الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

خبير اقتصادي لـ«الاتحاد»: العبادي في مواجهة ملف اقتصادي شائك بعد أحداث الموصل

خبير اقتصادي لـ«الاتحاد»: العبادي في مواجهة ملف اقتصادي شائك بعد أحداث الموصل
19 أغسطس 2014 12:36
قال الخبير الاقتصادي العراقي المعروف مظهر محمد صالح وهو نائب البنك المركزي العراقي السابق لـ«الاتحاد» أمس، إن الحكومة العراقية الجديدة ستواجه ملفا اقتصاديا شائكا وتحديا قل نظيره في أي دولة من دول العالم، وخصوصا بعد أحداث الموصل الأخيرة. وأوضح أن «الجغرافيا السياسية للعراق ومنذ 10 يونيو 2014 وحتى اليوم، تعيش في تعرض عسكري وعمليات حربية واسعة ومكثفة في مواجهة قوى إرهابية خارجية، احتلت عددا من المدن والبلدات في غرب وشمال غرب العراق، معززة بعمل وإسناد مجموعات مسلحة محلية غامضة في تحالفها مع القوى الإرهابية. كما حل اللوجيستيك العسكري والعمليات القتالية محل متطلبات الاستقرار والبناء، واستمرار النشاط الاقتصادي المدني والعمليات الإنتاجية والتسويقية المرتبطة به، وعلى امتداد مساحة من أراضي جمهورية العراق زادت على 35% منها. في حين تعرضت محاور النقل والتوريد وإمدادات السلع والبضائع والمستلزمات المختلفة وانتقال الأشخاص من وإلى خارج البلاد عبر الطرق البرية إلى التعثر والانقطاع ولاسيما المحاور الغربية والشمالية والشمالية الغربية منها، معرضة في الوقت نفسه إمدادات البلاد ومستورداتها من شركاء العراق التجاريين من دول الجوار أو من خلال النقل العابر (الترانزيت) منها إلى الشلل أو التوقف ولاسيما بلدان: سوريا والأردن وتركيا. وذكر أنه لايخفى أن النشاط الاقتصادي إن وجد اليوم، في مناطق الصراع مع الإرهاب، (أو التي هي تحت مفهوم الاحتلال حالياً)، لا يعتد به في الحسابات الاقتصادية للدخل القومي، بل هي ضمن الاقتصاد الأسود أو غير القانوني. وقال إن التقديرات الأولية تشير إلى أن ثمة تدهورا في مكونات الناتج المحلي الإجمالي في تلك المناطق، يقدر بنحو 10% من قيمة الناتج الإجمالي المذكور سنوياً، والذي أصبح ضمن الاقتصاد غير الشرعي وخارج الحسابات الوطنية أو حسابات الدخل القومي، ناهيك عن الدمار الذي حصل في الثروة الوطنية من بنى تحتية مختلفة ومكونات رأسمالية مادية منتجة، أمست محطمة أو متوقفة عن العمل أو مسروقة أو تحت سيطرة الإرهاب حالياً. وأوضح أنه إذا كان حجم السكان ممن هم تحت خط الفقر يقدر بنحو 19% قبل العاشر من يونيو في عموم العراق، فإن خط الفقر قد زاد اليوم ليلامس نسبة لاتقل عن 30% من سكان البلاد أو أكثر، ويعزز ذلك وجود أكثر من مليون ونصف مليون مهاجر من المحافظات موضع الصراع مع الإرهاب، مضافاً إليهم معاناة السكان المحليين أنفسهم ممن يواجهون الإرهاب بشتى الوسائل والذين انقطعت بهم سبل الحياة المدنية وأساسيات الحياة كافة، كخدمات المياه والصحة والدواء والتعليم والكهرباء والعمل المنتج للدخل والاستقرار الاجتماعي، وانعدام معايير الحرية والتعبير عن الرأي ونفاذ القانون. وأضاف أن مؤشرات البطالة الفعلية بلغت 12% قبل العاشر من يونيو، وقد