إعداد - عدنان عضيمة:
أصبح العثور على الفرص الاستثمارية النادرة فنا لا يجيده إلا القليلون، ومن ذلك مثلاً أن شركة جديدة تنشط في مجال تشغيل الموبايل وتدعى ''ديجيسيل جروب'' ويرأسها رجل أعمال إيرلندي يدعى دينيس أوبريان، قررت تركيز نشاطها على الاستثمار في أسواق متخلفة تشكو من نقص الخدمات الهاتفية، كالجزر المنتشرة في البحر الكاريبي، ونجحت الشركة في توقيع عقد مع دولة جامايكا لتشغيل خدمات الموبايل تمكنت من خلاله من اجتذاب 100 ألف مشترك خلال فترة نشاط لا تتعدى 100 يوم فقط·
واليوم بدأت هذه الشركة الطموحة في التسلل إلى أسواق السلفادور وجواتيمالا، وهي تخطط لابتكار وتشغيل خدمات جديدة في الولايات المتحدة ذاتها حيث من المنتظر أن تنطلق في نشاطاتها هناك العام المقبل، ولأوبريان ماضٍ تجاري غريب، حيث عمل ذات مرة في بيع الفيتامينات الخاصة بالخيول إلى أن استهوته صنعة بيع الخدمات الهاتفية، وفي حوار مع صحيفة ''ذي وول ستريت جورنال'' قال أوبريان: نحن نذهب إلى حيث تنتظرنا الفرص·
وتضم ''ديجيسيل'' اليوم نحو 2000 موظف، واعتادت أن تبتكر وتطلق خدمة جديدة على الموبايل كل شهر تقريباً· وهي تتخصص بتشغيل خدمات الموبايل ذات الرسوم المدفوعة مسبقاً في معظم جزر ودول البحر الكاريبي بما فيها دولة ترينيداد وتوباجو وجزيرة كايمان وباربادوس وأنتيجوا بالإضافة لجزيرة برمودا التي أنشأت فيها قاعدة لإدارة خدماتها ومشاريعها· ويرى المحللون أن هذا الاستثمار ينطوي على الكثير من الذكاء لأنه ينطوي على عوائد مضمونة طالما أنه يعتمد طريقة الرسوم المدفوعة سلفاً· ثم إن سوق خدمات الموبايل أثبتت دائماً أن معدل نموها يكون مرتفعاً جداً في كافة البلدان النامية التي تدخلها لأول مرة، وقدمت الدول الفقيرة في أفريقيا دليلاً قوياً على هذه الظاهرة· وتعتزم الشركة أيضاً توسيع شبكة خدماتها في المستقبل القريب لتمتد إلى جزر فيجي و''بابوا نيو غينيا''·
ولا يخفى على الخبراء ما لشركة ''ديجيسيل'' من شهيّة مفرطة على المجازفة، فلقد قررت مؤخراً اقتحام سوق جزيرة هاييتي التي تضم واحداً من أفقر شعوب العالم على الإطلاق· ولقد لمس المدير التنفيذي كولم ديلفيس من خلال جولة قام بها في العاصمة بورت أو برانس الطريقة العملية للتعامل في أسواق الشوارع حيث يتم بيع كل شيء على قارعة الطريق بطريقة الدفع النقدي، ولاحظ أيضاً أن هؤلاء التجار يحتاجون إلى الهواتف المتحركة ''الموبايل'' أكثر من أصحاب الدكاكين الثابتة· وهذا أهم اكتشاف على الإطلاق لأنه هو الذي فتح الأبواب الاستثمارية الجديدة أمام الشركة· وتمكن ديلفيس من الحصول على إحصائيات موثوقة صدرت عن الاتحاد الدولي للاتصالات تشير إلى أن 5 فقط من بين كل 100من سكان هاييتي يمتلكون الموبايل، وهذا يعني ببساطة وجود فجوة ضخمة في الخدمة الهاتفية التي يمكن استغلالها لحصد عوائد مالية عالية· ويمكن التأكد من ذلك من مقارنة هذا المعدل بمعدل حملة الموبايل في أميركا والذي يبلغ 52 جهازاً لكل 100 من السكان·
ولم يكن خافياً على شركة ''ديجيسيل'' أن عليها أيضاً أن تطلق حملة إعلانية ترويجية مناسبة أرفقتها بتقديم جملة من الخدمات المشجعة بأسعار وصفت بأنها حطمت المقاييس العالمية· وكان ذلك الإجراء ضرورياً بالنسبة لمن يعرف كيف يتأقلم مع طبيعة الأسواق التي ينشط فيها·
وربما يكون من الممكن اعتبار هذه التجربة التي تخوضها شركة ''ديجيسيل'' فريدة من نوعها لعدة أسباب؛ فهي تمثل بوابة جديدة شبه مضمونة للاستثمار المالي، وتنطوي على فائدة فتح منافذ جديدة لمناطق كانت تلفّها العزلة الاتصالية شبه الكاملة، وهذا بحد ذاته يعد مشروعاً اجتماعياً كبير الأهمية· وأعلنت الشركة قبل أيام عن دخولها في أول صفقة كبرى في أميركا اللاتينية عندما قررت شراء شركة قابضة ذات اسم مشابه لاسمها هو ''ديجيسيل هولدينج'' تنشط في السلفادور وتمتلك رخصة لتشغيل خدمات الإنترنت اللاسلكية في جواتيمالا، وأشار مصدر في ''ديجيسيل'' إلى أن شركته لا تعلم شيئاً عن نشاطات الشركة الأخرى ولم يسبق لهما الاشتراك في أي مجال من مجالات التعاون·
ولاشك أن ''ديجيسيل'' أصبحت تمثل نموذجاً للشركات التي تحمل أفكارا من ذهب حول طرق اقتناص الفرص الاستثمارية؛ وقد يشكل هذا السلوك التجاري الجريء حافزاً قوياً لشركات عالمية كبرى في مجال تقديم الخدمات الاتصالية للوصول إلى أقاصي الأرض بحثاً عن الأسواق التي تبحث عن هذه الخدمات·
عدد اليوم
