الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخواتم والأساور باب المرأة لدخول القلوب

الخواتم والأساور باب المرأة لدخول القلوب
6 أغسطس 2011 22:10
حظيت أيدي النساء بعناية خاصة من الأعراف الاجتماعية في ديار الإسلام على وجه خاص، زيادة على تلك العناية المألوفة منذ الأزل، وذلك بسبب أن الكفين لدى المرأة لابد أن يظهرا بوضوح للرجال الذين يقبلون على خطبة النساء، ومن ثم ارتبطت صورة الكفين بإيحاءات أنثوية خاصة لطالما تحدثت عنها أشعار العرب بوصفهما عنواناً لجمال المرأة. وقد شغل الصاغة وصناع الحلي أنفسهم بالتفنن في ابتكار الخواتم والأساور التي تمنح أيدي المرأة ومعصمها جمالاً يخلب اللب من النظرة الأولى. رغم أن الرجال شاركوا النساء في عادة اتخاذ الخواتم زينة للأيدي، فإن ذلك لم يحل دون تفرد خواتم النساء بطابع فني وجمالي خاص يميزها منذ الوهلة الأولى عن خواتم الرجال وخاصة من جهة استخدام الذهب وأنواع معينة من الأحجار الكريمة. ولدينا من تراث حلي الأصابع والمعاصم عدد لا بأس به من القطع الفنية التي تبرز عادة الأقدَمين في سبك الحلي وإعادة صياغتها، وهي تبرهن على الثراء الفني والعناية بالخواتم وأساور المعاصم. وقد تميزت الحلي الفاطمية والسلجوقية بطرز خاصة من الخواتم سيطرت لوقت طويل على تقاليد الصياغة باعتبارها أمثلة كلاسيكية، وإن انتشرت الأنماط الفاطمية بمصر والشام وشمال أفريقيا والأندلس، فيما هيمنت الأشكال السلجوقية على الشرق الإسلامي من العراق حتى حدود الهند. الخواتم السلجوقية ومن أمثلة الخواتم السلجوقية خاتم من الذهب بيضاوي الشكل بقمته ثبت حجر من الفيروز الأزرق والجوانب العلوية بها زخارف نباتية مورقة تختلط بها رسوم لطيور، وقد نفذت بطريقتي الحز والحفر، وثمة مجموعة من خواتم تعود للفترة السلجوقية بإيران تميزت باستخدام العقيق الأحمر كأحجار كريمة تتوجها مع نقشه بخطوط كوفية بطريقة معكوسة وكأنها تستخدم للتوقيع أو للطبع على أشياء ربما تكون خاصة بصاحبة الخاتم، وقد لوحظ أنها تحتوي غالبا على عبارة “الملك لله” وهو أمر يجعلنا نرجح أنها كانت تستخدم لتمييز مقتنيات خاصة بصاحبة الخاتم. واللافت استخدام الفضة أيضاً في صياغة الخواتم السلجوقية مثلما نجد في خاتم بيضاوي مرصع بالعقيق الذي ثبت بلحام على الجانب الخارجي لحلقة الخاتم أما الإطار المحيط بالشكل البيضاوي فمزخرف برسوم نباتية محفورة بشكل عميق يتناسب وقابلية معدن الفضة للتشكيل سواء بالحفر أو السحب. العصر الفاطمي أما خواتم العصر الفاطمي فهي تتميز بزخارفها الذهبية الكثيفة وبأشكالها التي تعتمد على زيادة السمك كلما اتجهنا لقمة الخاتم مع عدم الاعتماد على الترصيع بالأحجار الكريمة ومن أمثلتها خاتم يعتقد أنه من صناعة الشام في القرن الخامس الهجري “11م”، وهو مزخرف بأشكال أوراق نباتية نتبين منها أشكال المراوح النخيلية فضلاً عن الحبيبات المتماسة أو أشكال حبيبات اللؤلؤ وقد نفذت هذه الزخارف بواسطة أسلاك ذهبية وبالتخريم أيضاً. وإذا تجاوزنا زينة الأيدي فسنجد أمثلة كثيرة من زينة المعاصم التي تعكس تطوراً كبيراً في مجال صياغة الحلي وفي ذات الوقت استمراراً واضحاً لبعض الأنماط التي بقيت أثيرة لدى النساء في الشرق الإسلامي حتى اليوم. ونجد أيضاً تأثيراً واضحاً للتقاليد السلجوقية والفاطمية في صياغة الأساور، إذ مالت الأساور السلجوقية للاعتماد على الأشكال الأنبوبية الرفيعة، بينما تميزت مثيلاتها الفاطمية بزيادة سمك الأساور. ومن الأساور السلجوقية واحدة