الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تستعد لإطلاق مشروع الممر المائي لقناة السويس

مصر تستعد لإطلاق مشروع الممر المائي لقناة السويس
22 يناير 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - يعتمد مجلس الوزراء المصري في اجتماعه المقبل، الخطة النهائية التي أعدتها وزارة النقل، بالتعاون مع اثنين من أكبر بيوت الخبرة العالمية لتطوير منطقة الممر المائي لقناة السويس، وتحويلها إلى منطقة تخزين وتجارة ترانزيت، ودعم لوجيستي لصناعة النقل البحري. وحسب معلومات أولية، فإن ملامح الخطة التي تحمل اسم “الإطلاق الثاني لقناة السويس”، تشمل التوسيع والتعميق بطول الممر المائي من السويس إلى بورسعيد وبما يوازي إضافة مساحة مياه إجمالية تعادل مساحة القناة الحالية وبما يترتب عليها مضاعفة حجم وعدد السفن المارة بالقناة خلال المدة الزمنية ذاتها، ما يؤدي إلى مضاعفة حصيلة الرسوم الداخلة للخزانة العامة. وفي حالة تثبيت تعريفة المرور، ترتفع حصيلة رسوم عبور القناة إلى نحو عشرة مليارات دولار سنوياً كمرحلة أولى عند إتمام المشروع. وتشمل الخطة إنشاء ثلاث مناطق لوجستية عملاقة على طول الممر المائي، تكون إحداها على الجانب الشرقي من القناة، لخلق مجتمع عمراني جديد حولها في عمق سيناء، وتتخصص إحدى هذه المناطق في بناء وإصلاح السفن. ووفقاً لخطة المشروع، تخصص منطقة ثانية لتجارة الترانزيت وتخزين البضائع وإعادة تصديرها إلى مختلف دول العالم، فيما تخصص المنطقة الثالثة لصناعات تجميعية في عدد من القطاعات الإنتاجية مع توجيه هذه الصناعات بالكامل للتصدير للأسواق الدولية. ومن المقرر أن تعمل هذه المنطقة تحت مظلة قوانين المناطق الحرة في العالم أي تدخل إليها المواد الخام والسلع الوسيطة والمعدات والآلات من دون رسوم جمركية. وتتضمن الخطة إنشاء مناطق ظهير زراعي خلف المناطق الصناعية واللوجستية الثلاث لضمان خلق ثلاثة مجتمعات عمرانية تستوعب ثلاثة ملايين نسمة كسكان دائمين وثلاثة ملايين كإقامة مؤقتة لعمال الشركات الأجنبية التي ستعمل في بعض الصناعات التي سيجري جذبها للمنطقة الصناعية التصديرية وغيرها. وتشير الخطة إلى أن التكلفة الإجمالية لمشروع توسعة وتعميق الممر المائي لقناة السويس تبلغ عشرة مليارات دولار، بينما تبلغ تكلفة البنية التحتية للمناطق الجغرافية الموازية للمر المائي، وكذلك استصلاح مساحات من الأراضي الصحراوية، لتصبح قابلة للاستزراع وإقامة مدن عمرانية بنحو 5 مليارات دولار أخرى. آليات التمويل وتضمن الخطة توفير 1?5 مليون فرصة عمل دائمة في غضون خمس سنوات، بينما حددت ثلاث آليات لتمويل المشروع، منها قبول العرض القطري الذي كانت قد أعلنت عنه الحكومة القطرية بعد نجاح ثورة 25 يناير في إطار الدعم المالي العربي لمصر، حيث كشفت عن رغبتها واستعدادها لتمويل المشروع، الذي يمر عبره ثلثا حجم التجارة العالمية بينما تكتفي منه مصر بتحصيل رسوم على المرور. أما البديلان الآخران لتمويل المشروع فهما تمويلات محلية الأول عبر اقتراض مصرفي في حدود 50% من التكلفة وتدبير النسبة الباقية من الموازنة العامة على مدي سنوات تنفيذ المشروع وتمويل حكومي خالص من بند الاستثمارات العامة، إلا أن هذا البديل يتطلب مدة زمنية طويلة خاصة في ظل تراجع متوقع للاستثمارات العامة مستقبلاً على ضوء الانكماش الاقتصادي وضغط الإنفاق العام. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن مجلس الوزراء بعد مناقشة واعتماد المشروع سوف يدفع به إلى البرلمان الجديد الذي سيعقد أولى جلساته غدا بهدف الحصول على دعم شعبي للمشروع لاسيما في ظل ضخامة حجم التمويل المطلوب. كما يتضمن المشروع جوانب قانونية وإدارية تستلزم موافقة البرلمان وإصدار مجموعة من القوانين الجديدة الخاصة بنظم تملك الأراضي في هذه المناطق وحدود الامتيازات التي يمكن أن تحصل عليها الشركات القائمة في نطاق المشروع سواء كانت شركات صناعية أو خدمية، وكذلك موافقة البرلمان في حالة الحصول على تمويل اجنبي للمشروع. وتعتبر خطة وزارة النقل مشروع تطوير الممر المائي لقناة السويس أحد أبرز المشروعات المستقبلية التي يمكن أن تحدث نقلة نوعية في أداء الاقتصاد المصري في السنوات المقبلة على ضوء قدرته على زيادة الدخل القومي بمعدلات كبيرة وإتاحته لقاعدة تشغيلية مولدة للوظائف باستمرار مما يتطلب حشداً تمويلياً