تمثّل دبي حراكا ثقافيا خاصة، أنه إلى جوار مبادرات هيئة دبي للثقافة والفنون عبر العام المنصرم، هناك حراك ثقافي نشط للغاية على مستوى الفنون التشكيلية يضطلع به القطاع الخاص. فعدد الغاليريهات (صالات العرض) يتزايد سنويا، حتى أنه يصعب متابعة الكثير من الأنشطة.
يميز هذا الحراك أنه «سوق» للفنون التشكيلية وليس للعرض فقط. ويلاحظ المتابع أنها أيضا سوق نشطة، خاصة في موسمها السنوي «معرض آرت دبي» الذي يحظى باهتمام رفيع، وعادة ما يفتتحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في مارس.
وخلال هذا العام، تردد على المعرض قرابة 22,500 زائر، كما استضاف 75 معرضاً من 32 بلدا. ويعتبر «آرت دبي» جزءا من «أسبوع الفن»، الذي هو مبادرة تشتمل على «معرض سكة الفني» في حي الفهيدي التاريخي (البستكية)، بالإضافة إلى مجموعة من فعاليات الفن والتصميم المعاصر، وعروض لمتاحف كبيرة، ومعارض ومشاريع فنية جديدة.
بالتالي ، يعد «معرض آرت دبي»، الذي كرس نفسه كسوق دولي للفنون، أحد أهم تجليات الحراك الثقافي في دبي، ضمن سعي الإمارة لتشييد أركان صناعة ثقافية متألقة على الصعيدين العربي والآسيوي، بل والدولي أيضا. وبشجاعة تضطلع دبي بهذه المهمة الجسورة في مواجهة واقع ثقافي عربي ما زال يضع الفنون التشكيلية، في خانة ثقافة النخبة.
العويس والماجد
وضمن المبادرات الخاصة فإنه ينبغي الإشارة إلى الجهود الثقافية والمعرفية التي تقدمها مؤسسة سلطان بن علي العويس ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، حيث تمّ تكريم المؤسستين مؤخرا في دولة الكويت، ففي حين بادرت العويس إلى إقامة ندوة خاصة بالذكرى الأولى لرحيل المثقف العربي خلدون النقيب، أصدر مركز الماجد لأول مرة بالعربية ديوانا للشاعر القومي التركماني مخدوم قولي بالتزامن مع ندوة عن الشاعر أسهم فيها مثقفون إماراتيون وعرب وتركمان، وذلك فضلا عن أنشطتهما المعتادة التي تخرج عن نطاق الجغرافيا الإماراتية لتصيب المنطقة العربية بأكملها.
ندوة الثقافة والعلوم
أما على المستوى الرسمي فما زالت ندوة الثقافة والعلوم تمارس دوراً رائدا في الحراك الثقافي الذي يحمل طابعا خاصا منفتحا على مجمل الشرائح الاجتماعية للمجتمع الإماراتي والعربي، وكانت آخر ندواتها بعنوان «تأملات في الفكر العربي»، وألقى فيها محاضرة الدكتور غسان سلامة رئيس معهد العلاقات الدولية في جامعة السوربون وأستاذ العلوم السياسية فيها ووزير الثقافة السابق في حكومة الراحل رفيق الحريري، حظيت باهتمام واسع من قبل جمهور مثقفين ومسؤولين إماراتيين ومقيمين. وجاءت هذه المحاضرة ، بعد ندوة مهمة أقيمت بمناسبة مرور العام الحادي والأربعين على تأسيس الاتحاد وتحدث فيها وزير الخارجية الإماراتي السابق عبد الله راشد النعيمي وصاحب أول رواية إماراتية «شاهندة».
دبي للثقافة
والأبرز من بين الأنشطة السنوية في دبي يتمثل بمجموعة المبادرات التي تضطلع بها هيئة دبي للثقافة والفنون (دبي للثقافة)، وقد شهد أبريل الماضي إقامة فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي، الذي يعتبر أكبر تظاهرة سينمائية خليجية تضم أفلاماً من الخليج والعراق واليمن، إضافة إلى عدد من الأفلام الروائية القصيرة الدولية.
واختتمت فعاليات الدورة السادسة من مهرجان دبي لمسرح الشباب في أكتوبر الماضي، حيث جرى منح جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل لمسرحية “الجلاد” لفرقة مسرح دبا الحصن، ومنحت جائزة أفضل إخراج للمخرج المسرحي الشاب مرتضى جمعة ليتكرس بذلك واحد من المخرجين المسرحيين الإماراتيين الشبّان.
ويشكل برنامج إقامة الفنانين منصة يتم من خلالها تبادل الأفكار بين الفنانين الإماراتيين والعالميين. ويوفر هذا البرنامج للفنانين الزائرين فرصة العمل إلى جانب الفنانين الإماراتيين في حيّ الفهيدي التاريخي بدبي، وقد أعلنت الهيئة مؤخرا عن فتح باب تقديم الطلبات للفنانين للمشاركة في نسخة العام 2013 التي ستقام بالتعاون مع كل من «مؤسسة دلفينا» و»آرت دبي» و«تشكيل»، وينظم البرنامج في الفترة بين 7 يناير و31 مارس المقبلين بمشاركة ثلاثة فنانين إماراتيين، وثلاثة فنانين عالميين، بالإضافة إلى المقيّم الفني الزائر، حيث سيعمل الفنانون معاً في استديوهات مخصصة لهم، لتتوج جهودهم بمعرض يسلط الضوء على نتاج إبداعاتهم خلال تلك الفترة، يعقد بالتزامن مع فعاليات معرض «سكة» الفني الذي هو أول مبادرة سنوية من نوعها تهدف إلى عرض إبداعات الفن الإماراتي وتقديم الدعم له، ويتمحور هذا المعرض بشكل رئيسي حول ممارسات الفنان ومبادراته ورؤيته الخاصة، كما يتخلله إقامة العديد من الفعاليات التي من بينها توفير مساحات خاصة بالموسيقى وكذلك تقديم الأبحاث النقدية حول الفنون التشكيلية وطرح الأفكار والمبادرات.
عدد اليوم
