الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سارة جويد

7 فبراير 2010 20:55
عندما نظرت من الطابق الأوسط لمسرح "أبوللو" الشهير، أيقنت أنني أشهد التاريخ يُصنَع. طالما كانت قرية "هارلم" نبراس إلهام للمبدعين خلال القرن العشرين، ممن وجدوا فيها ملاذاً للتعبير من خلال أشكال فنية مختلفة كالموسيقى والمسرح. وفي يوم 23 يناير، وجَدَت ثقافة إسلامية أميركية مزدهرة صوتها أيضاً على خشبة مسرح "أبوللو" التاريخي. قامت "شبكة العمل الإسلامي للمناطق الفقيرة" (إيمان) بتنظيم نسخة خاصة من "مقهى المجتمع الصغير"، والذي يُعقد عادة في شيكاغو، المدينة التي تحتضن "إيمان". وقُصِد من هذا الحدث توفير مساحة لمن هم على وعي اجتماعي للاحتفال والانخراط في أشكال فنية متنوعة من التعبير. عرض مسلمون من كافة أنحاء الطيف مواهبهم الساحرة مخترقين حدوداً كانوا قد وضعوها لأنفسهم، من العرق والنوع الاجتماعي والطائفة والرؤية. بيعت التذاكر جميعها إلى جمهور هتف لتشجّيع مجال واسع من الإبداع الدينامي للفنانين مثل المغني والممثل "موس ديف"، والكوميدي "عاصف ماندفي"، والموسيقي "عامر سليمان" وفرقة ReMINDers. كانت أهم ناحية للحدث وأكثرها إثارة أثر الأداء على الحضور. امتد التلاحم الاجتماعي الناتج عن الحدث إلى ما وراء مسرح الأبوللو، مرسلاً تموّجات عبر المحيط الأميركي مع عودة الحضور إلى بيوتهم. شكّل الحفل، بوجود أحداث هايتي المحزنة، ليلة من المسؤولية الاجتماعية والتشارك الفني والفكري. لم يكن لهذا الحدث أن يأتي في مفترق أكثر مثالية في التجربة الأميركية المسلمة. تستمر هويتنا بالتشكُّل من خلال تنوعنا وردة فعلنا تجاه الأحداث العالمية، وأحياناً التصوير النمطي داخل مجتمعاتنا المحلية وخارجها. وبذلك يبني المسلمون الأميركيون هوياتهم الفريدة عبر المساهمة بشكل ذي معنى في المجتمع من خلال الانخراط في قضايا يهتمون بها حقاً. هناك سيدة تستعد لنيل شهادة الدكتوراه في علم النفس لتوجه الانتباه إلى التشوهات العقلية التي يُنظر إليها أحياناً على أنها غير شرعية في العديد من مجتمعاتنا. وهناك رجل يحطّم الرؤى الخاطئة حول الرجولة من خلال التعامل مع قضايا العنف الأسري. وهناك فنانة تتبرع بريع إنتاجها الفني لصالح هايتي. هؤلاء أناس عاديون، لا تُسلّط عليهم أضواء الشهرة. ليست لديهم صفقات كتب أو أفلام. يعيشون حياتهم ويقومون بأعمال جيدة، يؤمنون بها حقاً، وهم مسلمون. يُبرِز الإعلام أحياناً أناساً على الأطراف وكأنهم الوحيدون الذين يواجهون تعابير فردية عن الإسلام. أما هؤلاء في الوسط فلا يلاحظهم أحد لأنهم ليسوا بنفس ارتفاع الصوت أو لأنهم لا يسعون لشد الانتباه. ورغم أن التعابير الأولى جزء من الكلّ الذي يشكل الطبيعة الدينامية للجالية الأميركية المسلمة، يجب ألا يحصلوا على كمية غير متناسبة من الاهتمام. يجب أن يكون أملنا الجماعي بالمجتمع على مستوى أعلى، ولن يحصل ذلك من خلال التركيز فقط على من تسهل رؤيتهم في حواف المجتمع. يمكن أن يقودنا التركيز على الناس العاديين إلى شعور أقوى من التماسك الاجتماعي. يوفر لنا هؤلاء الأفراد شيئاً غير ملموس، لكنه ثمين جداً. يساعد هؤلاء الأفراد على بناء سرد أميركي مسلم يرتكز على وعي بالله تعالى من خلال التأكيد على إيمانهم عبر الأعمال الصالحة والانخراط المجتمعي، وهو هدف يذهب إلى ما وراء وجودهم. أيقنت وأنا جالسة هناك في مسرح أبوللو، استمع مأخوذة بصوت "سميّة" الأوبرالي الجميل، وهي أميركية مسلمة من أصول إفريقية، يغطي رأسها حجاب وردي اللون، وزيشان الأميركي من أصل بنغالي... أيقنت أنني في الوطـن. كانـوا يتشاركـون بجزء مـن روحهم معـي، بينمـا حطمـوا حاجـزاً بعـد الآخـر. يأتي الفن من أعماقنا، وهو مكان يزدهر أحياناً بهدوء عقلـي وحضور ذهني. وعندما يتم التشارك بالفن مع الآخر، فإنـه يبني الجسـور إلى أماكن لا خرائط لها. وبينما نستمر في تشكيل قصصنا، لنتذكر جوهرنا وكيف نرتبط جميعاً بأصدقاء من ديانات أخرى وبالأرض والمجتمعات الصغيرة، من موقع الكمال. كاتبة وخبيرة في شؤون تخطيط المدن - واشنطن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©