الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أدبيات الحوار بين الإسلام والغرب مرتكزات أساسية لحوار الأديان

أدبيات الحوار بين الإسلام والغرب مرتكزات أساسية لحوار الأديان
18 أكتوبر 2006 23:46
الاتحاد - خاص: لقيام حوار أديان بناء وصريح يجب وضع مرتكزات حقيقية يقوم عليها تتسم بالموضوعية للوصول الى الغايات المطلوبة منه· لذلك يطالب كثير من المفكرين البحث بجدية عن هذه القواعد اللازمة وآليات تحقيقها ثم تقريبها وترجمتها علي أرض الواقع كي نلتمس عن قرب نتائجها وثمارها· وقام عبد الرازق الحربي بتحديد مجموعة من المرتكزات في دراسته ''رؤية إسلامية لمشكلات سياسية - حوار الأديان··· الآفاق والمعطيات''· أبرزها، ما يوصف باستحضار النية الصادقة عند أطراف الحوار في الوصول الي أوجه التقارب ونبذ الخلافات المعرقلة التي تقف في وجه الحوار· وإعطاء الأنبياء المرسلين (موسي وعيسي ومحمد) من خلال أفعالهم وأقوالهم المنزلة المرتبة الأولي التي يرتكز عليها الحوار، والابتعاد عن تأويل أقوالهم بما لا يخدم لغة الحوار السليمة المتطلعة الي خدمة الإنسانية للتعايش بمحبة وسلام وهذا يعني اعترافا متبادلا بين الأديان برسلها وكتبها المقدسة· وجعل الأصول والأركان المتفق عليها بين الأديان منطلقا الي حوار أساسه رفاهية كل الشعوب حتي تتضح بعض ملامح الوحدة المشتركة بين المؤمنين الذين تجمعهم صلاة واحدة لخالقهم· الى جانب وضع برنامج عمل واقعي، مع الأخذ في الاعتبار بعض الأعراف عند الشعوب التي لا تصطدم مع المفهوم العام للمعروف والمنكر، مع بيان أوجه الغاية من جلب المعروف ودفع المنكر مما يساعد ذلك جمهور الناس علي بيان وفهم جدوي الحوار ومدي أهميته· ومن الضرورى محاربة الإلحاد بكل أوجهه المختلفة، وإجهاض كل محاولات التقارب معه·ونشر البحوث والمقالات وإصدار الدوريات التي تدعم أوجه التقارب بين الأديان بحيث يعهد الي كبار العلماء والمفكرين الإشراف عليها بحوثا ومراقبة وتقييما لكل النتاجات التي تخدم مسيرة الحوار· وقد رفع الإسلام شعار الحوار بين الأديان الذي يقوم أساسه علي الاعتراف المتبادل والاحترام والمساواة وصولاً بالمسيرة الإنسانية الي التكاتف بغية بناء جسور من المحبة والمؤاخاة دونما فرق بين القوميات والجنسيات· والإسلام لأنه خاتمة الأديان فهو دين متكامل لحياة شاملة يحمل بين طياته حلولاً لمشكلات الاختلاف بين وجهات نظر أصحاب الأديان· فهو الدين الوحيد الذي أعلن اعترافاً صريحاً بالأديان السماوية وأعطى لأنبيائها وكتبها المقدسة المكانة الرفيعة وجاهر بالدفاع عنها· لقد رسم الإسلام لوحة تعبيرية رائعة عندما اختار أسلوب الحوار لإيضاح الفكر البشري وانتمائه بالتراث الإلهي، وانه بغير حرية المشيئة للإنسان لا يمكن أن يكون هناك عدل وتفاهم بين أصحاب الأديان ولا يمكن ان نتقدم تقدماً حقيقياً نحو أرضية صلبة تنشدها كل الشعوب دونما تمييز إلا تحت ظل وحدانية الله لنكون مؤمنين بالقناعة الحقيقية للخلاص من الظلم والجودة والاستبداد· وهي دعوة ليس فيها إكراه او تحايل علي العقول، وانما هي دعوة صريحة الي استشراق عالم ملؤه السلام والعدل، وقد خاطب القرآن الكريم الرسول الأمين صلي الله عليه وسلم بدعوي الحث الهادئ المقنع للنفوس دونما إكراه، فقال تعالي (أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين)· وقال تعالي (وجادلهم بالتي هي احسن)· وفي مجمل الآيات خطاب بليغ من اللدن الإلهي لنبينا محمد صلي الله عليه وسلم بأسلوب بياني جميل يوضح فيه عمق الفكر الإسلامي وجديته في عدم استخدام الاساليب القسرية في الرضوخ الفكري للعقول البشرية، فالسيطرة هنا تتمثل في أسلوب الإقناع والحجة المرضية الصادرة عن الطرف الأول، والاستجابة لمنطق العقل الناطق بالحكمة والموعظة الحسنة من الطرف الثاني والمجادلة بالتي هي أحسن وصولا بالبشرية الي بر الإيمان والامان وهي دعوة كل الأنبياء والرسل الذين اخذ الله ميثاقهم واقرارهم عليها· ويقول عبد الرازق الحربي ما أجدرنا نحن المسلمين في حمل رسالة الحوار وإشاعة روح المحبة والسلام بين ربوع المعمورة بعد ان نعتنا الله عز وجل بخير الناس فقال تعالي (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)· وفي الإسلام ضمان لجميع الحقوق ودعوة الي السلام العام بين البشر· ولم يكن العنف ولغة الضعف والحقد شعار المسلمين بل السبيل بالحكمة والرشاد هو ما يمثل المواقف الثابتة للمسلمين· قال تعالي (قل هذه سبيلي ادعو الي الله على بصيرة انا ومن اتبعني)· وجعل الإسلام ميزان العمل الفعلي المفعم بالتقوي هو الحد الفاصل في المفاضلة بين الناس قال تعالي (ان أكرمكم عند الله اتقاكم)· ولكي يكون الحوار (الأديان أو الحضارات) ناجحاً اشترط روجيه غارودي ضرورة التخلص من الأفكار السابقة التي ترى أفضلية للحضارة الغربية على غيرها من الحضارات واعتبار أن الغرب هو الذي يقرر والآخر عليه التنفيذ· وأن تحتل الحضارات غير الغربية في الدراسات مكانة متساوية في الأهمية على الأقل لمكانة الثقافة الغربية· والاعتراف بأن كل حضارة لها هويتها الخاصة بها· وعليه فإن التمسك بالثقافة الخاصة شرط ضروري للحوار، قبل أن يبدأ المرء في حوار الآخر· إلى جانب تمسك كل حضارة بثقافتها وهويتها الخاصة، يجب أيضاً الاعتراف بالآخر، بمعنى تقبل ما يكون عليه الآخرون· والاعتراف بنسبية الحقائق، بمعنى أن الآخر قد يعيننا على وعي حدود رؤيتنا للعالم· ويتطلب الحوار أن يكون كل طرف مقتنعاً بأن ثمة شيئاً يتعلمه من الطرف الآخر·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©