الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميكانو فكرة مثيرة ومعالجة هادئة

ميكانو فكرة مثيرة ومعالجة هادئة
26 فبراير 2009 00:07
يحمل الفيلم السينمائي الجديد ''ميكانو'' صفة الأول لعدد كبير من صناعه، فهو أول سيناريو لمؤلفه وائل حمدي، وأول تجربة روائية لمخرجه محمود كامل، وأول بطولة سينمائية للسوري تيم حسن، وتشاركه اللبنانية نور وخالد الصاوي وسميرة عبدالعزيز ولطفي لبيب· وهو تجربة فنية جديدة يتناول حالة خاصة يجسدها البطل الذي يعاني من مرض عقلي نادر، ورغم ذلك يتسم بالنبوغ والعبقرية في عمله· الإنسان والذاكرة وتبدأ الاحداث بمشهد يجمع بين الشقيقين خالد الشهاوي (تيم حسن) ووليد (خالد الصاوي) وكل منهما مهندس ويستعد ''وليد'' للذهاب إلى احتفال ضخم تنظمه الشركة بمناسبة فوز المشروع السياحي الذي صممه ''خالد'' لأحد المنتجعات بعنوان ''انفينتي''، ويرفض ''خالد'' الذهاب الى الحفل حتى لا يتعرض لمواقف غير مأمونة· ويبقى في المنزل يمارس هوايته في لعبة ''الميكانو'' والتي تعتمد على تكوين أشكال ونماذج من مكعبات صغيرة· وفي الحفل يطلب أحد المستثمرين التعاقد على المشروع ويصبح من الضروري حضور ''خالد'' لتوقيع العقد· ويضطر ''وليد'' للاتصال بشقيقه المريض ويشرح له كثيرا من التفاصيل حول الملابس الملائمة وكيف سيصل الى الفندق، ويصاب ''خالد'' بحالة من الفزع والارتباك وقبل أن يترك المنزل يعود إلى حجرته ليراجع تفاصيل مهمة منها طبيعة المشروع الذي صممه بنفسه وصور الشخصيات التي سبق له التعامل معها، وكذلك شكل توقيعه· وتعجب ''أميرة'' (نور) بالمشروع باعتبارها المسؤولة عن التسويق وتتعرف بـ ''خالد'' وتحاول التقرب إليه، لكنها تشعر بأنه مختلف، مما يجعلها تزداد اقترابا منه وتنشأ علاقة بينهما، يرقبها شقيقه ''وليد'' بحذر ويحاول جاهدا إبعاد ''خالد'' عن ''أميرة''، لكنها تواصل الاتصال به وتصحبه في نزهات ويعترف لها بحقيقة مرضه· فقد أصيب في طفولته بورم في المخ وأجريت له جراحة دقيقة كان من نتيجتها تعرضه لحالات فقدان ذاكرة للأحداث الجديدة، وهي حالة يتعرض لها كل عام تقريبا ولا يوجد لها علاج ويخبرها باسم الطبيب المعالج· وعلى الجانب الآخر، يستعرض الفيلم حياة ''أميرة''، فهي امرأة مطلقة وتعيش مع والدتها (سميرة عبدالعزيز) التي تسعى لإعادتها إلى زوجها الثري (خالد محمود) رغم رفض ''أميرة'' التي تقرر أن تعيش الحياة بمفردها هربا من ضغوط والدتها وطليقها الذي يصر على استعادتها· وتبوح ''أميرة'' لصديقتها المقربة حول تعلقها بالمهندس الشاب المريض وتمسكها به رغم خطورة تلك العلاقة المهددة بالنسيان في أي لحظة· وتنقل الصديقة القصة للزوج السابق الذي يذهب إلى الطبيب ويحصل على بعض التقارير ويقدمها لمدير الشركة التي يعمل بها ''خالد'' و''وليد'' ويقرر مدير الشركة (لطفي لبيب) إنهاء