الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طباخ الرئيس وجبة مملة أصابت المشاهدين بالمغص

طباخ الرئيس وجبة مملة أصابت المشاهدين بالمغص
14 فبراير 2008 00:23
فيلم ''طباخ الرئيس'' قصة وسيناريو وحوار يوسف معاطي وإخراج سعيد حامد وبطولة طلعت زكريا وخالد زكي وداليا مصطفى ولطفي لبيب وأشرف زكي وجمال اسماعيل وأمينة مطربة الحنطور· فكرة ''طباخ الرئيس'' فكرة طازجة وتتيح أن ينسج حولها سيناريست محترف مثل يوسف معاطي الكثير من المواقف الساخنة التي تفجر الكوميديا والسخرية كما اعتدنا في أفلام معاطي مع الزعيم عادل امام حيث يطرح عشرات القضايا الساخنة في سيناريوهات رشيقة وتفاصيل لا تستغرق ثواني على الشاشة· لكن ذلك لم يكن موجوداً في فيلم ''طباخ الرئيس''· منذ المشاهد الأولى للفيلم تشعر بأنك تتابع فيلماً مصنوعاً بأرخص المكونات فقد ارتدى المؤلف قفازات خاصة قبل أن يمسك بقلمه حرصاً منه على ألا تنزلق يداه إلى ما لا تحمد عقباه· والسيناريو لا يجعلك تندمج أو تصدق ما تراه بل تشعر من اللقطة الأولى بحالة الافتعال الواضحة· الفنان طلعت زكريا أو ''الشيف متولي'' الشهير ''بميتو'' يسكن مع عروسه ''انشراح'' مدرسة الألعاب منزل خالها الفنان محمد الصاوي الذي له خمسة أبناء وتقيم معه شقيقته في منزل عبارة عن حجرة نوم واحدة يحتلها الخال وزوجته بينما ينام الجميع في الصالة ويحلم ''الشيف متولي'' وعروسه بتسلم شقة مستقلة ويخرج ''متولي'' إلى عمله في الصباح فيسأله جيرانه عن بعض أسرار الطهو ويجيب بنصائح أو تعليقات ساخرة ويصل ''ميتو'' إلى عمله فهو يملك سيارة خاصة لتقديم الوجبات السريعة ويتميز بعمل الطواجن· ولكنه يتعرض إلى مضايقات من البلدية ويتحايل على ذلك بتقديم الطواجن التي يعدها لهم· في إشارة إلى الفساد الذي استشرى في قطاعات مختلفة· وعلى الجانب الآخر نرى ''الرئيس'' الفنان خالد زكي وحوله بطانة السوء من المساعدين وبعض الوزراء المضللين الذين يقدمون له تقارير ومعلومات مغلوطة عن أحوال المواطنين محدودي الدخل والأسعار فيما يرصد ويقرأ الكثير من المعلومات والأخبار في صحف المعارضة التي تكشف له جانباً من الحقيقة· ولذلك يقرر أن ينزل بنفسه إلى الشارع ليتعرف إلى حقيقة ما تنشره صحف المعارضة وهل هو تهويل وادعاءات كما يؤكد معاونوه؟ مثل لطفي لبيب وأشرف زكي· ويكون قراره أن ينزل منفرداً· ويعقد مجلس الوزراء اجتماعاً سرياً لتأمين جولة الرئيس· ويتفقون على أن يضللوا الشعب والرئيس معاً· ويعلنون أن ذلك اليوم سيوافق كسوف الشمس ويحذرون الناس من الخروج أو التعرض لضوء الشمس· ويخرج الرئيس على قدميه من قصر الرئاسة للسير في الشوارع ويجدها خالية تماماً من البشر· ويفاجأ باختفاء الشعب الذي كان يتمنى أن يتواصل معه ويجري اتصالاً مع مساعديه يسألهم: أين ذهب الشعب؟· وتستمر الأحداث حتى يصل ''الرئيس'' إلى حي القلعة ليقابل ''الشيف متولي'' الذي أصر على الخروج في ذلك اليوم بحثاً عن رزقه· ويبدأ الحوار بين الرئيس ومتولي· ويجد الرئيس صورة له بالحجم الكبير بجوار سيارة ''ميتو'' ويعرف أن ''متولي'' مواطن بسيط يحب الرئيس جداً ويعلم أنه يعمل لصالح محدودي الدخل ويتمنى أن يبلغه بأشياء سلبية كثيرة وفي النهاية يكتشف الرئيس الذي تناول وجبة من الطواجن والممبار أنه لا يحمل نقوداً ويعد ''متولي'' بإرسال النقود له في اليوم التالي ويكون رد فعل الشيف في منتهى البرود على الرغم من أنه ابن البيئة الشعبية الذي يعاني ضائقة مالية وخاطر بالخروج في هذا اليوم حرصاً على الجنيهات القليلة التي يكسبها لكنه من دون أن يعرف شخص الرئيس يتعامل معه بمنتهى الرقي ويقول له لا يهم! وفي اليوم التالي يستدعي الرئيس