الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خيارات أوباما في التعامل مع إيران

خيارات أوباما في التعامل مع إيران
23 فبراير 2009 23:44
يسابق الرئيس أوبامـــا الزمن لفك عقـــدة 30 عامـــا من العداء ومنـــع إيران من صنع قنبلة نووية، والحال أن مستشاريه أنفسهم يعلمون أن فرص النجاح ضئيلة· ولذلــك، فإنهم عملوا أيضاً، من باب الاحتياط، على وضع مخطط بديل يجيب عن سؤال ''ماذا نفعل إذا حصلت إيران على القنبلة؟''· اليوم، تنكب إدارة أوباما على مناقشة سياستها تجاه إيران وراء أبواب مغلقة؛ غير أنه في العام الماضي، كتب أربعة من أبرز الشخصيات المعينة لمناصب في الإدارة الجديدة حول هذا الموضوع بصفتهم كمواطنين عاديين، وتشير كتاباتهم إلى أنهم شرعوا في التخطيط لكيفية التعاطي مع إيران نووية· دنيس روس، مفاوض السلام السابق في الشرق الأوسط الذي من المتوقع أن يعيَّن كبير مستشاري أوباما بخصوص إيران، جادل بضرورة منح الدبلوماسية فرصة للنجاح، ملمحاً في الوقت نفسه إلى أن الاحتواء ينبغي أن يكون المسار الذي تسير فيه السياسة الأميركية· وفي هذا السياق كتب ''روس'' في مقال في سبتمبر الماضي نشره ''مركز الأمن الأميركي الجديد''، وهو مركز بحوث قدم عدداً من المتخصصين للإدارة الجديدة: ''حتى في حال قمنا بإشراك الإيرانيين، فإننا سنجد أنه كيفما تكن الطرق التي نجربها ومهما نحاول، فإن الاحتواء لن ينجح بكل بساطة''، مضيفاً ''سيتعين علينا ألا نراهن على شيء واحد، وأن نعد العدة لسياسات بديلة من أجل منع إيران من أن تصبح قوة نووية أو تخفيف تأثير هذا السيناريو حال وقوعه''· في التقرير ذاته رأى مستشار آخر لأوباما أنه في حال فشلت الدبلوماسية، فإن البديل ''هو استراتيجية الاحتواء والعقاب''··· كان ذلك استنتاج ''آشتون بي· كارتر''، الذي يقال إنه الشخص الذي اختاره أوباما لمنصب وكيل وزارة الدفاع، والذي حذر في الوقت نفسه من أن ''التحدي المتمثل في احتواء الطموحات الإيرانية والغرور الإيراني، سيكون كبيراً كبر احتواء أسلحتها النووية''· واللافت أن معظم مستشاري أوباما (وكلهم ربما) يرون أن كلفة مهاجمة إيران تفوق مزاياها؛ ويحذرون من أنه إذا اقتربت إيران من امتلاك أسلحة نووية، فإن العمل العسكري لن يكون أكثر إغراء مما كان عليه في عهد الرئيس جورج بوش· لكن ذلك لا يعني أن الولايات المتحدة لن تحرك ساكناً وستقف موقـــف المتفرج· فقد ألمح مساعـــدو أوبامـــا في كتاباتهــم إلى أن على الولايات المتحدة أن تتبع نسخة جديدة من استراتيجية الاحتواء التي استُعملت ضد الاتحاد السوفييتي إبان الحرب الباردة· ولكن، ماذا يعني ذلك؟ أولاً، ستتعرض إيران، في حال تحولت إلى قوة نووية، لضغوط قويـــة ومستمرة من الولايات المتحدة وحلفائها حتى تفكك كل ما تمكنـــــت من صناعتــــه· ثم إن أوباما قد يعلن أن أي هجوم نووي على إسرائيل سيتم التعاطي معه على أنه هجوم على الولايات المتحدة· وعلاوة على ذلك، فإن الجيش الأميركي سيعمل على دعم وتقوية العراق والسعودية ودول خليجية أخرى أمام التهديدات التي تطرحها أي مواجهات عسكرية تقليدية من قبل نظام إيراني بات يشعـــر بالقــــوة· على صعيد آخر كتب ''جاري