الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

محاضرا ليوا.. تاريخ وأصالة وأدوار حضارية

محاضرا ليوا.. تاريخ وأصالة وأدوار حضارية
23 أغسطس 2014 19:24
ينتاب الدالف إلى محاضر ليوا شعور بأنه يمتزج مع التاريخ ذاته فهي بوابة التاريخ وكل ذرة من ترابها حرف مضئ في سيرة الرعيل الأول واليوم هي ملحمة التطور والمجد التي يعيشها أبناء الوطن. تقع محاضر ليوا في قلب منطقة الظفرة وتعرف بأنها قلعة البدوي الأصيل وحصن الإماراتي الشجاع وواحة عامرة بالطيبة والكرم والنخوة، وكانت ملجأ أبناء أبوظبي في الماضي وحصنهم المنيع الذي لم تطأ أرضه قدم عدو ولم يعش فيها غريب في يوم من الأيام وتجد فيها الأصالة بكرا ويشدك فيها الحنين إلى الماضي بقوة وتحظى باهتمام خاص من قبل القيادة الرشيدة. وتعتبر واحة ليوا من أهم الواحات الصحراوية فهي ذات موقع استراتيجي مهم ومنها يمكن ان تتجه إلى أي إمارة من الإمارات الشمالية او الدول المجاورة لذا تعتبر ملتقى القوافل القادمة من جنوب الإمارات وشرقها والمتجهة شمالا أو غربا أو جنوبا وتلك العابرة إلى الجزيرة العربية. ويقسم المواطن محمد بن علي المرر "75 عاما من مدينة زايد" سكان واحة ليوا إلى السكان المستقرين بصفة دائمة داخل المحاضر والقسم الأخر هم الذين يمتلكون المزارع ويترددون عليها من أهل أبوظبي والجزر ومدن المنطقة الغربية الأخرى ومنذ سنوات تحولت محاضر ليوا إلى مدينة حديثة متكاملة تتوافر فيها كافة الخدمات الضرورية إذ تم إنجاز مشاريع زراعية رائدة وتزهو اليوم بمزارعها التي تنتج أنواعا مختلفة من الخضر والفواكه. ويرجع المرر تسمية ليوا إلى الشكل والطبيعة فكل المحاضر عبارة عن بقع "قطع زراعية" منخفضة ذات خصوبة مرتفعة يحيط بها من جميع الجهات كثبان رملية مرتفعة تفتقر للزراعة والخضرة التي تنمو وتزدهر تحت هذه الكثبان بمسافة أمتار قريبة فقط بحيث يراها الإنسان وكأنها خضرة وزراعة تحتضنها الرمال "أو بالعامية تلوي عليها الرمال"، كما ان المحاضر ككل متلاوية مع بعضها البعض "أي متحاضنة" من أولها من جهة الشرق إلى آخرها في جهة الغرب ومن هنا جاءت تسميتها محاضر ليوا . ويؤكد ان حياة المقيظ "الصيف" في محاضر ليوا قديما كان لها طعم خاص إذ تستقبل المحاضر الحضار "أهل الحضر الذين يفدون لقضاء موسم الصيف" من ابوظبي وبقية المدن الساحلية والمناطق المجاورة لقضاء فصل الصيف بعيدا عن رطوبة البحر وهربا من درجة الحرارة المرتفعة وطلبا للراحة والاستجمام وأكل الرطب الطازج بين بساتين النخيل والظلال الوارفة ورغبة في الحصول على فواكه الصيف كاليح والشمام التي تزرع في المنطقة وما جاورها من مناطق منتجة لهذه الفاكهة التي كانت تشتهر بها واحات الإمارات خاصة الواحات الرملية مثل واحات ليوا. ويوضح المرر ان نظام الري المتبع هو النظام السائد نفسه في المنطقة والمتبع في بقية واحات الإمارات حيث تحفر الطوايا "الآبار" في المزارع وبجانب أو وسط النخيل على "قامة أو قامتين" وبعضهم يحفر من عشر إلى عشرين "قامة" ويسقون الزراعة بالدلو وتسمى هذه العملية "يذاب الدلو"، مشيرا إلى ان "القامة" هي وحدة قياس قديمة لمعرفة العمق. ويذكر ان أهالي المحاضر يزرعون النخيل ويسقى بالماء أما الصرم "شتلة النخيل" الصغير لا يفصلونه عن الأم إلا في موسم الزراعة المناسب ويستدلون على ذلك بالنجوم وبصفة عامة أنسب الأوقات "الوسمي" ولكن بصفة عامة قبل زراعة الصرم يتم الحفر بجوار جذع شجرة النخيل "الأم" إذا شوهد اللون الأخضر هو الغالب دل ذلك على ان الوقت والصرم مناسبان للزراعة وإذا تبين ان اللون الأحمر هو الموجود فهذا معناه أن الصرم والوقت غير مناسبين وفي هذه الحالة يترك الصرم للموسم القادم وهذه طريقة اعتمد عليها أهالي المحاضر قديما في زراعة النخيل وما زالت هذه العادة دارجة حتى وقتنا الحاضر. ونوه إلى ان من أشهر المحاصيل التي تزرع في المحاضر اليح والبطيخ وعادة تزرع في مساحات مقتطعة بجانب النخيل لكي تحميها من الرياح والعواصف، ويؤكد ان كثيرا من أهالي المحاضر امتهن بجانب الزراعة الرعي ومن أشهر المراعي في الماضي البطين جنوب ليوا ويعرف باسم بطين ليوا وكذلك بينونة. ويوضح ان البعض من سكان الواحات امتهن بجانب الزراعة والرعي نقل المسافرين بين المحاضر والمناطق المجاورة خاصة من مدن الساحل وأبوظبي وبعض السكان الذين يبتعدون بحلالهم "مواشيهم" عن الواحة للرعي وقد مارس معظم أهل البادية هذه المهنة التي يطلق عليها قديما مهنة الكري "تلفظ بالعامية الجري" وأكثر من أشتهر في هذه المهنة سيف بن مرشد المرر وأحمد بن بليد المرر. ويضيف: بدو ليوا كانوا يسكنون في المنطقة إذا سقاها الغيث ونبت عشبها فيمارسون الرعي ويقومون بحفر الآبار لاستخراج الماء من باطن الأرض للشرب وسقي المواشي والإبل وغالبا ما تكون مساكنهم من خيام الشعر المستخرج من وبر" صوف" المواشي والماعز واليوم قامت الدولة بإعمار الواحات وضخ عشرات المليارات في مشاريع بناء المساكن الشعبية الحديثة وتشييد الطرق والجسور والمعابر وتوفير مرافق الحياة من المدارس والمستشفيات وتولى المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " رحمه الله " بنفسه تخطيط المدن الحديثة وبناء المساكن الشعبية في قلب الصحراء حيث تجمع البدو الرحل حتى أصبحت بحق قصة معجزة قهر الصحراء وتسخير المال لبناء الإنسان.. انها قصة قائد عظيم تفانى في خدمة شعب ووطن.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©