الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

"أبو أرطاه".. صيد وقنص على الرمال الذهبية

"أبو أرطاه".. صيد وقنص على الرمال الذهبية
26 أكتوبر 2018 01:01

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

وسط صحراء مترامية، تتبختر الظباء برمالها، وتجري الحبارى بشعابها تاركة أثراً يقتفيه عشاق الصيد، وليل منقط بضوء النجوم الساطعة على اتساع السماء.. تتربع محمية «أبو أرطاه» بمنطقة رماح، هذا المعلم السياحي البيئي المخصص للصيد والقنص والذي حصل على إشادات عالمية لتفرده بفكرته الإبداعية، يروي قصصاً عن تاريخ المنطقة وتراث الأجداد وكرم الضيافة في أجواء مترفة تتميز بالفخامة والخصوصية المطلقة.
تجاوزت المحمية التي افتتحت سنة 2016 توفير البيئة المناسبة لممارسة هواية الصيد بالصقور والقنص، إلى خدمة السياحة البيئية والحفاظ على التراث وخدمة البيئة والتعليم، وتعد المحمية المتواجد بمنطقة رماح بمدينة العين من الأفكار الرائدة، التي تطلع إلى لعب دور كبير في الحفاظ على موروث الأجداد، وإعادة إحيائه لربط الأجيال الحالية بالماضي العريق للدولة والمنطقة، إلى جانب المساهمة في التنمية المحلية، ناهيك عن أنها تمنح السائح المحلي والإقليمي والعالمي فرصة ممارسة هواية الصيد أو القنص وسط مشهد رملي تكتسي فيه الطبيعة باللباس الذهبي.

استدامة
ملاذ هادئ يمضي فيه الزائر يوماً غير تقليدي، فمشروع المحمية الذي كلف ملايين الدراهم لتعزيز السياحة البيئية المستدامة وإحياء تراث الأجداد، يقع على 88 كيلو متراً مربعاً ينقسم إلى شقين متجانسين، براري لصيد الظباء بأنواعها بمساحة تصل إلى 2000 هكتار وتحتوي على الريم الصحراوي والمها العربي الوضيحي والغزال الدوماني، كما يحتوي على شق للصيد بالصقور المقناص يمتد على مساحة 6000 هكتار، حيث يعتبر «براري» أحد المشاريع المستدامة بمنطقة رماح كأحد مشاريع ريادة الأعمال الوطنية المتميزة بالإمارة، وفق التراخيص والإجراءات المعمول بها في هذا الشأن، للمساهمة في تطوير السياحة البيئية والتراثية كعلامة ذات سمعة إقليمية وعالمية، ووجهة لعشاق القنص والصيد.

صيد تقليدي
تستقطب منطقة براري داخل المحمية، عشاق الصيد بالصقور أو القنص فجراً أو عصراً، فبعد أن تستقل سيارة الدفع الرباعي التي تتوغل في الصحراء تتواتر على جانبيها الكثبان الرملية تظهر زرقة البحيرات التي تنعكس عليها صور النخيل، مناظر طبيعية كفيلة بأن تجلب البهجة للزائر بمشاهدة المها الوضيحي كنقطة ضوء وسط الرمال الذهبية أو الغزال الدوماني أو الصحراوي التي يتخذ من لون الرمال لباساً، عبر مساحات شاسعة خالية من مظاهر الازدحام ليمارس هوايته المفضلة برفقة أحد المختصين في الصيد، وعلى الجهة الأخرى وعلى مساحة شاسعة يعيش عشاق الصيد بالصقور طقوس الصيد في أجواء عنوانها الفخامة والترف والخصوصية، وهناك تجد مختصين يقتفون أثر الحبارى ويدعونها ليستقبلها الصقر الذي يجد متعة كبيرة في الظفر بغنيمته.

