السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصدقات لمساعدة المحتاجين وعدم التحري عن مستحقيها يدفع بها للمحتالين

الصدقات لمساعدة المحتاجين وعدم التحري عن مستحقيها يدفع بها للمحتالين
13 أغسطس 2011 22:56
تكثر الصدقات في شهر رمضان طمعاً في مضاعفة أجرها وما تتشفع به للمسلم عند رب العالمين. فالصدقات من أشرف الأعمال وأفضلها، وقد حث الله عليها في القرآن الكريم. ومع ذلك فإن فئة كبيرة من المسلمين تحتار أين تنفق صدقاتها وتخشى أن تضع أموالها في أياد لا تستحقها. فلمن يتصدق المقبلون على فعل الخير؟ وهل يتقنون كيفية تحري الجهات المحتاجة والتي تجوز عليها الصدقات؟ مفهوم الصدقات المنتشر بين عامة الناس، هو تقديم المال بحسب المقدرة إلى أي شخص يقابلونه في حياتهم اليومية، ممن يوحي مظهره بأنه محتاج أو توحي ملابسه الرثة بأنه فقير معدم. غير أن فئة أخرى من المسلمين وإن كانت تتبع النهج نفسه في استسهال التصدق على أي كان. فهي تعلم ضمنا أن هنالك الكثير من الأسر المتعففة الأكثر حاجة لمال المتصدقين، إلا أنها لا تخرج إلى العلن بقصد طلب العون. فضل الخفاء يذكر فؤاد الزامل وهو أب لأربعة أبناء، أنه شخصيا يحرص على التبرع بجزء يسير من راتبه للفقراء خلال شهر رمضان. ويوضح أن الفقير بالنسبة له هو من يتضح عليه أنه لا يملك أكثر من قوت يومه، وأحيانا لا يملك ما يكفيه للطعام والكساء. ويقول «المتصدق يجب ألا يعلن عن الرقم الذي يعطيه ولا عن الأشخاص الذين يتصدق عليهم حتى لا ينتقص من أجره. وأنا عموما أتبرع بالمال مع كل فريضة صلاة لبعض المساكين الذين أصادفهم عند باب المسجد». ويذكر أنه يحاول جاهداً ألا يراه أحد لأنه يكره التسبب بالإحراج للآخرين. فالعطاء نعمة من عند الله، لكن يجب عدم التباهي به في العلن ولا التعامل مع من نعطيه بكبر وتعال. الأمر نفسه بالنسبة لعبد الله العامري المقتنع تماما بأن الصدقات في شهر رمضان أفضل من باقي أشهر السنة. يقول «نحن كمسلمين لابد أن نساعد بعضنا البعض على مدار السنة، لكن تقديم العون للفقراء والمساكين في شهر رمضان أجره مضاعف وهذا ما يدفع غالبية المسلمين إلى فعل الخير خلال أيام الصوم». وهو خلال الشهر المبارك يضع في باله يوميا ألا يرجع إلى بيته قبل أن ينفق جزءاً من مله على أحد المضطرين مع أنه يفضل أن يكونوا من المقربين إليه. «ولا أعني من الأقارب وحسب، وإنما كذلك من الأشخاص الذين أتعامل معهم يومياً مثل الفراش والبواب وعامل النظافة والحمال وعامل غسل السيارات في محطات البترول». تعفف وصمت يخالفه الرأي علاء حسونة الذي يعتبر أنه من الخطأ التصدق على أشخاص قد لا يستحقون هذه الصدقات، في الوقت الذي هنالك الكثير من المحتاجين الفعليين الذين لا يجدون من يلتفت إليهم لمجرد أنهم في الظل. «فقد حدد لنا رب العالمين في كتابه الكريم الأشخاص الذين تجوز عليهم المساعدة ومنهم المساكين والفقراء والمحتاجون. وهذا يعني أنه علينا أن نتقصى جيدا عناوين هؤلاء الذين يعيشون في تعفف وصمت ولا يقوون على طلب المساعدة لشدة الخجل وعزة النفس». وبالنسبة له، فهو عدا عن الزكاة التي لا ينفقها إلا في موضعها الصحيح، يحرص على التصدق لمن هو متأكد أنهم في حاجة ماسة إلى هذا المال. وبأنهم سوف ينفقونه في الحلال وفي صالح أسرهم، «وإلا فما معنى التصدق على أشخاص يمتهنون التظاهر بالفقر لجمع المال من دون عناء ولا مشقة». وتؤكد على كلامه فتحية العلي التي تنتقد بشدة التهاون في تحري الجهات التي تستحق الصدقات. «وقيام الكثيرين بالتصدق لمجرد التصدق من دون القيام بأدنى مجهود للسؤال عن عناوين الأفراد المحتاجين والأسر ذات الأوضاع المالية الصعبة». وتشير إلى أنها تتعامل مع إحدى الجمعيات في الدولة والتي تهتم بإحصاء الفئات المحتاجة حتى تضمن أن صدقاتها تذهب إلى الأشخاص الذين لا يجدون فعلا المال الحلال الذي يقيهم ويقي عيالهم. مهنة سهلة يلعب البعض ممن يتقنون اقتناص الفرص والتشكل بمظهر المحتاجين، على مشاعر الصائم ويتقصدون إحراجه خلال الشهر الكريم بطلب المساعدة المالية «لوجه الله». وهم لتحقيق غايتهم يرددون عبارات يمزجون فيها بين الدعاء بالخير من جهة والتذكير بآيات الله التي تحث على الصدقات وأداء فريضة الزكاة. فهل المتسولون محتاجون فعلا؟ وما حكم التصدق عليهم؟ للتوقف عند هذه المسألة، يقول مستشار الأمور الأسرية في محاكم دبي الفقيه الدكتور عارف الشيخ إن «صفة التسول بالعموم غير محببة ومبغوضة عند رب العالمين، سواء في شهر رمضان أو في باقي أيام السنة». ويذكر أن المحتاج إذا سأل لابد أن يسأل بشرف ورقي وألا يبيع كرامته ويمد يده إلى الناس إلا إذا كان محتاجا فعلا. فمن غير الجائز الاحتيال على الآخرين ولبس ثوب الفقر في غير محله الحقيقي. أما قضية أن الاحتياج يكثر في شهر رمضان، فهذا استغلال لمشاعر المسلمين بحسب الشيخ الذي يشير إلى أن هذه الفئة من الناس قد تكون من الأغنياء أو ربما تملك أكثر منهم. ويوضح هذه الفئة تستغل الناس في شهر الصوم لأن معظم المسلمين يؤدون فريضة الزكاة عن أموالهم خلال رمضان». ويلفت إلى أنه أبشع ما في الأمر، ما يقوم به هؤلاء عند الإقدام على استغلال الشهر الفضيل بالاستعانة بأطفالهم للتأثير أكثر على مشاعر الناس حتى يشفقوا على حالهم ومظهرهم ويغدقوا عليهم الدراهم أو سواها من العملات. ويقول «هنا لابد من التركيز على خطورة هذه النقطة، لأن الطفل إذا ما استغل في مثل هذه الأمور وهذه السن، فإن مبدأ ذلك سيترسخ في شخصيته فهو يرى أمه وأبيه يربيانه على الخصال الرديئة ويستعطفان قلوب المارة ما يجعله يسجل هذه المشاهد في ذاكرته». ملابس رثة يعتبر الشيخ أن ذلك حرام عندما يترافق مع الاحتيال. ويوضح «كأن يتظاهر الشخص بمظهر غير صادق، ويدعي الفقر والعوز وهو ليس بفقير ولا محتاج. فالذين يجلسون على باب المسجد وعند مفارق الطرق متخفين بمظاهر مذرية، هم ليسوا بالمحتاجين حتماً. وأنا أنصح التجار والأغنياء بألا ينفقون من أموالهم على أمثال هؤلاء، وإنما يتحروا من يستحقون الصدقات من الفئات الثماني التي ذكرها الله في القرآن الكريم. ومنهم المساكين، والغارمين، وابن السبيل، والمؤلفة قلوبهم، وفي الرقاب». ويؤكد على ضرورة تقصي المحتاجين حقا والبحث عنهم لأن هنالك الكثير من الأسر المتعففة التي لا تطلب مباشرة. «وهؤلاء هم المستحقون وليس من ينتشرون على الطرقات ويتصنعون الفقر». ويشرح الشيخ أن الفقير هو ليس من يرتدي الملابس الرثة كي يستعطف قلوب الناس، مشيرا إلى أن الكثير من هؤلاء، ما أن ينهوا جولة احتيالهم، حتى تأتي سيارة فارهة تقلهم حيث توزع الأموال على المجموعة». ويقول «الفقير قد يكون موظفا صغيرا يعيش من الديون ولا يكفيه راتبه لإتمام كل الفواتير. فهذا يحتسب عند الله فقيرا وتجوز عليه الصدقة». ويشير إلى أن المحتاجين يعرفون من عزة أنفسهم ويمكن التحري عنهم من خلال الجمعيات والجهات المختصة التي ترصد أسماء الأسر المحتاجة. مضاعفة الأجر يقول مستشار الأمور الأسرية في محاكم دبي الفقيه ورجل الدين الدكتور عارف الشيخ إن للصدقات ثماراً عظيمة، وقد حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة من سنته. وبين أن الصدقات لا تنقص المال أبداً، بل تزيده. وإذا كانت الصدقة في شهر رمضان، فقد اجتمع لها شرف الزمان ومن المعلوم أن الأعمال الصالحة في هذا الشهر تتميز عنها في سائر الشهور. ولهذا فإن المسلمين يتسابقون على فضل الصدقات في شهر رمضان، طمعاً في مضاعفة أجرها.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©