مدينتهم الأصلية ''بريسوفو''، حيث دخل الصرب في اشتباكات مع الألبان بعد حملة القصف الجوي التي أطلقها الناتو· مع استعداد كوسوفو للإعلان عن الاستقلال عن صربيا، في فصل مثير من مسلسل صراع طويل وعنيف حول من يسيطر على هذه الأرض ويمتلكها، فإن جهود استعادة الأملاك تكتسي أهمية قصوى؛ فلدى العديد من السكان على جانبي الانقسام العرقي في كوسوفو -والذين يمثل الألبان نحو 95 في المائة منهم ضمن ما كان يعد قلب الامبراطورية الصربية خلال القرون الوسطى- حكايات عن سرقة الأملاك وأعمال أخرى غير قانونية تعود إلى عقود، بل قرون، خلت· اليوم، تحاول الأمم المتحدة تصحيح أحدث هذه الأعمال غير القانونية التي ارتُكبت خلال الحرب الأهلية في 1998 و،1999 حين فر مئات الآلاف من الألبان والصرب من منازلهم في هذه المنطقة الفقيرة، ليستولوا على منازل ليست لهم، وتبرز محاولة تصحيح هذه الأعمال غير القانونية التحديَ الذي يواجه مناطق النزاعات عبر العالم، حيث يعتبر تأمين حق الأقليات العائدة في استرجاع منازلها أمرا أساسيا بالنسبة لإعادة الإعمار في البلدان متعددة العرقيات مثل رواندا والعراق، أما في حالة كوسوفو، فقد عاد نحو 18 ألف شخص، من أصل 250 ألفا من الصرب والغجر وغيرهم ممن نزحوا عن ديارهم منذ ،1999 إلى منازلهم، وذلك حسب منظمة ''هيومان رايتس ووتش'' الحقوقية التي تشير إلى عدم قدرة اللاجئين على العودة إلى منازلهم باعتبارها واحدة من أكبر العقبات· وبينما كانت أسرة ''نوهيو'' تحاول جاهدة جمع أغراضها، أعرب ''سامي ميفتري'' -31 عاما، وهو جار ألباني طُرد بدوره من المنزل المجاور- عن رأي مختلف، مؤداه أن احتلال المنازل بشكل غير قانوني في كوسوفو -حيث تقدر المصادر الحكومية نسبةَ البطالة بـ60 في المائة ومتوسط الدخل الشهري بـ240 دولارا- يمثل الطريقةَ الوحيدة ربما للبقاء على قيد الحياة، إذ قال: ''إن طردنا ليس عدلا··· إنه انتقام''· غير أن ''زورليف'' شدد على أنه لا يقوم سوى بإعادة القانون والنظام إلى منطقة تمزقها النزاعات الدامية حول الأرض قائلا: ''إن تشريد العائلات ليس أمرا ممتعا، غير أنه إذا كانت كوسوفو تريد أن تكون بلدا مستقلا، فعلى الناس أن يتعلموا احترام القانون، وإلا، فإن هذا البلد سيبقى ''الغرب المتوحش''''· منذ ،2001 نظرت ''لجنة الأملاك في كوسوفو'' وسابقتها، ''مديرية السكن والأملاك'' التابعة للأمم المتحدة، في 29 ألف شكوى، أي نحو 90 في المائة منها رفعها صرب احتُلت منازلهم بشكل غير قانوني من قبل الألبان· وحسب ''لارس أولسن'' -النرويجي المتحدث باسم وكالة الملكية- فإن 17500 ملكية أعيدت إلى أصحابها القانونيين؛ وتتوقع لجنة الملكية، التي ستتواصل صلاحيتها تحت رعاية الاتحاد الأوروبي، تسوية 40 ألف قضية إضافية بحلول ·2010 ويلفت ''زورليف'' -الذي يشرف على عمليات الإخلاء برفقة حداد وعدد من العمال ومترجم وضباط شرطة محليين- إلى أن عملية الإخلاء يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر، ومن ذلك المقاومة التي يبديها محتلو المنازل بشكل غير شرعي، مضيفا أن الأمور تنحو منحى خطيرا عندما يكون المطرودون جنودا سابقين في ''جيش تحرير كوسوفو''، المنظمة الانفصالية التي حاربت الصرب؛ وهنا يتذكر ''زورليف'' عملية إخلاء حديثة في ''أوبيليتش'' -منطقة صناعية فقيرة خارج بريشتينا- قائلا: إن مقاتلا سابقا ضمن صفوف ''جيش تحرير كوسوفو'' قام باستدعاء أصدقائه ليجد فريق عملية الإخلاء نفسه محاصرا، وقال ''زورليف'' إن الشرطي حوصر أمام باب الشقة إلى أن جاءت التعزيزات الأمنية· أما ''سيجدي هاكسهولي'' -ضابط شرطة يشرف على عمليات الإخلاء- فيقول إنه يجد صعوبة كبيرة في المساهمة بطرد أفراد من شعبه، مضيفا: ''إنه الجزء الصعب من العملية -فأنا أعرف هؤلاء الأشخاص، والجميع يعرفني''···''والآن، عليّ أن أطردهم، نساء وأطفالا''· دان بيليفسكي- كوسوفو ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''نيويورك تايمز''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©