الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالكريم سعيد: مفتش الصحة كاد يحرمني من الإخراج التلفزيوني

عبدالكريم سعيد: مفتش الصحة كاد يحرمني من الإخراج التلفزيوني
11 أغسطس 2011 22:11
بالقرب من قلعة الفهيدي ولد عبدالكريم محمد سعيد، وقبل الدخول إلى المدرسة كانت أسرته ضمن عدد من الأسر التي غادرت إلى دولة الكويت، لأن الحرب العالمية الثانية كانت قد تركت أثراً كبيراً على المنطقة، ولأنه هناك كانت تتوافر فرص كثيرة للعمل، استقرت أسرته عام 1958 في إحدى ضواحي الكويت، وكان حريصاً على تحصيل العلم والثقافة، والاجتهاد في دراسته. يذكر عبدالكريم أن المدارس كانت تفتح في المساء كي تكون نقط جذب للطلبة لأجل ممارسة مختلف الأنشطة، وهو أحد أهداف الحكومة بشغل أوقات فراغهم بما ينفعهم ويصنع شخصياتهم، ومن بين الأنشطة المطالعة والأشغال اليدوية وبعض الألعاب، وخاصة النشاطات الرياضية التي كانت تلقى رواجاً بين الطلبة وكانت تعد متنفساً ممتعاً لهم، وعمل سعيد والد عبدالكريم في النجارة بدائرة الأشغال بالكويت، وبعد انتهاء العقد مع الدائرة تم تسريح عدد من الموظفين ومنهم والده، فقام بفتح محل للخياطة واستمر في مهنته حتى وفاته عام 1967م. من الصحة للتلفزيون بعد وفاة الوالد قررت الأسرة العودة إلى الإمارات، وقرر عبدالكريم أن يبحث عن عمل لأجل أن يكون مسؤولا عن إعالة أسرته، وكانت أول وظيفة له في بلدية دبي عام 1969 بعد أن عثر على إعلان عن حاجة البلدية لمفتشي صحة، ووجد أن الشهادة التي يحملها تعد أمرا جيدا، حيث كانت الدولة بحاجة لكل متعلم، وبعد عدة أشهر من العمل علم عبدالكريم أن تلفزيون الكويت من دبي بحاجة لموظفين. فتقدم للمقابلة وكانت هناك مجموعة من الاجتماعات أيضا، وكان من بين من تعرف إليهم عبدالله درويش الذي عمل مخرجا، وسلطان السويدي الذي عمل مديرا لإدارة البرامج التلفزيونية، وتم إرسالهم بعد المقابلة إلى الكويت ليتم تدريبهم هناك، وتم ضم دفعة ثانية أصبحوا فيما بعد من زملائه وأصدقائه، وهم سالمين السويدي الذي عمل مصورا ثم أصبح كبير المصورين، وعتيق النوبي ومهدي الحكيم، وعمل معهم أيضا فنيون من دولة الكويت. وتم تدريبه على أجهزة الصوت ثم الإخراج التلفزيوني، ورغم أن مكان العمل كان ضيق المساحة، إلا أن الجميع كانوا يعملون بحب وبروح واحدة، ويعتبر التلفزيون بالنسبة له نبعا ثقافيا ومعينا لا ينضب، والجميع كانوا يستقون معلوماتهم منه لأن غالب الناس كانوا متعطشين للثقافة، وأدى ذلك للارتقاء بكل من عمل في المحطة التلفزيونية، وبقيت دولة الكويت تدير التلفزيون حتى ما بعد قيام الاتحاد بعامين تقريبا. أبيض وأسود توالت إدارات مختلفة على المحطة التي تبث بالأبيض والأسود، ومنهم محمد المهنا ثم جاسم الشهاب وحمد المؤمن، وقد بقي الأخير حتى قيام دولة الاتحاد، ثم تم تعيين حبيب الرضا مديرا للتلفزيون، وأطلق عليه تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من دبي، وفي عامي 1973 و1974 تم فتح محطتي تلفزيون أبوظبي وتلفزيون دبي وكانتا محطتين تبثان بالألوان، وعند ذلك تم تسليم مبنى تلفزيون الكويت من دبي إلى حكومة دبي، وكان موظفو التلفزيون قبل نقل المبنى لدبي، وبعد قيام الاتحاد، يتقاضون رواتبهم من وزارة الإعلام والثقافة التي كان مقرها إمارة أبوظبي، وأدى ذلك إلى انتقال بعض موظفي التلفزيون القديم إلى إمارة