الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سعيد بن المسيب.. سيد فقهاء المدينة

21 أغسطس 2014 20:20
العالم والفقيه سعيد بن المسيب أحد أبرز جيل التابعين الذين لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم عاصروا بعض الصحابة وتلقوا عنهم سيرة وسنة النبي الكريم، ولد في السنة الثانية من خلافة عمر بن الخطاب، وحرص على التفقه في الدين منذ صغره، حتى صار عالم أهل المدينة في زمانه، ويكنى بـ «أبو محمد». هو سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، تزوج من أم حبيب الدوسية بنت أبي هريرة، وكان - رضي الله - عنه من كبار أهل العلم في الحديث والفقه وتفسير القرآن الكريم، وقد أطلق عليه المؤرخون لقب «سيد فقهاء المدينة والتابعين»، روى أحاديث النبي عن عدد من الصحابة وبعض أمهات المؤمنين، فجالس سعد بن أبي وقاص وابن عباس وعبد الله بن عمر، ويقول سعيد عن نفسه: أخذت علمي عن زيد بن ثابت، وكذلك أخذ علمه من أمهات المؤمنين أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كعائشة وأم سلمة، وقيل أخذ ابن المسيب شطر علمه من زيد بن ثابت وأبي هريرة صهره، وكان ذا علم غزير حتى أنه كان يفتي وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياء كما ذكر ذلك ابن القيم في أعلام الموقعين. مدرسة الحديث نظراً لتمتع سعيد بن المسيب بغزارة العلم، وحفظه للأحاديث النبوية وتمسكه بالعمل بها اختاره العلماء والفقهاء ليكون رئيساً وزعيماً لمدرسة الحديث التي قامت في المدينة المنورة، وفي هذه المدرسة تتلمذ على يديه الكثير من كبار العلماء والفقهاء، وقد تعلموا منه طريقته في استنباط الأحكام، ثم تفرقوا في المدن والبلاد الأخرى ليقفوا على الأحاديث التي لم يروها علماء المدينة المنورة. وجمع سعيد بن المسيب بين الحديث والفقه والزهد والورع، وكان واسع العلم، وقيل له «فقيه الفقهاء»، وعرف بالجد والعفاف والاعتزاز بالنفس، يرفض هدايا وعطايا الحكام، وكان يمارس التجارة في الزيت، ويروى أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان - وكان وقتها والي المدينة المنورة - طلب الزواج من ابنته فلم يوافق عليه وفضل عليه رجلًا فقيراً من قومه يدعى «كثير ابن أبي وداعة القرشي السهمي» على مهر قدره درهمان. وكان لسعيد بن المسيب مفهوم خاص للعبادة، حيث يعرفها بقوله: «التفقه في الدين والتفكر في أمر الله والورع عن محارم الله وأداء فرائض الله تعالى»، وطوال حياته حرص أبن المسيب على أداء الصلاة في جماعة، وكان يقول: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة، وقال أيضاً: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة، وكذلك حافظ على بقية العبادات ويروى أنه حج إلى بيت الله تعالى أربعين حجة. صدق الرؤية كما اشتهر سعيد بن المسيب بتفسير الرؤى، ويروى أن رجلا جاءه، فقال: رأيت كأني أخذت عبد الملك بن مروان، فأضجعته إلى الأرض، وبطحته فأوتدت في ظهره أربعة أوتاد، قال: ما أنت رأيتها، قال: بلى، قال: لا أُخِبرك أوتخبرني قال: ابن الزبير رآها، وهو بعثني إليك، قال: لئن صدقت رؤياه قتله عبد الملك، وخرج من صلب عبد الملك أربعة كلهم يكون خليفة. فرحل الرجل إلى عبد الملك بالشام فأخبره، فسر بها، وقال له آخر إنه رأى كأن أسنانه سقطت في يديه، ثم دفنها. فقال: إن صدقت رؤياك، دفنْتَ أسنانك من أهل بيتك، وجاءه آخر فقال: رأيت أني أبول في يدي. فقال: اتق الله، فإن تحتك ذات محرم، فنظر فإذا امرأة بينهما رضاع، ورأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوباً: قل هو الله أحد فاستبشر به، وأهل بيته، فقصوها على سعيد بن المسيب، فقال: إن صدقت رؤياه فقلما بقي من أجله، فمات بعد أيام. وفي خلافة عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي العادل كان لسعيد بن المسيب مكانة عظيمة عنده، لأنه رأى فيه العلم والتقوى والصلاح وحصافة الرأي والاجتهاد، حتى أنه كان لا يقضي بقضاء حتى يسأل سعيد بن المسيب، وكان يقول عنه: ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه، وأُوتي بما عند سعيد بن المسيب. وفي أواخر أيامه عانى سعيد بن المسيب المرض، وأثناء مرضه دخل عليه المطلب بن حنظب، وهو مضطجع فسأله عن حديث، فقال: أقعدوني فأقعدوه، قال: إني أكره أن أحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع، وقبل وفاته جمع أهله وأوصاهم فقال: ألا يتبعني راجز ولا نار، وأن يعجلوا بي، فإن يكن لي عند الله خير، فهو خير مما عندكم، وتوفي سنة 94 هجرية، وكان يقال لهذه السنة سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها من الفقهاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©