الطائرات الصغيرة تهدد سلامة الأجواء الأوروبية

يهدد النمو المتسارع في أعداد الطائرات الصغيرة الخاصة بالتسبب في حوادث اصطدام في الجو بسبب ثغرة في قوانين السلامة الدولية للطيران تسمح لهذا النوع من الطائرات بعدم الالتزام بأنظمة تجنب الاصطدام وفقاً لتقرير أفرجت عنه الجهة المنظمة للحركة المرورية الجوية في أوروبا· وبدأت في هذا الشهر سلالة جديدة من الطائرات الخفيفة التي تعرف باسم ''في إل جيه'' ضجت التحليق من المطارات الصغيرة في بريطانيا كما أن أكثر من 100 طائرة من هذا النوع بات من المنتظر تسليمها لشركات التاكسي الجوي والشركات الخاصة المشغلة في أوروبا في كل عام في العقد المقبل وفقاً لما ذكرته ''يورو كونترول'' الهيئة التي تتخذ من بروكسل مقراً لها وتشرف على مراقبة الحركة المرورية الجوية في أوروبا· وسوف يتم تشغيل هذه الطائرات على ارتفاعات مماثلة لتلك التي تحلق فيها الطائرات التجارية رغم أنها تفتقد إلى أنظمة السلامة المتقدمة التي تمنع الاصطدام· و''نظام التنبيه المروري وتجنب الاصطدام'' عبارة عن جهاز في كابينة القيادة يعمل على عرض ومراقبة الأجواء في حدود 40 ميلاً من الطائرة ويخطر القباطنة حال اقتراب خطر أو طائرة أخرى· وإذا ما استمرت إحدى الطائرتين في مسار الاصطدام فإن النظام يسارع لإجبار إحدى الطائرتين على الصعود بينما يجبر الأخرى على الانخفاض· وإذا كانت إحدى الطائرات تفتقد إلى النظام أو إذا كان النظام عاطلاً عن العمل فإن حادث الاصطدام سوف يصبح مرجحاً· وفي سبتمبر من عام 2006 لقي أفراد طاقم إحدى طائرات شركة جول ايرلاينز من نوع بوينج 737 حتفهم بعد أن اصطدمت طائرة رجال الأعمال من نوع إمبراير ليجاسي بأعلى ذنبها فوق الأجواء البرازيلية قبل أن تنزلق طائرة البوينج من ارتفاع 37 ألف قدم لتسقط في الغابات بينما تمكنت الطائرة ليجاسي من الهبوط بسلام بعد أن لحقت بها بعض الأضرار· وخلص المحققون لاحقاً إلى أن نظام التنبيه المروري وتجنب الاصطدام لم يكن يعمل في الطائرة ليجاسي، وبذلك لم يتمكن من الاستجابة للنظام في طائرة البوينج ·737 وطبقاً لقوانين السلامة الدولية للطيران فإن جميع الطائرات التي تزن أكثر من 5,7 طن يجب أن يتم تزويدها بنظام التنبيه وتجنب الاصطدام ولما كانت الطائرات من سلسلة ''في إل جيه'' يقل وزنها عن 4 أطنان فقد تم إعفاؤها تبعاً لذلك· ويستغرب أليكس هيندريكس نائب مدير الاستراتيجيات الإدارية للحركة الجوية في ''يورو كنترول'' هذا الأمر قائلاً ''إن هذا النظام إجباري في جميع طائرات الخطوط الجوية لاعتبارات تتعلق بالسلامة، إذاً لماذا يتم استثناء فئة معينة من الطائرات بسبب صغر حجمها!'' واستطرد قائلاً ''إن الأمر أشبه بأن تقول إن الدراجات البخارية أصغر حجماً من السيارات لذلك لا يجب أن تزود بمصابيح الإضاءة أثناء تجوالها في الليل''· علماً بأن هيندريكس يقود عملية تهدف لمراجعة أداء الطائرات من نوع ''في إل جيه'' والآثار المترتبة على ذلك في سعة وسلامة الأجواء الأوروبية، وأحد أهم المسائل التي يجري البحث حولها تتمثل في كيفية إلزام هذا النوع من الطائرات بالتزود بأنظمة التنبيه وتفادي الاصطدام· ويشير هيندريكس القبطان السابق الذي قام مؤخراً بقيادة طائرة من نوع سيسنا موستانج الخفيفة الوزن عبر المحيط الاطلنطي إلى أن الهيئة الأوروبية وجهت تحذيرات إلى مشغلي الطائرات الصغيرة بأن هناك لوائح جديدة قادمة سوف تجبرهم على استخدام أنظمة كاملة للتنبيه وتفادي الاصطدام تماماً كما هو الحال في الطائرات التجارية· على أن أية لوائح جديدة لن يصبح من الممكن إنفاذها قبل حلول العام 2012 من أجل منح الشركات المشغلة الوقت الكافي لتركيب هذه المعدات، علماً بأن تركيب الجهاز في كل طائرة يتكلف مبلغاً بحوالي 100 ألف جنيه استرليني ناهيك عن أن كابينة القيادة المحتشدة أصلاً بشتى أنواع الأجهزة والمعدات سوف تحتاج أيضاً إلى إعادة تصميمها حتى تتمكن من استضافة هذا الجهاز· ولكن شركة جيت بيرد التي طلبت مؤخراً شراء 100 طائرة من طراز -إمبراير فينوم ''في إل جيه''- والتي تخطط للشروع في خدمة للتاكسي الجوي في أوروبا في العام المقبل قد قررت عدم تركيب النظام نسبة لغلو تكلفته وعدم الحاجة له كما تعتقد· إذ يقول ستيفان فيلنر المدير التنفيذي للشركة ''لا أعتقد أن زبائننا سوف يلاحظون عدم وجود النظام إذ إنهم يفترضون أن السلامة مضمونة في الطائرة''· وهو يعتقد أيضاً أن خطر الاصطدام سوف يصبح في أدنى مستوى له لأن طائرات شركة جيت بيرد سوف تحلق بعيداً عن المناطق المحتشدة في الأجواء الأوروبية، ولكن السلطات في ''يورو كنترول'' لا تزال تعتقد أن السماوات الأوروبية تعاني أصلاً من الازدحام وان المزيد من طائرات ''في إل جيه'' من شأنها أن تفاقم هذه المشكلة· وكذلك فإن الهيئة المنظمة تساورها المخاوف أيضاً من أن هذه الطائرات سوف تتسبب في تأخير وتعطيل جداول الرحلات الأخرى بسبب أن هذه الطائرات تحلق بنصف سرعة الطائرات التجارية· عن التايمز البريطانية