السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

زين الدين زيدان الأستاذ

زين الدين زيدان الأستاذ
15 أكتوبر 2006 01:37
وضعه بيليه ضمن أفضل خمسة لاعبين في تاريخ كرة القدم ومنحه لقب ''الأستاذ''، وصفه ميشيل بلاتيني بالرائع الذي يبتكر الجديد في كل مباراة، وأطلق عليه ميشيل دينيسو مذيع قناة كنال بلوس الفرنسية الزعيم، واختاره الاتحاد الأوروبي كأفضل لاعب في النصف قرن الأخير· زين الدين زيدان هو الأستاذ والرائع والزعيم والساحر والمبدع والفنان والمايسترو، أعاد كتابة تاريخ الكرة الفرنسية ورسم بموهبتة الاستثنائية اجمل لوحات الإبداع في ملاعب الكرة واحتلت كل أعماله مكانة بارزة في متحف التاريخ الكروي مع بيليه ومارادونا وكرويف وديستفانو وبلاتيني · ترك الملاعب وعلق الحذاء على الحائط بعد مونديال المانيا 2006 ولكن إنجازاته التي سطرها خلال 16 عاماً لن تغادر ذاكرة عشاق كرة القدم لسنوات طويلة، ومع إبداعات زيدان نتوقف في أهم المحطات من خلال أحدث كتاب صدر عن قصة حياة استاذ كرة القدم · في قلعة ريال مدريد يختلط لاعبو الكرة العاديون بالنجوم السوبر والهدف في نهاية الأمر النهوض بصورة النادي داخلياً وخارجياً، واستثمار هذه الصورة أفضل استثمار لتعويض الملايين التي تدفع في سبيل ضم أكبر نخبة من النجوم السوبر· وعندما التحق زين الدين زيدان بالنادي الملكي الاسباني في صيف ،2001 أصبح نجماً كامل الأوصاف وعليه واجبات والتزامات تتجاوز الإطار الخاص بكرة القدم كلعبة، فلا يمكن أن يكون ''زيزو'' لاعب كرة القدم الأغلى في العالم دون أن يكون هناك مقابل لذلك· كان زيدان يعلم جيداً أن صفقة انتقاله الخرافية (75 مليون يورو) سترغمه على القيام بمثل هذه الواجبات والالتزامات·· وعليه أولاً أن يبرر - كلما أمكن ذلك - جدارته وأحقيته بمثل هذا المبلغ المدفوع فيه، وعليه أيضا أن يستوعب ويتفهم الاستراتيجية الاقتصادية لنادي العاصمة الاسبانية والمتمثلة في استقدام نجم سوبر كل عام ثم إعادة استثماره لصالح النادي· وخلال المفاوضات التي سبقت انتقال زيدان إلى ريال مدريد، وافق مثله مثل الآخرين على أن يرد للنادي جزءاً من حقه في استغلال صورته بمعنى أن يوافق على أن يقوم مسؤولو النادي ببيع صورته سواء على فانلات تحمل رقمه أو منتجات أخرى مختلفة لحساب النادي وهكذا يسترد النادي بذكاء جزءاً من قيمة العقد الذي دفعه نظير انتقاله من فونتوس إلى ريال مدريد· وكان ريال مدريد يبيع سنوياً 500 ألف فانلة منقوش عليها الرقم خمسة رقمه في النادي، وتسويقها في فرنسا وأوروبا ودول المغرب العربي· وهكذا أصبح زيدان، مثله مثل رونالدو وبيكهام وأوين الذين وصلوا من بعده في المواسم التالية، كان زيدان لاعباً في خدمة النهوض بناديه، إلى جانب المشاركة في جولات تسويقية مختلفة وخاصة في اليابان ودول شرق آسيا حيث ترتفع شعبية ريال مدريد ونجومه هناك، وأيضاً في أميركا الشمالية، مع اقامة مباريات استعراضية وفيها تمتلئ الاستادات عن آخرها بالجماهير، ويضمن ريال مدريد خلال هذه الجولات بيع المنتجات المختلفة التي تحمل صور زيدان وبقية نجوم الفريق· السلبية الوحيدة لهذه الجولات الاستعراضية انها كانت تنهك قوى النجوم وتستنفد طاقاتهم لأنها تضاف إلى جدولهم المشحون أصلاً بالمباريات الكثيرة سواء مع النادي في الدوري والكأس وغيرها من البطولات المحلية، أو في دوري الأبطال الأوروبي، أو مع المنتخب الوطني ·· ولكن من يستطيع أن يعترض على هذه الجولات الاستعراضية ؟ صحيح أنها تشكل بعدأ إضافياً على نجمنا، الا أنها جزء من الوظيفة أو المهنة التي يقوم بها زيدان في مدريد· المجد لزيدان وإذا كانت الألقاب التي حصل عليها زيدان مع المنتخب الفرنسي أو الأندية التي لعب لها عديدة وكثيرة، فإن جوائزه وألقابه الشخصية لا تقل عنها بأي حال ولعل أبرزها حصوله في عام 2004 على جائزة أفضل لاعب في الـ 50 سنة الأخيرة· صحيح أن كرة القدم لعبة جماعية، ولكن في حالة زيدان وأمثاله الذين يمكنهم أن يغيروا سير مباراة أو يقلبوا نتيجتها في أية لحظة، علينا أن نتساءل من جديد: هل كرة القدم حقاً لعبة جماعية؟! ومن أبرز الجوائز التي حصل عليها زيدان جائزة وسام جوقة الشرف الذي انعم به عليه في قصر الاليزيه الرئيس الفرنسي جاك شيراك يوم 14 يوليو 1998 بعد يومين فقط من احتفالات الفوز بكأس العالم· المجد لزيدان ·· جملة رددتها الصحافة الفرنسية بوجه خاص، والعالمية بوجه عام ·· فهو لاعب الشهر تارة وأفضل أجنبي في بطولة الدوري تارة أخرى، وصاحب أفضل لمسة أو تمريرة تارة ثالثة ··· إلخ الكثير من الألقاب والأوسمة والتتويجات على امتداد مشوار زيدان سواء في إيطاليا أو اسبانيا ·· مع يوفنتوس تورينو ''السيدة العجوز'' أو مع ريال مدريد ''البيت الأبيض الملكي'' ·· احتكار شبه كامل للألقاب والميداليات والبطولات· ومقابل كل هذا كان تتويجه ملكاً للكرة الأوروبية في أغلب الاستفتاءات· وكان طبيعياً أن يسفر استطلاع الرأي الذي أجراه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عن اختيار زيدان كأفضل لاعب أوروبي في الخمسين سنة الأخيرة ·· وبعدها بشهر واحد توجته شبكة بي· بي· سي كأفضل لاعب أوروبي في التاريخ الكروي على اطلاقه من خلال استطلاع للرأي أجرته هذه الشبكة على مستمعيها ·· وياله من تكريم· منتهى الظلم ورغم كل هذه الألقاب التي حصل عليها نجمنا زين الدين زيدان، الا أن الكثيرين من الفرنسيين يرون أن زيزو تعرض لمنتهى الظلم ويدللون على ذلك بقولهم: كيف يختار أفضل مدربي العالم - من خلال استفتاء الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) - زيدان كأفضل لاعب في العالم أعوام 1998 و200 و2002 و،2003 ولا يحصل في الوقت نفسه على الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة ''فرانس فوتبول'' سوى مرة واحدة فقط في عام كأس العالم 1998؟! سؤال لم يجد الفرنسيون حتى الآن إجابة عليه· ولم يتوقف الظلم عند هذا الحد فقط، وانما تعرض لموقف آخر عام 2000- عام الفوز بكأس الأمم الأوروبية - عندما اختير كثاني أفضل لاعب في البطولة بعد البرتغالي لويس فيجو ·· وكان هذا أيضاً ظلماً كبيراً في نظر الكثيرين لأن فيجو لم يحصل على هذا اللقب إلا لكونه انتقل في ذلك العام إلى نادي ريال مدريد مقابل عقد قياسي وقتها (56 مليون دولار)، وهو رقم قياسي احتفظ به النجم البرتغالي موسماً واحداً، ثم حطمه زيدان بصفقة انتقاله الخرافية إلى نفس النادي· مسيو كل العالم (أو كل الناس) ومنذ عام 2001 وزيدان هو الشخصية المفضلة عند الفرنسيين، وظل محتفظاً بهذا اللقب خلال السنوات الأخيرة، وأصبح أكثر من مجرد لاعب كرة، واستأثر بكل استطلاعات الرأي، ليس فقط المخصصة للرياضيين وانما أيضاً الاستطلاعات الخاصة بمختلف فئات الشعب الأخرى· فهو الأب المثالي والصهر النموذجي، والصديق للجميع ·· ويكفي أن نعلم أن 112 طفلاً ولدوا في عام 1999 تم تعميدهم وتسميتهم باسم زيدان تكريماً له على هدفيه في نهائي مونديال فرنسا 1998 في مرمى منتخب السامبا البرازيلي· ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو: كيف نفسر هذه الشعبية؟ والاجابة في ظني هي عبقرية زيدان أولاً والكاريزما التي يتمتع بها ثانياً وهي الكاريزما التي تتجاوز تماماً إطار مدرجات الملاعب والاستادات ·· فهو مزيج من البساطة والرذانة والوقار والتواضع والخجل، وكلها صفات زادت من شعبيته ·· وهو النموذج المضاد لديفيد بيكهام النجم الانجليزي الشهير والذي كان زميله في ريال مدريد· فزيدان على عكسه تماماً·· لا يحب الاعلان عن نفسه ويبتعد بأسرته عن الإعلام والصحافة بل ويعترف مراراً وتكراراً بأنه يكره تماماً الأضواء·· باختصار ·· زيدان لا يتنفس سوى شيء واحد هو العيش حياة عادية مثل كل البشر ·· هو مسيو كل العالم أو كل الناس ورغم ذلك لا يمكنه أن يتحرك أو يسير في أحد الشوارع دون أن يثير حالة اضطراب واختناق في حركة المرور! الثنائي المعجزة أو الرهان الرابح العلاقة بين زين الدين زيدان وايميه جاكيه المدير الفني لمنتخب فرنسا بطل العالم 1998 كانت علاقة حميمية جداً نظراً للتشابه الكبير في شخصيتهما، فكلاهما يتحلى بالبساطة والتواضع، ودخل زيدان قلب جاكيه من أول طلب استدعاء له إلى صفوف المنتخب في أغسطس ،1994 بينما كان في الثانية والعشرين من عمره· والحقيقة أن معرفة جاكيه بزيدان كانت ترجع إلى سنوات سابقة لهذا التاريخ عندما كان لاعباً في صفوف المنتخب الأوليمبي· لقد راهن جاكيه على هذا اللاعب ولهذا لم يعبأ بقوله له: كوتش اشرك اللاعب كورنتان مارتان بدلاً مني فهو في فورمة أفضل· وكان رهان جاكيه رابحاً فقد أشركه لأول مرة مع المنتخب ونزل زيدان وسجل هدفين في مرمى التشيك تعادل بهما منتخب الديوك الفرنسية، بعد أن كان مهزوماً· ومن وقتها أصبح التوافق والانسجام بينهما كاملاً فهما متشابهان إلى حد كبير· ويقول زيدان عن ذلك: ما أحبه في جاكيه أنه يحمل نفس أفكاري ويتحدث نفس لغتي· إنهس يد عظيم· ولم يكف زيدان عن مثل هذه الكلمات التي تشيد بجاكيه قبل مونديال ·1998 وفي المقابل كان المدير الفني الفرنسي بطل العالم يردد دائماً: زيدان هو مستقبل منتخب فرنسا· قالها جاكيه أول مرة بعد كأس الأمم الأوروبية 1996 عندما رأى زيزو يعاني من الانتقادات الموجهة إليه· لقد كان بينهما احترام متبادل استمر ونما وكبر إلى أن وصل ذروته يوم 12 يوليو 1998 عندما حملا سوياً كأس العالم· كانت قناعة جاكيه قد استقرت على أن يكون زيدان هو رجل وسط الملعب وصانع اللعب وقائد اللاعبين والمكلف بتزويد المهاجمين بالكرات وكان على زيزو أن يتحمل مسؤولياته، وعرف جاكيه كيف يكتشف في زيدان الجوهرة النادرة التي يبحث عنها، ولكن كان عليه أن يتحلى بالصبر أيضاً تجاه هذا النجم الذي يعتبر القائد الجديد للبيت الأزرق الفرنسي· ولهذا لم يتعجل جاكيه في منح زيدان مفاتيح اللعب وان كان هدفا زيزو في أولى مبارياته الدولية أمام منتخب التشيك قد عززا قناعة جاكيه بأن الموهوب زيدان هو القائد القادم للمنتخب· ومرت ست مباريات جلس فيها زيدان على دكة الاحتياطي بعد مباراة التشيك ·· وكأن جاكيه كان يتحين اللحظة المناسبة ·· الفرصة الملائمة لكي يدفع به في أهم مركز في الملعب وهو صانع اللعب ومنشط الهجوم· وبالفعل جاءت الفرصة ليحظى زيدان بهذا الشرف وكان ذلك في مدينة نانت يوم 26 أبريل 1995 والمناسبة كانت المباراة المؤهلة للصعود إلي بطولة كأس الأمم الأوروبية 1996 وكان المنافس هو منتخب سلوفاكيا· وكان على الفرنسيين أن يفوزوا إذا كانوا يريدون حقاً الذهاب إلى انجلترا للمشاركة في البطولة· ولم يكن عند جاكيه ما يخسره فأخرج النجم ايريك كانتونا كابتن المنتخب وصانع ألعابه وقتها ونجم مانشستر يونايتد أيضاً، وأعطى الفرصة للجيل الجيد الذي يمثله زين الدين زيدان· وكانت المفاجأة السعيدة ·· فازت فرنسا 4-صفر صنع منها زيزو ثلاثة أهداف، ونجح جاكيه في الرهان على هذا الفتى الهادئ وأصبح زيدان هو رقم 10 الأساسي لمنتخب الديوك الفرنسية لعشر سنوات بعد هذا التاريخ·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©