صنعت من أربعة أسلاك ذهبية مضفرة حول سلك ذهبي رقيق وعند قمتها نجد شكل قرص ذهبي عليه ترصيع بالمينا ذات الفصوص المصبوبة في حواجز رقيقة من الذهب وهي باللونين الأزرق والأبيض المعتم. وهناك أيضاً سوار له قفل يغلق على شكل قلب يتوج أحد طرفي السوار الذي شكل من أنبوب ذهبي دقيق عند طرفيه، وهو كما يعتقد من صناعة إيران في القرن السادس الهجري “12م”. الأساور الفاطمية أما الأساور الفاطمية فمن أشهرها زوج من الأساور المتشابهة يذكرنا بما هو متبع لدى نساء الشرق من استخدام لأكثر من سوار متماثل لتزيين المعاصم وهو من صناعة بلاد الشام في القرن الخامس الهجري “11م”. ويبدو كل سوار منهما وقد صنع من أنبوبة أكثر اتساعاً من الأشكال الأنبوبية المألوفة لدى السلاجقة، وللسوار نقطة اتصال على هيئة “مفصلة” تسمح بفتح السوار قبل ارتدائه أو عند خلعه وهي تتميز بالمرونة والمتانة أما الطرفان في كل أسورة فعلى هيئة مثلث متساوي الأضلاع تقريباً، وتشكل قاعدة كل مثلث نقطة الالتقاء والإغلاق لكل سوار ولعل في هذا التصميم مرونة، وتوخى مصممه تسهيل ارتدائه فضلاً عن سمك أنبوبه ما يكفي لاستنتاج أنه صنع خصيصاً لسيدة بعينها وأن هذه السيدة كانت بدينة بشكل ملحوظ. وبكل سوار مناطق زخرفيه تزدان بها الأوجه الخارجية الظاهرة للعيان، وقد زينت بأشكال أوراق نباتية أما المناطق المثلثة بنهاية طرفي كل سوار فقد استخدمت في تنفيذها أسلاك ذهبية، ولكل مثلث إطار من شريط مزدوج بداخله أشكال حبيبات متماسة وبداخل كل مثلث زخرفة تشبه أشكال المراوح النخيلية، وهي من العناصر الزخرفية التي كانت شائعة الاستخدام في الفنون الفاطمية. وإلى جانب السلاجقة والفاطميين عرفت أيضاً تركيا طريقها لابتكارات خاصة بها عند صياغة الأساور بدءا من عهد سلاجقة الروم بآسيا الصغرى، ومن أمثلة ذلك سوار من ذهب مطروق عريض نسبياً ويغلق طرفاه بمحبس متوج من أعلاه بحلية دائرية تزدان بشكل وردة ذات ستة فصوص، وهي منفذة باستخدام الأسلاك الذهبية. أما السوار فعلى جانبيه زخرفة من حبيبات متماسة دقيقة تحصر بداخلها رسما لأسدين متقابلين تفصل بينهما الدائرة التي تغطي منطقة إغلاق السوار، ويتميز رسم الحيوانات هنا بقدر كبير من الحيوية والتعبير بدقة عن التجسيم والحركة، وهو أمر نراه كثيراً في زخارف بعض عمائر آسيا الصغرى في تلك الفترة. صناعة الفضة و «خلاخيل الأرجل» شهدت صياغة الأساور تطوراً ملحوظاً خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر للهجرة “18 - 19م” مع ندرة الذهب والإقبال على استخدام الفضة إذ تميزت بأنها أكثر اتساعاً ورقة، وذلك لقابلية الفضة للسحب وباتت تغطي جزءاً كبيراً من المعصم عوضاً عن التقليد القديم الذي كان يعتمد على تعدد الأساور المتماثلة وتعتبر مجموعة الأساور الفضية المملوكة للشيخ فيصل آل ثاني من أهم المجموعات التي تحوي أمثلة لأساور فضية عريضة من العراق والجزائر واليمن فضلاً عن “خلاخيل الأرجل”، وهي جميعاً حافلة بالزخارف البارزة ولا تخلو أحياناً من استخدام الأحجار الكريمة مثل المرجان الأحمر، وكذا استخدام المينا البراقة والتي كانت تعطي خلطة لونية منخفضة التكلفة ويحرص الصاغة معها على المزج بين ألوان كالأصفر مع الأزرق والأحمر مع الأخضر، وهو ما دفع مؤرخي الفنون إلى اعتبارها من منتجات المناطق الريفية أو مناطق القبائل، ومن ثم أنتجت هذه الأساور ذات الزخارف الملونة بالمينا لتناسبها تماماً كقطع من الإكسسوارات.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©