الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفارابي ··أكبر فلاسفة المسلمين أتقن 70 لساناً

الفارابي ··أكبر فلاسفة المسلمين أتقن 70 لساناً
17 أكتوبر 2006 23:36
''الاتحاد''- خاص الفارابي، أو Alpharabius لدى العلماء اللاتين، هو أكبر فلاسفة المسلمين على الإطلاق، حيث أطلق عليه معاصروه لقب ''المعلم الثاني'' نظرا لاهتمامه البالغ بمؤلفات الفيلسوف ''أرسطو'' الذي عُرف بـ''المعلم الأول''، وشرحها والتعليق عليها وإضافة الحواشي إليها· ولد محمد بن محمد بن طرخان بن أوزلغ، أبو نصر الفارابي سنة 260 للهجرة بمدينة ''فاراب''، وهي من بلاد الترك في ما وراء النهر بأرض خراسان (وتعرف اليوم بتركستان) حيث كان والده التركي أحد قادة الجيش· درس الفارابي في مسقط رأسه عدداً من التخصصات كالعلوم والرياضيات والآداب والفلسفة واللغات، لاسيما التركية والفارسية واليونانية والعربية· ويذكر ابن خلكان أنه أتقن 70 لسانا لكن المبالغة تكتنف هذا الرقم على الأرجح· ثم رحل الفتى عن فاراب وهو لا يزال حديث السن نحو العراق حيث انكب، في بغداد، على المطارحات اللغوية مع ابن السراج ودراسة المنطق على أبي بشر متى بن يونس قبل أن يرتحل إلى مدينة حران ليدرس الفلسفة والمنطق والطب على يد طبيب مسيحي يدعى ''يوحنا بن حيلان''· كما درس العلوم الالسنية العربية والموسيقي· وبعد فترة، رحل الفتى إلى مصر والشام فالتحق بقصر سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد اللَّه بن حمدان التغلبي، أمير حلب، الذي أكرمه إكراماً كثيراً وعظمت منزلته عنده وكان له مؤثراً، حيث تبوأ عنده مكانة مرموقة بين العلماء والأدباء والفلاسفة· رياضي فذ وموسيقي بارع وكان الفارابي، إلى جانب الفلسفة، رياضياً فذاً وموسيقياً بارعاً· غير أن شهرته الحقيقية كانت في مجال الفلسفة، حيث أتقن العلوم الحكمية وتميز بمحاولة التوفيق بين فلسفة أرسطو وفلسفة أفلاطون من جهة وبين الدين والفلسفة من جهة أخرى، فضلا عن إدخاله مذهب الفيض في الفلسفة الإسلامية ووضع بدايات التصوف الفلسفي· وقد نقل عن الفارابي في معنى اسم الفلسفة أنه قال ''اسم الفلسفة يوناني وهو دخيل في العربية، ومعناه إيثار الحكمة، وهو في لسانهم مركب من فيلا ومن سوفيا، ففيلا الإيثار وسوفيا الحكمة''· وكانت للفارابي صولات وجولات في الرياضيات والطب والفيزياء· إذ برهن للمرة الأولى في الفيزياء على ''وجود الفراغ''، وألف كتابه ''إحصاء العلوم'' الذي وضع فيه المبادئ الأساسية للعلوم وتصنيفها إلى مجموعات وفروع، وبين مواضيع كل فرع وفوائده· وقد تأثر به كل من ابن سينا وابن رشد· وكانت للرجل قدرة كبيرة على صناعة الطب وعلم غزير بأموره العامة، إلا أنه لم يمارس هذه المهنة ولا حاول التعمق في جزئياتها· أما في الموسيقى، فقد تميز الفارابي بتأليفه رسالة جعل منها النواة الأولى لفكرة اللوغاريتم حسب ما جاء في كتاب ''تراث الإسلام''· ويقول كارا دي aؤ Carra de Vaux بهذا الصدد: ''أما الفارابي، الأستاذ الثاني بعد أريسطو وأحد أساطين الأفلاطونية الحديثة التي وعت فلسفة الأقدمين، فقد كتب رسالة جليلة في الموسيقى، وهو الفن الذي برز فيه، نجد فيها أول جرثومة لفكرة النسب (اللوغارتم)، ومنها نعرف علاقة