الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

وليد الشحي: أراهن على الخطاب الرمزي في أفلامي

وليد الشحي: أراهن على الخطاب الرمزي في أفلامي
8 ديسمبر 2017 20:44
إبراهيم الملا(دبي) تتميز التجربة السينمائية للمخرج وليد الشحي بتنوعها وبحثها المتواصل عن طرائق وأساليب جديدة للتعبير البصري، وهو بذلك ينحو باتجاه التشكيل الفني المتعدد الأنماط، والذي يجعل السرد الحكائي خاضعاً لمعالجات متعددة، بحيث تظل الفكرة حاضرة، بينما تبقى الوسيلة في تحويلها إلى شريط مرئي، مسكونة دائما بحسّ التجريب والمداولة والنقاش، وصولاً إلى صيغة نهائية تضع الحكاية في لباسها السينمائي الأخير، والمناسب لها. في الدورة الحالية من مهرجان دبي السينمائي، يقدم الشحي فيلمه القصير «ضوء صامت»، وينافس به في مسابقة المهر الإماراتي، بعد اختبارات طويلة في مشغله الفني والذهني الخاص، وبعد انهماكه في عمل توليفي بعيد عن التمثيل الأدائي لشخصيات حقيقية، واستبدالها بشخصيات افتراضية قوامها الدمى والمجسّمات المتحركة في فضاء تركيبي متخيل، ولكنه فضاء لا ينفصل عن إسقاطات وانتباهات مضمرة تجاه قضايا ملّحة وراهنة ومقلقة، تدور حولنا، وتشكل وعياً سلبياً متراكماً وسط مشهدية الحروب والصراعات الدامية في المنطقة. تحدث الشحي «للاتحاد» عن مغامرته البصرية الجديدة في المهرجان، والأسلوب الإخراجي الذي اعتمده في تحويل حكاية الفيلم إلى مساحة جدلية تفتح أمامنا مسارات مغرية للرؤى والأسئلة التأويلات، مشيرا بداية إلى أن فكرة فيلم «ضوء صامت» بدأت تتشكل معه قبل 11 عاما، وتمت بلورتها وكتابتها في تلك الفترة، بالتعاون مع السيناريست أحمد سالمين، مضيفا أن الإشكالية التي واجهته تمثلت أساساً في الوسيلة الأنسب لتنفيذ رؤيته الخاصة تجاه الفكرة المكتوبة على الورق، وعندما اتخذ قرار التنفيذ اعتماداً على التكنيك الإخراجي لأفلام التحريك، وبالتحديد تقنية الـ«الستوب موشن» -Stop Motion- وجد أن الأمر لا يخلو من صعوبات وتحديات كثيرة، ولكن إصراره ورغبته في التحدي وضعته في مسار طويل من البحث والدراسة والتطبيق العملي والالتحاق بورش سينمائية خارج الدولة، وتحديداً في إسبانيا، من أجل امتلاك العدّة الفنية القادرة على ترجمة هذه الرغبة القوية والمحتدمة في داخله لتحقيق فيلم «ستوب موشن» بمواصفات جيدة، وقادرة على المنافسة في مهرجان دبي السينمائي. وحول المناخ السردي، والقضية المطروحة في الفيلم، أشار الشحي إلى أن أحداث القصة تدور في غرفة واحدة، وسط إيماءات صامتة تترجم الصراع بين النور والعتمة، وبين فانوس محطم وشعلة تسعى لترميم هذا الحطام، بحيث تنمو الأحداث على تفاصيل صغيرة، يراها البعض هامشية وليست ذات قيمة، ولكن مع مرور الوقت يتوضّح لنا أن الأشياء مهما صغرت في أعيننا، وأن الأخطاء مهما كانت ضئيلة، فإن تأثيرها المستقبلي قد يكون مدمراً، وقد يؤدي إلى تعطيل الوعي الإيجابي لدى جيل بأكمله، وأضاف الشحي بأن الفيلم يقدم هذه التحذيرات بشكل رمزي وغير مباشر، لأن تقديم الأفكار بشكلها المباشر ــ كما يرى ــ ليست من وظيفة الفيلم السينمائي، ولا من وظيفة الفن عموما، وإلا تحول العمل المطروح أمام المشاهد إلى مجرد وعظ لفظي أو إرشاد شكلي وعابر، لا يتوافّر على العمق، واكتشاف ما وراء الصورة، وما وراء الأبعاد البصرية المتحركة في الكادر. ونوّه الشحي إلى استخدامه الإضاءة الخافتة في محيط معتم يشكّل البنية العامة للفيلم، في إشارة إلى أن الأفكار المضيئة والمستنيرة تظل هي المحاربة دائما من الأفكار الظلامية، وأن الظلاميين باشتغالهم على العاطفة وتركيزهم على الحواسّ الجمعية للبسطاء، هم الأكثر هيمنة، والأكثر تصدراً للمشهد، وبالتالي فإن خطاباتهم التدميرية تلقى قبولاً لدى الأغلبية برغم خطورتها، وبرغم بقائها مستترة طويلاً تحت السطح، إلى حين انفجارها المدوي والمؤلم، عندما تحين لها الفرصة، وعندما تغيب عنها القوانين الضابطة لحركة المجتمع والمحققة لأمنه واستقراره. وعن الصعوبات التي واجهها أثناء تنفيذ الفيلم، قال الشحي إن صعوبة العمل في أفلام التحريك، وخصوصا مع الستوب موشن، يتطلب تحويل المعنى إلى شكل، والفكرة إلى بنية، و المخيّلة إلى تجسيد، وكل حركة، وكل ثانية، تكون محسوبة بدقة، ولا مجال لارتكاب أخطاء هنا، لأن تصحيح أي خطأ يتطلب جهداً ووقتاً وهدراً لميزانية الفيلم، وبالتالي كما أشار فإن العمل على هذه النوعية من الأفلام يتطلب العناية البالغة بالإكسسوارات، والدقة البالغة في توظيفها، ومراعاة كل تفصيلة في الفيلم، واستثمارها بالشكل الأنسب، موضحاً أن تحريك الدمى يحتاج لتكنيك خاص، والتصوير أيضاً يحتاج لأسلوب يختلف تماما عن تصوير الأفلام الدرامية أو الوثائقية، مضيفا أن الدقيقة الواحدة في فيلم التحريك قد تستغرق 8 ساعات من العمل والتجهيز الفعلي في موقع التصوير. وعن سبب لجوئه لهذا الأسلوب الصعب، برغم وجود أساليب تحريك أخرى أسهل نوعاً ما، مثل «الثري دي غرافيك»، أوضح الشحي أن اختياره لهذا الأسلوب برغم صعوبته جاء بسبب واقعية اللون وتدرجاته الطبيعية في الستوب موشن، ولقوة وتماسك الحركة، والانطباع الحقيقي الذي تصدّرها المجسّمات والدمى، فهي تعبّر عن ذاتها ضمن أبعاد تبدو ملموسة، ومتفاعلة مع حواس المشاهد، مقارنة بأفلام الغرافيك المعتمدة كثيرا على الرسومات التشخيصية، فهي تبقى في نطاق معزول نوعاً ما عن هذا الانطباع الحيّ، وهذا التواصل الديناميكي والانسيابي بين المتفرج والشاشة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©