سامور''، كبير مستشاري أوباما في شؤون الانتشار النووي، و''بروس ريدل''، الذي يشرف على مراجعة السياسة الأميركية تجاه أفغانستان وباكستان في إدارة أوباما، العام الماضي يقولان بأن إيران ''بعيدة بعامين أو ثلاثة على الأقل'' عن القدرة على صنع سلاح نووي، مشيرين إلى أن ثمة عدداً من المراحل بين القدرة واستعمال القنبلة، مراحل مازالت تستطيع الولايات المتحدة أن تعمل خلالها على تجميد البرنامح واحتواء سلوك إيران· وتتمثل الخطوة الأولى، حسب مقال ''روس''، في حشد دعم أوروبا والصين وروسيا (وهو ما يعمل عليه حالياً مساعد وزيرة الخارجية بيل برنز حالياً)· ثم بعد ذلك سيسعى أوباما وراء محادثات مباشرة وشاملـــة مع طهران، مع تهديدات حقيقية بعقوبات اقتصادية أشد في حال لم يتعاون الإيرانيون ووعود بمكافـــآت مجزية إن هم فعلــــوا· لكن لا شيء مما تقدم يعني أن أوباما فقد الأمل في المفاوضات لمنع إيران من صنع أسلحة نووية، إذ يوضح أحد المسؤولين أن الإدارة تركز في هذه المرحلة على المخطط ''أ'' وليس المخطط ''ب''، وذاك في الواقع دليل جيد على أنه وراء شعار الأمل يوجد تقييم واقعي للنتائج الممكنة· وعليه، فماذا عسانا نتوقع؟ الاتصالات مع إيران قد تُستهل بمحادثات سرية في أوروبا بين المبعوثين الخاصين للجانبين، إلا أنه من المستبعد أن تبدأ قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية المرتقبة في يونيو المقبل· ولتعبيد الطريق لهذه الاتصالات، يلاحَظ أن أوباما ومساعديه خففوا خطابهم حــول إيران وباتـــوا يتحدثون فــــي الغالـــب عـــن الأيدي المدودة والاحترام المتبادل· والأكيد أن المفاوضات لن تكون سهلة أو سريعة؛ بل إنه ليس من الواضح حتى ما إن كانت حكومة طهران، التي تتجاذبها تيارات مختلفة، ستستطيع الاتفاق حول موقف تفاوضي منسجم ومتناسق· ومع ذلك، فإن لدى أوباما عاملين إيجابيين لم يكن يتوفر عليهما سلفه· فأولا، أرسل أوباما إشارات واضحة على أنه مستعد للحوار مع إيــران والاعتـــراف بشرعيتهـــــا، وهـــو مــا ينزع عن طهران أي سبب واضح للانسحاب، وعن روسيا والصين أي عذر لمعارضة عقوبات أشد· وثانياً، الأرجح أن ملالي إيران سيشعرون بأنه باتوا أضعف بعد تراجع العائدات النفطيــة وهو الأمر الإيجابي الوحيد ربما في اللأزمة المالية العالمية، على اعتبار أن روسيا، التي تعد أكبر مزود لإيران بالأسلحة؛ والصين، التي تعد أكبر شريك تجــــاري غير عسكري لها، ستشعران بأنه لم يعد لديهما ما يخسرانه، أو القليل على الأقل، في حال انضمتا إلى العقوبات على إيران في وقت قلت فيــه مشتريـــات هذه الأخيرة من الخارج· وختاما أقول إنه إذا فشلت المحادثات وباتت إيران أقرب إلى امتلاك أسلحة نووية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيكونون أمام خيارات ثلاثة هي: مزيد من العقوبات، رغم أنها لم تنجح؛ أو الاحتواء، بما في ذلك التزام أمني أقوى تجاه إسرائيل؛ أو الحرب· بيد أنه من بين هذه الخيارات الثلاثة المرة، يبدو أن الاحتواء -مـــع كل مــا قد ينطوي عليـــه ذلك من مفاجآت وأمور غير مؤكدة- منزلة بين المنزلتين· دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©