الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقسيط يجتاح السلع في لبنان ويغرق المقترضين في براثن السداد

التقسيط يجتاح السلع في لبنان ويغرق المقترضين في براثن السداد
28 أكتوبر 2010 20:59
عمت “موضة” التقسيط كل الحياة اليومية للإنسان اللبناني، حتى أنها أصبحت تطال سلعاً صغيرة مثل اقتناء الثياب وشراء الساعات وتسديد فواتير المياه والكهرباء وأقساط المدارس، وباتت الظاهرة تكبر وتنمو بسرعة نتيجة للفقر، بعدما كانت هذه الآفة الاجتماعية محصورة في شراء الشقق للسكن والسيارات وتجهيزات المطبخ والمفروشات. موضة تسود المجتمع اللبناني في ظل عالم يتجه نحو تطور الأنظمة المعيشية، والعولمة الاقتصادية، حيث تتزايد الأعباء والمتطلبات فتتحول الكماليات إلى ضرورات لا غنى عنها، فيرزح الفرد تحت عجز القدرة والاستهلاك، فيستدين بفوائد مرتفعة ومكلفة من المصارف، والنتيجة في حال عدم الإيفاء بدفع الأقساط في موعدها، قضاء بقية الحياة خلف القضبان. آفة منقولة الحياة أصبحت بالتقسيط، واللبناني صار يعيش ويسكن ويعلم أولاده ويأكل بالتقسيط في ظل ظروف اقتصادية صعبة، فالراتب محدود والمصاريف في تصاعد. وتعتبر آفة التقسيط منقولة عن الغرب، حيث إن أية أسرة تعتمد في حياتها على نمط التقسيط المريح، لكن الأنظمة المتّبعة هناك تسهّل الإيفاء بالقروض، بينما في لبنان، فإن الغاية المرجوة من القرض هو الربح السريع، لذلك فإن نظام التسليف هنا وجد مبتوراً وناقصاً ولمصلحة المرابي كائناً من كان، ومن دون أي تأمين أو ضمانات تصب في مصلحة المستدين، مع العلم أن هذا الإنسان استدان لانعدام السيولة والقدرة الشرائية، عدا أنه استلف قرضاً لشراء سلعة معينة ضرورية، وهذا ما يساعد على الترويج والمساهمة في عملية النمو الاقتصادي. إلى ذلك، يرى الوزير شربل نحاس أن هذه الظاهرة ليست بالضرورة مؤشراً لأزمة اقتصادية؛ لأن امتلاك السلع المعمرة وبشكل خاص المسكن، بات طبيعياً أن يتم من خلال التقسيط، لكون أثمانها مرتفعة ومدة استهلاكها طويلة، وقد ترافق توسع اقتناء هذه السلع في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين، مع توسع التسليف للأفراد الذي كان شرطاً للتوسع المذكور، غير أن ما حصل خلال العقد المنصرم في لبنان، يختلف عن القاعدة التي وقعت في البلاد، وما أحدثته من مآس، حيث أصبح الطلب السلع المعمرة رائجاً، والطلب عليها مضاعفاً، بغية التعويض، وهذا ما ولّد كمّاً من الطلب لا يتناسب بالضرورة لا مع إمكانات الأسر والقدرة على الشراء، ولا مع توازن العمليات الاقتصادية والمالية. لهذه الأسباب تزايد البيع بالتقسيط بوتيرة عالية، وحين حل التراجع الملحوظ في القدرة الشرائية، بدأ تراكم هذا التسليف كبيراً قياساً على حجم الدخل الوسطي المتاح للأسر. وهذا ما بينته إحصاءات رسمية عن أوضاع الأسر في لبنان أظهرت أن ما يقارب 90 بالمائة من الأسر، يقل مجمل مدخولها عن إنفاقها بنسب مرتفعة جداً. تبخّر الراتب في المصارف، زبائن يشكون ويتأففون من أعباء التسليف بالدولار، في حين أن المداخيل تتم بالليرة اللبنانية، التي فقدت قوتها الشرائية منذ سنوات عديدة، وهذا ما يعرّض المستدين إلى مخاطر تقلب أسعار الصرف، الذي يؤدي في نهاية الأمر إلى تزايد نسب التخلف عن الإيفاء بتسديد الأقساط المطلوبة. ويقول العروسان وسام خريس وزوجته ميرا إن التعامل مع المصرف متعب جداً، إذ إن راتبهما الشهري لا يكفي ثمن الأقساط الضرورية لبيت الزوجية، ففي كل نهاية شهر يتبخّر الراتب أقساطاً لثمن المنزل والمفروشات، بحيث لا يبقى منه إلا مبلغاً زهيداً لا يكفي تأمين المواصلات والطعام، عدا فواتير الكهرباء والمياه والتلفون. وللشراء بالتقسيط مواسم وفصول، كما يقول سميح الموسوي، صاحب محل لبيع المفروشات الذي يرى أن الطلب يزداد لدى انتهاء العام الدراسي، على أساس أن بداية فصل الصيف تجبر بعض الناس على التجديد في أثاث المنزل، وهو بالرغم من أنه كان يبيع نقداً، إلا أن الحالة الاقتصادية المتردية والركود الحاصل، دفعاه إلى القبول بمبدأ التقسيط، وهذا خيار لا بد منه كما بقية المؤسسات، بعد انخفاض نسبة المبيع لذلك التقسيط بواسطة المصارف مع فائدة معقولة لمساعدة ذوي الدخول المحدودة. نظام التسليف يختلف بين سلعة وأخرى، فهي ليست متطابقة بالشروط والمواصفات نفسها، فنظام شراء السيارة بالأقساط يكون حسب سنة الإنتاج ومدة الاستهلاك التي تتراوح بين السيارة الجديدة والمستعملة، فالقانون لا يسمح إلا بتقسيط موديلات ما فوق التسعينيات. ومحال الأناقة التي تبيع الملابس النسائية، ذات “الماركات” العالمية المعروفة، نزلت أيضاً إلى ميدان التقسيط الذي يدوم حتى 3 سنوات. إلى ذلك، تقول رنا حمدان إن بعض الصديقات أصبحن يفضلن التقسيط بدلاً من الدفع النقدي، وإحداهن ابتاعت فستاناً وبقيت تدفع ثمنه ستة أشهر.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©