ارتفعت اليوم وفق تقديراتنا الأولية إلى 20%، أو ربما أكثر بسبب توقف النشاط الاقتصادي في خمس محافظات تشكل اليوم مسرحا للعمليات العسكرية، موضحا أن البطالة الفعلية بين صفوف الشباب ربما ترتفع إجمالاً إلى 38% في الوقت الحاضر بدلا من 24-28%، كما كان مقدرا لها. وأفاد الباحث بأن اقتصاديات جنوب ووسط العراق عدا إقليم كردستان، أصبحت بمثابة القوة الاقتصادية الوحيدة الماسكة بزمام الوضع الاقتصادي الكلي، والرافعة المالية في البلاد. فسلامة العمليات النفطية وارتفاع طاقات إنتاج تصدير النفط الخام من حقول الجنوب والإنتاج الزراعي المحلي المستقر نسبيا هناك، فضلا عن التوسع في توريد السلع واللوازم المختلفة وانتقالها برا أو بحرا عبر الممرات الجنوبية والجنوبية الشرقية للبلاد، أسهمت بشكل واضح في الاستقرار الاقتصادي للعراق. كما أن ارتفاع إجمالي صادرات العراق من النفط الخام من الحقول الجنوبية إلى نحو مليونين و900 ألف برميل يومياً، سيعزز من عائدات العراق وموارده المالية، بغض النظر عما أصاب حقول نفط كركوك من مفاجآت أدخلته بعد 10 يونيو ضمن الخلاف الناشب بين المركز والإقليم. وأكد أنه بناء على ذلك، فإن إنتاج حقول نفط كركوك البالغة 400 ألف برميل يومياً، كمعدل معد للتصدير، مضافا إليها 400 ألف برميل يومياً تصدر من حقول كردستان وعلى وفق مؤشرات موازنة عام 2014 غير المقرة، قد وضع السياسة المالية الاتحادية ومشروع قانون الموازنة أمام تحد جديد آخر. فبدلا عن تسوية الخلاف على عوائد تبلغ 16 مليار دولار سنويا عن قيمة تصدير نفط خام حقول كردستان في موازنة عام 2014، فإن الأمر سيتطور إلى موضوع إضافة 16 مليار دولار أخرى سنويا في قائمة الخلافات النفطية بين المركز والإقليم، في حال تصدير نفط كركوك ضمن سلة صادرات نفوط كردستان مستقبلا. وقال إن اقتصاد الحرب في وضعه الحالي الذي كان يكلف نفقات إضافية يومية على ميزانية البلاد بنحو 5 إلى 6 ملايين دولار قبل أحداث 10 يونيو المنصرم، أصبح من دون شك في وضع مختلف في مستوى تحمل أعباء مواجهة الإرهاب بعد 10 يونيو، والتي غدت تكلف البلاد يوميا أربعة أضعاف ماكانت تتحمله من نفقات إضافية يومية قبل ذلك التاريخ، والتي يقتضيها اليوم مسرح العمليات من متطلبات الإسناد والتجهيز والتعبئة الحربية. وذكر أن الوضع في العراق يتجه إلى تعظيم قوة الانكماش الاقتصادي واستمرار حالة الركود، فقد انعكست أحداث ما بعد 10 يونيو على الاقتصاد الوطني وحالة التوقعات فيه، مولدة آثاراً طفيفة في ارتفاع مستويات التضخم والتي يعود معظمها إلى حالة الطلب المفاجئ على المواد الغذائية والوقود وخلق توقعات تضخمية مؤقتة. الحكومة المقبلة تحتاج أفكاراً براجماتية وأكد الخبير الاقتصادي أنه بناء على معطيات كثيرة، فإن الحقيبة الوزارية القادمة قد تحتاج إلى أفكار ناضجة ورؤى واقعية تمثل شرارة العمل الاقتصادي، وبمنهجية براجماتية أوعملية. ورأى أن فكرة تأسيس مجلس للإعمار ستكون وظيفته إقرار ومتابعة تنفيذ المشاريع الاستراتيجية الوطنية العابرة للمحافظات أو الأقاليم، والتصدي لمظاهر الفساد