الرياضيات بالموسيقى''· الانغلاق على الذات من جانبها، ركزت زغريد هونكه على الفكرة نفسها حين تقول: ''إن اهتمام الفارابي بالموسيقى ومبادئ النغم والإيقاع قربه قاب قوسين أو أدنى من علم اللوغاريتم الذي يكمن بصورة مصغرة في كتابه ''عناصر فن الموسيقى''· تمكن الفارابي من شرح كتاب ''المجسطي'' في علم الهيئة للعالم اللاتيني ''بطليموس'' وشرح المقالتين الأولى والخامسة من كتاب ''إقليدس'' في الهندسة، وتأليف كتب في ''المدخل إلى الهندسة الوهمية'' و''كلام في حركة الفلك'' ومقالة في ''صناعة الكيمياء''· كما ألف ''كتاب إحصاء العلوم'' الذي قسم فيه العلوم إلى ثماني مجموعات، فذكر فروع كل مجموعة وموضوع كل فرع وأغراضه وفوائده· وقد ترجم العالم ''جيرار الكريموني'' هذا الكتاب إلى اللاتينية· وألف الفارابي كذلك ''كتاب الموسيقى الكبير'' الذي شرح فيه مبادئ النغم والإيقاع، ناهيك عن عدد كبير من المؤلفات الأخرى في الفلسفة والمنطق أشهرها ''آراء أهل المدينة الفاضلة'' و''الجمع بين رأيي الحكيمين أفلاطون الإلهي وأرسطوطاليس''، وهو كتاب يوفق فيه بين آراء هذين العالمين· ومن المعتقد على نطاق واسع أن أكثر الكتب التي ألفها الفارابي في شتى العلوم والفنون لا تزال غير معروفة في الخزائن والمكتبات إن لم تكن ضاعت على مر السنين· الجودة والكمال في الموسيقى ومن أبرز الكتب المعروفة حاليا للفارابي ''كتاب الموسيقى الكبير'' الذي تم تحقيقه وطبعه وترجمته إلى عدة لغات أوروبية· وقد اهتم الباحثون العرب والأوروبيون بها الكتاب لكونه الوحيد للفارابي المتوفر حاليا في علم الموسيقى وأهم المؤلفات في مجال الموسيقى العربية· ويعكس هذا الكتاب البعد الفكري عند الفارابي الذي يرى أن كلمة ''موسيقى'' في الاستعمالات العادية للغة تدل على الألحان وأن ''اللحن هو كل مجموعة من الأنغام رتبت ترتيبا محددا، منفردة أو مقترنة بالكلام''· ويضيف أن ''الموسيقى من حيث هي صناعة أو فن شامل تشتمل على الألحان والمبادئ التي بها تلتئم وبها تكتسب الجودة والكمال· وليست صناعة الموسيقى إذن صناعة ألحان فحسب، بل تضم كذلك الأسس النظرية التي تبنى عليها الجودة والكمال'' ويقسم الفارابي الموسيقى إلى قسمين: نظري يعكس تصورات صادقة في النفس، وعملي هو عبارة عن إحداث الألحان بأدائها أو صياغتها· ثم يوضح العلاقة الجامعة بين فني الموسيقى النظرية والعملية فيقول إنها وثيقة مزدوجة قوامها التحليل والتركيب· كما يقارن الرجل بين موسيقى الإنسان وموسيقى الطبيعة، فيقول إن الإنسان استحدث الموسيقى تجاوبا مع فطرته المركزة في جبلته، فتصوت تعبيرا عن أحوالها اللذيذة والمؤلمة كما هو الشأن بالنسبة لنزوع الإنسان إلى الراحة إذا هو تعب· ذلك أن الموسيقى تنسي الإنسان تعبه لأنها تلغي إحساسه بالزمان الذي ترتبط به الحركة التي تولد التعب· أما تأثير الموسيقى على النفس فيقسمه الفارابي إلى ثلاثة أنواع، حيث يذكر ''الألحان الملذة''، وهي التي تكسب النفس لذة وراحة فحسب، و''الألحان المخيلة''، وهي التي تحدث في نفس الإنسان تخيلات وتصورات مثل ما تفعل التذاويق والتماثيل المحسوسة بالبصر، والألحان الانفعالية التي تزيد الانفعال أو تنقصه· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©