أبوظبي والبعض فضل البقاء في إمارة دبي أو في مكاتب وزارة الإعلام المنتشرة في دبي والشارقة. ويتذكر عبدالكريم سعيد، أن البرامج والمواد التي تعرض كان عليها الكثير من الرقابة، نظراً لطبيعة أهل الإمارات الذين يتمسكون بالعادات والتقاليد، ولم يكن أمرا مقبولا أن تكون هناك مشاهد تؤثر على تلك العادات، أو أن يتم طرح ما يمكن أن يجرح أو يخدش الحياء، وكانت هناك رعاية دائمة من المغفور له الشيخ زايد رحمة الله عليه، حيث كان يحرص على متابعة البرامج بعين ناقدة، لتسير على المعايير التي تم وضعها بما يتوافق مع تقاليد المجتمع. مخرج تلفزيوني ويوضح عبدالكريم أنه تم إنتاج برنامج أسبوعي في أبوظبي ليعرض على محطة سي إن إن، وكان عبارة عن رسائل تعريفية وتثقيفية عن دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ولدت من جديد وكانت بحاجة لأن يعرف العالم حضارتها وعاداتها وتقاليدها والتطور الحادث فيها، وكانت الأجهزة التي تعمل على تطوير الدولة ترى أن الكوادر بحاجة لتحسين المهارات في مجالات العمل المختلفة، وخاصة مع التطور التكنولوجي الذي يحدث في كل يوم في الدول المتقدمة في هذا المجال. وقد أتاحت وزارة الإعلام الفرصة للشباب لإكمال تعليمهم، وحصل عبدالكريم على تفرغ كامل، ما جعله يتوجه لجامعة الإمارات، وبعد أن أنهى تعليمه الجامعي في الإعلام والإدارة، سافر ضمن دورات إلى بريطانيا، إلى جانب دورات مع الأمم المتحدة إلى المغرب وتونس، وتخصص في الإخراج التلفزيوني في بريطانيا، وأنتج برامج وثائقية مع وكالة فيزنيوز البريطانية، وامتدت فترة الدراسة من 1983 إلى 1987، وعاد ليتم تعيينه مخرجا تلفزيونيا أول ثم رئيس قسم المسرح في وزارة الإعلام. عام 1986 حصل على عرض من بلدية دبي للعمل ضمن قسم الإنتاج التلفزيوني وقد رحب بذلك، خصوصا أن ذلك سيجعله أخيرا يستقر في دبي بعد سنوات كثيرة، قضاها متنقلا مابين دبي وأبوظبي من أجل العمل وبعيدا عن الأسرة والأبناء. توثيق وسفر وترحال اعتاد عبدالكريم على الرحلات والسفر منذ طفولته، ولذلك احتل هذا الجانب مساحة كبيرة في حياته، وكان ينفق أموالا طائلة على شراء كاميرات التصوير الضوئي وعلى مختلف أنواع العدسات، لتوثيق لحظات حياته بالصور أثناء السفر، والآن لديه آلاف الصور لمختلف مراحل حياته، وأيضا لكل اللحظات التي قضاها مع رفاقه. ومع شريكة حياته منذ ليلة زفافهما، ومرورا بولادة أول طفل وحتى كبر الجميع وتزوجوا، فهناك الكثير من المحطات التي توقف عندها مع أطفاله وهم يكبرون عاما بعد عام، ولكنهم في كل عام يصبحون أكثر شوقا لتكرار تلك الرحلات، وللسفر للتعرف على مدن جديدة ولكنه لا يزال يذكر أجمل المحطات التي سافر إليها، ومنها منطقة بقرب ويلز في بريطانيا حيث كان يتعلم وينتج، ولا يمكن أن ينسى مياهها العذبة الجارية والقطار الذي يمر مرة واحدة في الأسبوع ليتوقف هناك. فهي منطقة تدعو للرومانسية، ولذلك يجد كل من يسافر إليها أن بإمكانه البقاء لمدة أسبوع واحد كامل بعيداً عن صخب المدينة. كما أحبت أسرته الرحلات السنوية إلى صلالة في سلطنة عمان، وإلى منطقة جبل شمس، وهو قرب ولاية عبري ويعد الجبل المنطقة الأعلى على مستوى دول المنطقة. ولا يزال عبدالكريم يستقر في بلدية دبي، ويمارس هواية السفر والترحال مع زوجته وأبنائه والكاميرا التي لا تفارقه.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©