أو الهدر في التعاقدات الحكومية. كما ذكر أن فكرة الأقاليم التنموية، كبديل غير معلن عن الاستعمال المناطقي أو الطائفي لتأسيس فكرة الأقاليم، أيضا فكرة جيدة، على أن تنظم بقانون آليات عمل الأقاليم التنموية الخالية من الصبغة المناطقية أو الطائفية، والمقتصرة في عملها على إدارة نشاطات التنمية والإعمار المشترك، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي والتي تصب في نهاية المطاف في خدمة نشاط السوق الوطني للعراق. ودعا إلى تشجيع الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات على استخدام العراق كبؤرة إنتاجية شرق متوسطية للتصنيع، والاستفادة من المدخلات المحلية المتوافرة، وشمولها بقانون الاستثمار ضمن مذهب سائد في العلاقات الاقتصادية الدولية ونطاقات الاستثمار فيها، يسمى (بالتقابل offset). كما نوه إلى توسيع نطاق الاستفادة من برنامج الولايات المتحدة في ما يسمى (بالتبادل النقدي currency swaps )، المقام حاليا على سبيل المثال، بين أميركا والعديد من دول العالم، وعلى نحو يشجع استخدام تلك الأموال التي ستودع في العراق بالعملة الأجنبية، لقاء مبادلتها بالعملة المحلية وبمدد طويلة في مشاريع استثمارية منتجة بالاشتراك أو الشراكة مع الدولة المودعة، وبما يعظم التنمية في بلادنا. ودعا أيضا إلى تطوير استراتيجية إنتاج النفط الخام بعد تحديد نقطة «أمثلية» في إنتاج النفط الخام المصدر، ولتكن 6 ملايين برميل يوميا، لتوجه الإنتاج المستخرج من النفط الخام ليكون كمدخل لمشاريع التكرير أو البترو كيمياويات المحلية، سواء أكانت وطنية أم دولية مشتركة، وبما يعظم القيمة المضافة للثروة الناضبة. إضافة إلى تشجيع الاستثمار العراقي المشترك (حكومة وقطاع خاص)، على الاستثمار في مشاريع خارج العراق. وأكد ضرورة إنشاء أسطول بحري عراقي، بشراكة عراقية- دولية، يسهم في نقل النفط الخام والغاز والمنتجات النفطية العراقية، في جانب التصدير، ومن جانب آخر، يتولى أسطول نقل وطني آخر التجارة الاستيرادية إلى العراق. وأكد أهمية إنشاء مصرف للمغتربين العراقيين، أو نافذة مصرفية داخل وخارج البلاد لمن يرغب من العراقيين المغتربين في استثمار ودائعه المصرفية في العراق، على أن تكون عوائدها معفاة من الضرائب، وتتمتع بحرية التحويل الخارجي دون قيود. ومنح المغتربين حق الاستثمار المباشر لتلك الودائع أو عوائدها. وشدد على إعادة تقويم الاستراتيجيات الوطنية الست عشرة المعتمدة حاليا والتي أقرها مجلس الوزراء، وعلى نحو يحقق الانسجام في الرؤية الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية للعراق، على أن يتولى مجلس النواب تشريع تلك الاستراتيجيات أولاً، لكي تكون ملزمة على الأمد البعيد، ومن ثم منح السلطة التنفيذية صلاحية التعديل عليها كلما اقتضت الضرورة ذلك، وهو أمر يحقق التوافق والملاءمة بين أهداف الموازنة الاتحادية السنوية، وتخصيصاتها قصيرة الأجل، والأهداف الاستراتيجية بعيدة الأجل عند التنفيذ وعبر الخطط الخمسية. (بغداد - الاتحاد)
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©