صيد للعالم
عبدالله السويدي، مستشار تطوير الأعمال ورئيس لجنة الصيد في محمية أبو أرطاه، أكد أن الصيد بهذا المكان يبدأ من أكتوبر إلى مارس، وهو ليس للمتعة فحسب، إنما لتجديد الطبيعة والحياة، وهي عملية استدامة وحفاظ على البيئة.
وأضاف: «عندما تفوق الظباء العدد مثلاً تشكل خطراً على بعضها البعض، ومن هذا الباب تستقبل براري عشاق القنص وفق المعايير العالمية، فالصياد يجب أن يلتزم بالشروط، حيث يرافقه الصياد المحترف الذي يختبر قدرته على التصويب إلى جانب التعليمات التي يجب أن يستوفيها، كاحترام الطبيعة والحفاظ على المكان نظيفاً وسلك الممرات الخاصة وعدم إيذاء النباتات الصحراوية.
وبراري الصيد صممت لمنح هواة الصيد بالصقور والقنص مجموعة من العناصر الحميمة التي تُلامس عواطفهم في أجواء الضيافة والكرم الإماراتي التي تعكس عقوداً من التراث والتقاليد العريقة، حيث أوضح السويدي: «نتطلع لجذب سياح من نوع خاص من الداخل والخارج، فمحمية أبو أرطاه الواقعة قرب رماح لها تاريخ قديم، وهي موطن أصلي للظباء الشهيرة في الجزيرة العربية، وكانت في السابق ممراً لهذه الظباء قبل 100 عام باعتبارها من الحيوانات المهاجرة، كما تشكل المحمية والتي تشتهر بالمقناص منذ قديم الزمان موطناً مهماً للحبارى، لهذا أوجدنا اليوم هذه المنطقة لنعمل على الحفاظ على الطبيعة واستدامتها، وفتحناها كأول منطقة للصيد بشروط وضوابط والتزامات وتطبيقات حازت إشادات كثيرة من الصيادين العالميين، حيث يعتبر الصيد جزءاً من الاستدامة، لذا يمنع صيد الإناث والصغار، ويقتصر الأمر على صيد الذكور الذين يشكلون خطراً على بعضهم البعض، خاصة في موسم التزاوج، وهي عملية بيئية للحفاظ على القطيع.
رمال ذهبية وسكون وصفاء روحي، عناصر تجعل براري تشكل مفهوماً جديداً للسياحة البدوية العريقة في هذه المنطقة، فهي سياحة بيئية صحراوية، وهي مرخصة من هيئة البيئة- أبوظبي، وتحصل على الدعم والمساندة، حيث تختصر بتصميمها عنصر الإقبال على الطبيعة في عودة مرنة إلى الماضي، يغلب عليها الطابع العربي الأصيل تعكسها الجلسات العربية التي تحتضنها الرمال لتوفر سمراً ليلياً هانئاً بعد يوم يمتزج فيه التعب بالمتعة وتكتمل تجربة الصيد بكرم الضيافة، وسط أجواء تعكس طابع الطقوس الإماراتية، كما يعيشها أهلها، يزيدها دفئاً تلك الأحاديث التي يتبادلها الصيادون عن يوم حافل بمطاردة الطرائد والاستمتاع بالظفر بالغنائم.

المقناص
حين تتوغل في صحراء فسيحة تبلغ مساحتها 6000 هكتار وتتسع لـ 730 حبارى، تختلف المناورات والمطاردات، في هذه الرقعة يرافق الصياد أشخاصا مدربين، بسيارات الدفع الرباعي ويسبقونه، لاقتفاء أثر الحبارى، ولدفعها للطيران في سماء ملؤها الزرقة ليتلقفها الصقر بمهارة عالية، مطاردات ومناورات مثيرة تختبر قدرة الصياد ومواهبه، وبعد رحلة حافلة بالتشويق بإمكان الصقار أو الصقارين الجلوس بالحضيرة لارتشاف فناجين القهوة العربية، أو يطبخون طيور الحبارى بالطريقة التقليدية بالحطب، أو التسامر على ربوة لتستريح النفس بعيداً عن صخب المدينة.

الربوع الساكنة
تم توظيف بيئة محمية أبو أرطاه، لكي تمثل نمطاً من أنماط السياحة التي يلجأ إليها الفرد للاستمتاع بتراث الأجداد، والاطلاع على ثقافة وتقاليد الصيد بتفاصيلها المثالية في أجواء المتعة والتشويق، بهذه الربوع الساكنة التي تفتح المجال إلى التأمل في تراث محلي عريق أصله الأجداد ويتوارثه الأحفاد.. إلى ذلك قال الوالد محمد خلفان روية الخيلي إنه سعيد بمرافقة الزوار في رحلتهم وتتبع آثار الحبارى الماهرة، لافتاً إلى أن المحمية تقوم بدور مهم في نقل هذا التراث من خلال جلب سياح من جميع أنحاء العالم، بحثاً عن الثراء الطبيعي الذي تتميز به البيئة الإماراتية.
وقال الشاب الإماراتي سهيل الخيلي إنه وجد ما كان يصبو إليه في محمية أبو أرطاه وخاصة بالجزء المتعلق بالصيد بالصقور، والتي توفر الطريقة المثالية لممارسة هذه الهواية في أجواء مفعمة بالفخامة والخصوصية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©