تعاقده مع الشقيقين حتى لا تتعرض شركته ومشاريعه للخسارة ليعود ''وليد'' الى شقيقه ''خالد'' ويبلغه بما حدث نتيجة علاقته العاطفية مع ''أميرة'' ويحذره من الاستمرار فيها ويكشف له عن أنه سبق وأن عاش العديد من قصص الحب في الجامعة ونسى خطيبته، ويدرك ''خالد'' أن الأفضل له أن يقطع علاقته مع ''أميرة'' فورا ولكنه يصاب بأزمة وينقل للعلاج بأحد المستشفيات، وبعد مرور شهور طويلة يعود إلى حياته وقد فقد ذاكرته ونسى حبه لـ''أميرة''، ولكنها تطلب من شقيقه ''وليد'' أن تراه مرة أخرى وتبدأ التعرف عليه وتحاول أن تذكره بنفسها ويسألها من أين نبدأ، فتقول نبدأ من الأول·· وتأتي النهاية لتؤكد أن البطل سيظل يعيش في أزمات لانهائية يفقد فيها الذاكرة مرات ومرات، ولكن هذه المرة ستلعب ''أميرة'' دور الراعي بدلا من شقيقه ''وليد'' الذي ظل بجواره لسنوات ضحى فيها بأحلامه وطموحه حتى رغبته في العمل بمجال الطيران وحرم نفسه من الزواج· الفكرة والتنفيذ طرح السيناريست وائل حمدي فكرة جديدة ومشوقة وقدم حالة مؤثرة جسدها ببراعة تيم حسن دون أن يسقط في المبالغة ورغم التفاصيل المميزة التي صاغها فإنه أغفل الإشارة إلى خلفية الشخصيات والتعمق فيها، مما جعلها تبدو مبتورة كأنها بعض قطع ''الميكانو'' ليحركها وينقلها دون أن يشاركه المتابع للأحداث فهم أسباب هذه المواقف· اختار المخرج محمود كامل أن يقدم فيلمه الأول بشكل تقليدي اعتمد فيه على السيناريو واستسلم للإيقاع الذي فرضه المؤلف، ولذلك جاءت بعض المشاهد مكررة ولا تقدم أحداثا جديدة وافتقدت الصورة السينمائية عنصر الإبهار، ولاشك أن اختياره للأبطال جاء موفقا ولكنه لم يضف إليها جديدا· أداء تيم حسن لشخصية ''خالد الشهاوي'' العبقري المصاب بمرض فقدان الذاكرة جاء مميزا ليؤكد أنه فنان يملك أسلوبا خاصا في الأداء والقدرة على أن يصدقه المشاهد وجاء أداء نور ليؤكد أنها أصبحت واحدة من أفضل بنات جيلها، حيث تجيد التعبير عن المشاعر الرومانسية والقسوة رغم أن شخصية ''أميرة'' بدت مبتورة ينقصها كثير من التفاصيل · وبمهارة، أدى خالد الصاوي شخصية الأخ الذي يعاني مشاعر متضاربة، فهو يحاول حماية شقيقه ويضطر أحيانا للقسوة عليه وعلى نفسه، وهي شخصية مركبة تجمع بين الحب والاستغلال والحرمان· وتناغمت موسيقى تامر كروان مع الأحداث بصورة منسجمة وساهمت حرفية د·هشام سري في تكوين صورة سينمائية معبرة لعبت فيها الإضاءة دورا رئيسيا وكانت تفاصيل الديكور أحد العناصر الايجابية على الشريط السينمائي· وقدم الفيلم موضوعا غير مستهلك رغم ان هناك افلاما عربية وعالمية تناولت قصة مريض مثل ''انت عمري'' لخالد يوسف و''التوربيني'' لاحمد مدحت فقد حاول المخرج طرحه بلا استعراض للعضلات كما هي عادة شباب المخرجين في تجاربهم الاولى·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©