متنوعاً يضمن تنفيذ المشروع في أقل مدى زمني ممكن خاصة في ظل التحديات الحالية التي تواجه الاقتصاد المصري. يضاف إلى ذلك البعد المتعلق بتعزيز الأمن القومي في منطقة سيناء، حيث يضمن المشروع توطين عدد كبير من المستفيدين في منطقة شرق القناة، لتصبح بمرور الوقت قاعدة سكانية ضخمة تساعد على حدوث امتدادات عمرانية في قلب سيناء في حالة استمرار عمليات استصلاح الأراضي القابلة للزراعة في العمق السيناوي. البنية التحتية وحسب الخطة، فإنه في حالة إقرار البرلمان للمشروع ستبدأ عمليات رصد بنود مالية لبعض مشروعات البنية التحتية اللازمة له اعتباراً من الموازنة المالية القادمة 2012 - 2013 والتي سيبــدأ إعـدادها في مارس المقبل، بحيث تمثل هذه المشروعات حافزاً للشركات الأجنبية المستهدف جذبها للمجيء والاستثمار في بقية مكوناته الصناعية والخدمية وتبرهن على جدية الحكومة في تنفيذ المشروع. وتؤكد وزارة النقل أن هذا المشروع يستطيع أن يجذب استثمارات أجنبية للبلاد في حدود 30 مليار دولار في أقل من خمس سنوات يتوجه معظمها إلى الصناعات التصديرية وتعميق صناعة بناء السفن في مصر وهي الصناعة التي تفتقر إليها دول المنطقة العربية وتنعكس على ضعف الأساطيل التجارية العربية التي لا تشكل في مجملها أكثر من 1 بالمئة من حجم الأسطول التجاري العالمي. ويؤكد خبراء النقل البحري واقتصاديات التشغيل أن مشروع المنطقة اللوجستية في قناة السويس يعد مشروعاً مستقبلياً مهماً لإعادة هيكلة الاقتصاد المصري عبر تعظيم الاستفادة من إمكاناته وموارده الطبيعية التي تتميز بالندرة والكفاءة وغير متاحة لمنافسين سواء في المنطقة العربية أو العالم وفي مقدمة هذه المزايا النسبية الموقع الجغرافي ووجود شريان قناة السويس بما يمثله من أهمية كبرى لحركة التجارة والاقتصاد العالمي، وأن هذا المشروع يعد إعادة اكتشاف لأهمية الموقع الجغرافي لمصر. حركة التجارة العالمية وقال الدكتور خالد حنفي عميد كلية النقل واللوجستيات، إن هذا المشروع نقطة انطلاق لكي تحصل مصر على عائد يوازي أهمية موقعها الجغرافي الذي يتوسط حركة التجارة العالمية بين الشرق والغرب. وأضاف أن المشروع يفتح الباب مستقبلاً للاستفادة من الموقع الزمني لمصر، حيث تعد ساعات العمل الرسمية في مصر حلقة ربط بين ساعات العمل في منطقة الصين وشرق آسيا وساعات العمل الرسمية في أوروبا والولايات المتحدة. وأوضح أن هذا الموقع الزمني يتيح إمكانية وصل ساعات العمل بين المؤسسات المالية والتجارية حول العالم على مدار اليوم، وهي نقطة جوهرية لم ينتبه إليها أحد. وقال “إن تعظيم أهمية الممر المائي لقناة السويس وإنشاء مناطق لوجستية حوله سوف يجتذب كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال النقل واللوجستيات والتي ستجد نفسها مستفيدة من هذا الفارق الزمني بين الشرق والغرب”. وأضاف أن العديد من الشركات الدولية المتخصصة في هذا المجال سوف تأتي إلى مصر للعمل في هذا المشروع لمعرفتها بأهمية الموقع الاستراتيجي لمنطقة قناة السويس، ما يؤكد الجدوى الاقتصادية للمشروع. وأضاف: “إن العائد المالي الذي سيتحقق منه على المدى الطويل أكبر بكثير من حجم الإنفاق عليه ولدينا مشروع القناة نفسه أكبر دليل على ذلك، حيث تحصل مصر على 5 مليارات دولار سنوياً تعادل 3% من الناتج المحلي الإجمالي من رسوم المرور فقط، فما بالنا لو تحولت المنطقة بالكامل إلى منطقة تخزين وشحن وتفريغ وصناعة سفن وغيرها من العناصر المكملة للمشروع”. ومن جانبه، أكد أحمد قورة الخبير المصرفي، أن مشروعا بهذا الحجم لن يواجه مشكلة تمويلية خاصة من جانب المؤسسات الدولية والشركات المتعددة الجنسية العاملة في صناعة النقل البحري التي تعد من أهم مجالات “البيزنس” الدولي وهذه الكيانات لن تبخل بالتمويل أو ضخ استثمارات في هذا المشروع العملاق. وأشار إلى أن التمويل المحلي أيضاً لن تكون فيه مشكلة فالبنوك المحلية لا تزال تمتلك سيولة ضخمة والشركات المصرية التابعة للقطاع الخاص تملك السيولة أيضا وموازنة الدولة تسمح ببعض الاستثمارات العامة حتى في ظل أقصى درجات الانكماش أو خفض الإنفاق. وشدد على ضرورة الإسراع بالبدء في تنفيذ هذا المشروع الحيوي الذي من شأنه أن يعزز كفاءة الاقتصاد الوطني ويغير واقع منطقة قناة السويس اقتصادياً واجتماعياً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©