كيف كانت يا ترى ردة فعل إدارة نادي بايرن ميونيخ وفريقها يرسب في أول امتحانات الموسم بخسارته الغريبة لمباراة السوبر الألماني أمام بروسيا دورتموند؟. كيف تعاطت مع الخروج الرسمي الأول لناديها الذي اختارت له جوارديولا صماماً ومهندساً لتقليعة كروية مستحدثة قبل أن يكون مجرد ربان فني؟، وبأي شكل ستتعاطى مع صدمة الرسوب في الاختبار؟.
يهمني أن أعرف طبيعة ردة الفعل تلك ونمط التعاطي مع السقطة أمام دورتموند، لأنني وأنتم أطلعنا على ما تداعى من تحليلات فنية في الصحافة الألمانية، والتي تختصرها كثير من العناوين المنتقاة بحرفية كبيرة، فمن اعتبر أن خسارة لقب السوبر الألماني أول صفر للمدرب المعجزة، ومن وضع بطريقته علامات التعجب إزاء هذا الذي حدث، ومن أفرط في التشاؤم، فقال متهكماً إن جوارديولا جاء ليقول لكل المنافسين أن بايرن ميونيخ فريق يمكنه أن يخسر، والحقيقة أن بيت البايرن احتفظ بكامل هدوئه تعبيراً عن تقاليد كروية يرسخها فكر لاعبين أسطوريين خبروا كثيرا مكر المباريات وسخرية الأقدار، وطبيعة الهواء السحري الذي يسود ملاعب كرة القدم، فلم نشهد أي تشنج وأي ردة فعل غاضبة، ولا أي خروج عن النص الفكري.
الذين يقدمون الآراء، وليس هناك ما يؤكد علميتها أو حتى أنها أحكام قيمة، ينطلقون من أحكام جاهزة على أساسها يعيدون كتابة الأشياء، ولكن الذين يأخذون القرارات الحاسمة والمصيرية لا يستندون على الانطباعات، ولكن على استقراء عميق وتحليل دقيق، وأيضا على قدرة كبيرة على أن يروا أبعد بكثير من غيرهم، والمؤكد أن بايرن ميونيخ الذي يقف على بابه كبار النجوم السابقين حماة وربابنة، ما فكرت في جوارديولا وما قررت الارتباط به وهو خارج للتو من تجربة فلكية مع برشلونة هي الأولى في مشواره المهني، إلا لأنها رأت بعد طول تفكير واستقراء أن جوارديولا يمكنه أن يهب بايرن ميونيخ المنظومة الكروية والشخصية الرياضية، وأيضا الخصوبة الفكرية للبقاء لأطول مدة ممكنة في قمة الهرم الكروي العالمي.
لم يكن مطلوباً من جوارديولا أن يستعير “التيكي- تاكا” ليلبسها بايرن، فمن الحمق أن يتجرد البطل الألماني من كل الجلابيب الرائعة التي خاطها على مقاسه وجلس بها طويلا على عرش الكرة الألمانية ليرتدي جلبابا قد لا يتناسب مع حجمه، ولكن ما هو مطلوب من جوارديولا أن يأتي بتلك اللمسة الفنية الرائعة التي أكد مع برشلونة أنه يملكها ليجعل من بايرن فريقا قد يخسر مباراة أو مباراتين، ولكنه لا يستطيع أن يتنفس سوى هواء الانتصارات، وهذا أمر يحتاج إلى بعض الوقت، وإلى الصبر على الصفر الأول.
بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
عدد اليوم
