الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مهمة الفنان اكتشاف الأماكن المجهولة

مهمة الفنان اكتشاف الأماكن المجهولة
14 فبراير 2008 00:05
إذا كان الفن عامة يمتلك من السمات الإنسانية ما يؤهله، ويحفزه، دوماً على اختراق الأبعاد الجغرافية، فإن للتشكيل خصوصيته المميزة على هذا الصعيد، ذلك أنه أكثر تماساً مع المشاعر الإنسانية في سماتها الأشدّ نقاء، وبالتالي فهو الأقرب إلى الحيز المشترك من العمق الآدمي الدافئ، والمحصن بوجه الاختلاف الخلّبي والموهوم· الذهاب إلى القمم لا يبدو الفنان سرور معنياً فقط باستحقاق التمايز التقني في أعماله التشكيلية المتعددة، لكنه يحرص، مع كل لوحة جديدة، على ممارسة ما يعتبره واجب الفنان في الارتقاء بالذائقة المتلقية نحو ذرى أكثر رحابة، وأماكن غير مكتشفة سابقاً من المدى الإبداعي الذي يعمل ضمن إطاره· وفرة الإنجاز، وفق رؤيته، لابد لها أن تتلازم مع فرادة ما، وأن تمتلك فرصة البوح الآسر بجديد يستدعي الحفاوة ويبررها، حينها فقط تكتسب الألوان المتمازجة حضوراً صاخباً، يمنحها المشروعية المطلوبة والمستحقة· تتشابه أعمال الفنان، لكنها تسعى دوماً نحو قدر من التفرد، مثل ما هي تحرص على استلهام الموروث الجمعي، والمؤثرات المشتركة في الوجدان المتلقي، مع إبداء القدر المطلوب من السعي نحو التغيير والتحديث، وصولاً حتى الخروج عن المألوف· الوفاء للأصل يقول الفنان سرور إن مصدر إلهامه الرئيس هو البيئة الإماراتية التي يستوحي منها التقاليد والمورثات والنمط المعماري القديم، والنهضة العمرانية القائمة في شتى المجالات، مشيراً إلى وجود متسع من إمكانية الربط الفني بين المضامين المشار إليها· يضيف سرور قائلاً: ''أشعر بمسؤولية الحفاظ على البيئة القائمة، وذلك يعني عدم إضافة ألوان تشوه اللون الأصلي، الذي ينطوي على ثراء تشكيلي باذخ، المناظر المتاحة جميلة بترابها وخرابها، وبمسحة الزمن المرتسمة فوق ملامحها، وأيضاً هي غنية بالتبدلات التي تطرأ عليها مع تغير أحوال المناخ، واختلاف الوقت، ذلك أن الشيء نفسه يسعه أن يكون عند الغروب غيره حين شروق الشمس، ويمكن للفنان المتمعن في المشهد أن يرصد هذا الاختلاف، ويوظفه في إطار عملية استيلاد جمالي ممتعة''· بصورة مماثلة يبدي الفنان سرور حرصاً على العادات والتقاليد التي تمثل مصدراً إيحائياً فائق الغنى، إنها أمانة، يقول، ومن البديهي أن يجري التعامل معها وفق هذه الرؤية، لكن هذا الالتزام، الذي قد يحسبه البعض مبالغاً فيه، لا يمنع الفنان من ممارسة التجديد في أعماله، سواء على صعيد الخامة المستخدمة، أو التقنية، أو الموضوعات· التنوع ممكن حتى في سياق المحافظة على نقاء الأصل، وتفادي الدخول في أي عملية تشويه له· نهضة ثقافية يتحدث سرور بثقة عن نهضة ثقافية تشهدها دولة الإمارات العربية، يبدو التشكيل في جوهر اهتمامها، وهو يرى في ذلك وسيلة تحريض للفنانين التشكيليين لتجاوز ذواتهم باستمرار سعياً وراء تقديم الأفضل· الأمر لا يخيف، يقول محدثنا، لكنه يضعنا أمام مسؤولياتنا الفنية البديهية، حيث يصير السعي نحو الجديد هاجساً محورياً يتحكم في سلوك الفنان حيال فنه، والأمر يمثل، برأيه، إحدى البديهيات التي لا يستقيم الإنجاز الفني خارجها، لكنه يشير إلى ضرورة تقديم الدعم من جانب الدولة، على أكثر من صعيد من أجل تحقيق القفزة المأمولة، التي تبدو ممكنة استناداً إلى ما تزخر به الإمارات من إمكانات إبداعية على مستوى العنصر البشري، أما بالنسبة إلى أشكال الدعم المقترحة فيحددها سرور بتقديم العون المادي، حيث ثمة عدد كبير من الطاقات الإبداعية الواعدة التي تعوزها الرعاية من أجل الانطلاق في مضمارها، إضافة إلى ما يطلق عليه تعبير دعم الأمكنة، ذلك أن صالات العرض تعاني شحاً إلى حدود الندرة، خاصة مع اتجاه العروض ذات الطابع التجاري للهيمنة على مسار العملية التشكيلية برمتها، مما يعني عجز ذوي الإمكانات المادية المتواضعة، أو المبتدئين في الفن التشكيلي عن تقديم أعمالهم إلى الجمهور، يبرر سرور دعوته تلك بالاستناد إلى تجربة شخصية، مكنته من الاهتداء إلى مجموعة كبيرة من فناني المستقبل الذين لا يحتاجون أكثر من فرصة للظهور على الملأ من أجل تأكيد حضورهم الفني·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©