الشيف متولي ليعمل طباخاً للرئيس ويخضع متولي لفحوص طبية للتأكد من ملاءمته لشغل هذا المنصب المهم ويؤكد له المسؤولون أنه لا يصح أن يخبر أحداً ولا حتى زوجته بأنه يشغل هذه المهنة لدواعٍ أمنية· ويبدأ ''متولي'' العمل وفي كل مرة يقدم للرئيس الطعام يزوده بجرعة من المعلومات الحقيقية والتي كانت تصل للرئيس مضللة له مثلاً أن طبق الكشري يباع بخمسة جنيهات وكان الرئيس يتصور أنه يباع بخمسين قرشاً فقط كما أبلغه وزير التموين بل إن الرئيس يطلب من متولي أن يحضر له رغيف الخبز ''المدعم'' ليتذوقه ويكتشف أن به مسامير وحصى وقطع قماش وأعواد ثقاب ويقرر الرئيس إقامة مأدبة يدعو لها الوزراء تكون عبارة عن فول وخبز مدعم ويأمرهم بتناولها حتى النهاية في مشهد يجمع الوزراء وكل منهم يخرج من فمه أشياء عجيبة· وهو مشهد مر بارداً وبطيئاً على الرغم من سخريته وهكذا يقرر الرئيس إقالة وزير التموين ثم إقالة رئيس الوزراء· أما ''متولي'' وزوجته ''انشراح'' فإن حياتهما لم تتغير ولكن انشراح تنضم إلى حزب معارض ويلقي القبض عليها في تظاهرة تطالب بالتغيير ويستمر الفيلم بإيقاع بطيء ونرى إدانة بعض المسؤولين وإلقاء اللوم عليهم في كل مشاكل محدودي الدخل كما يدين الفيلم الفساد الذي امتد إلى قطاعات عديدة في الحكومة· وفي النهاية يقرر معاونو الرئيس التخلص من ''متولي'' الذي تجاوز دوره كطباخ وأصبح مصدر ازعاج لهم لأنه يكشف تضليلهم ويقدمون للرئيس تقريراً مزوراً يؤكد إصابة ''متولي'' بفيروس ''سي'' مما يستدعي عزله من الوظيفة ولا يفوت الفيلم أن يؤكد اهتمام الرئيس بالبعد الإنساني حيث يأمر بعلاجه على نفقة الدولة ومنحه شقة في مشروعات الشباب· وعلى الرغم من الضجة التي سبقت تصوير الفيلم فإن السيناريو جاء باهتاً لا يتضمن ما اعتدناه من ''نكهة'' لاذعة تميزت بها أعمال السيناريست يوسف معاطي خاصة مع رئيس جمهورية الضحك عادل امام الذي اعتذر عن عدم بطولة هذا الفيلم ''المسلوق'' أما المخرج سعيد حامد الذي قدم أنجح الأفلام الكوميدية وحصدت أفلامه أعلى الإيرادات فقد توارى وراء سيناريو لم يتح له مساحة لاستعراض رؤيته وأدواته بل تخلى عن توجيه الممثلين خاصة طلعت زكريا· ولم نشعر بوجوده إلا من خلال الكادرات التي صور فيها شوارع مصر الخالية· ولم تنجح المونتيرة مها رشدي في إنقاذ إيقاع الفيلم من حالة الملل التي تسربت من الشاشة إلى مقاعد الجمهور· ولعل براعة مدير التصوير مصطفى عز الدين هي أحد العناصر القليلة المبهجة في الفيلم فقد استطاع أن يخلصنا من إحساس الافتعال الذي سيطر على الأحداث خاصة في تلك المشاهد التي لعبت فيها الإضاءة دوراً معبراً أكثر من أي جملة في الحوار· ولم يكن أداء طلعت زكريا بالتلقائية نفسها التي اعتدناها منه وصنعت نجاحه في أفلامه السابقة· فقد حاول ارتداء عباءة نجيب الريحاني لكنه لم ينجح في أن يبكينا أو يضحكنا وربما كانت حالته الصحية متدهورة· أما الفنان خالد زكي فجاء اداؤه تقليدياً ولم يضف له السيناريو أي مساحة لإظهار قدراته على الأداء الكوميدي· ونجحت الفنانة داليا مصطفى بأدائها التلقائي وخفة ظلها في إنقاذ المشاهدين من الرتابة التي سيطرت على أجواء الفيلم على الرغم من المساحة المحدودة لدورها· أما لطفي لبيب وجمال اسماعيل فقد كان كل منهما الأنسب لدوره وفي اللحظات القليلة التي ظهرا فيها كان الصدق يسيطر على الشاشة· ولا أعرف لماذا اختار المخرج سعيد حامد امينة مطربة الحنطور لتشارك في الفيلم حيث منحها مساحة للغناء فلم تضف شيئاً على الرغم من المبالغة في مظهرها وأدائها· فيلم ''طباخ الرئيس'' وجبة سينمائية تحتاج إلى مزيد من النضج·
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©