السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السفر بلا تخطيط.. متعة آنية تتبعها ضائقة مالية

السفر بلا تخطيط.. متعة آنية تتبعها ضائقة مالية
14 أغسطس 2014 20:32
بعد شهور مليئة بأعباء العمل وضغوطات الدراسة ومسؤوليات البيت والأولاد، بدأ الموسم الصيفي، وبدأ كل فرد من أفراد الأسرة الاستعداد والتخطيط لقضاء عطلة صيفية ممتعة تتضمن أوقاتاً للاسترخاء والراحة والتنزه والتبضع ولقاء الأهل والأصدقاء بعيداً عن العمل والدراسة وروتين الالتزامات اليومية. إلا أن شبح الاقتراض يتربص بالمسافرين من دون تخطيط مسبق، سيما وأن السفر صيفاً بات مظهراً اجتماعياً ومدعاة للتفاخر، ما يؤثر سلبا على ميزانية الأسر طيلة العام. رأس الأولويات تكتظ ساحات وردهات مطارات الدولة بالمسافرين الباحثين عن الأوقات الممتعة، حتى أصبح السفر من أولويات العائلات ويقع على رأس برنامجهم الصيفي للترويح عن النفس وتجديد العلاقات الأسرية. وتجد لبنى جاسم «موظفة وأم لـ 4 أبناء» أنه مع بداية فصل الصيف لابد من إحداث تغيير للتجديد والاستجمام، هرباً من حرارة الصيف، وإعادة النشاط والحيوية واستعادة الانتعاش إما بطريقة السفر أو بأخرى، وتضيف: «بعد أن أصبح السفر لدى البعض من أجل الراحة والمتعة، باتت بعض العائلات تنتهج منهاج الوجاهة الاجتماعية حتى وإن لم يكن الوضع المادي للأسرة لا يسمح بالادخار»، موضحة أن هناك من يقترض لأجل السفر، وذلك مفهوم خاطئ قد ترسخه الأسر في أذهان أطفالها. وتؤكد أن السفر ترف وليس ضرورة، ذاكرةً أنه من الممكن الاستمتاع بالإجازة كيفما كانت ومن دون ترتيب أيضاً، متى ما اتفقت الآراء وعرف الأهل والأطفال استغلالها بما يفيد. وتختلف معها شيخة سعيد، التي ترى أن الإجازة لا يمكن الاستمتاع بها إلا بالسفر ولو لفترة قصيرة، حيث ترى أن الأسر تشبعت من الأماكن السياحية في المنطقة التي تسكنها، لذلك يعتبر السفر إلى دولة أخرى حافزاً كبيراً على التغيير والشعور بالإجازة، لذلك فهي مع الأسرة تحرص على السفر وقضاء أوقات مختلفة في دولة تكتشف سياحتها ومناطقها بشعور جديد وذلك الحرص على السفر يدفع أسرتها للترتيب لذلك قبل بدء الإجازة، حيث تقوم الأسرة بتوفير المال والادخار قبل موعد الإجازة بفترة، وإذا كان الوضع المادي للأسرة لا يسمح بالادخار، فإنها تقترض حتى توفر مال السفر وذلك لفرط أهمية مبدأ السفر في الإجازات. عقبات مؤرقة تعتبر خلود سالم أن ميزانية السفر من أهم العقبات التي تؤرق الأسر الراغبة في قضاء عطلة الصيف خارج البلاد، ومع المغريات التي تقدمها مكاتب السياحة وبعض الدول السياحية لجذب المسافرين أصبح السفر شراً لابد منه، لافتة إلى أن السفر لمدة أيام أو أسابيع من دون تخطيط جيد يمكن أن يرهق ميزانية الأسرة طوال العام. وتوضح: «في مجتمعنا تعتبر المقارنة هي الأكثر انتشاراً وخاصة بين النساء، حيث تقارن كل امرأة ما لديها وما لدى الأخريات فتغضب حين تسافر جارتها أو أختها وتكون هي متواجدة طوال الصيف بالمنزل ولا تفكر بحال زوجها وهذا لا ينطبق على الكل بل البعض كي لا أظلم الزوجات اللاتي يعين مسؤوليات أزواجهن وبعضهن يقدرن هذا ويقنعن أبناءهن بالأمر». من جانبها، تتجه وفاء أحمد «موظفة» للاقتراض من أجل الترفيه والسفر، خاصة أن محيطها العائلي معتاد على ذلك، فإن لم تسافر ينظر لها بقية الزملاء بالدونية، لذلك لجأت إلى الاقتراض من البنك مبلغ 50 ألف درهم لتحقق متعة السفر مع الأهل. وتقول في هذا الشأن: «أعشق السفر ولا يمر صيف إلا والسفر من أولوياتي، لكن تكاليف السفر غالباً ما تشل تفكيري، وعلى الرغم من معرفتي بعواقب السلف والاقتراض من البنك والبطاقات الائتمانية التي تكون مفيدة في مشتريات السفر، فإنني لا أفكر في التبعات كثيراً، ويكون همي السفر، وعند العودة من الجولة السياحية أحاول استقطاع مبلغ من الراتب من أجل تسديد القرض، على الرغم من أنه يؤثر كثيراً على مستوى معيشتي». في المقابل، تأسف فاطمة السعدي لأولئك الذين يستدينون من البنوك من أجل قضاء إجازة خارج الدولة، لافتة إلى أن الإجازة تحولت هذه الأيام إلى نوع من «الفشخرة» أمام الآخرين، ليقال إن عائلة فلان سافرت إلى هذه الدولة أو تلك، مؤكدة أن الكل بعد عودته من الإجازة غالباً ما يكون مرهقاً وأكثر تعباً وإفلاساً وتعاسة، مما كان عليه قبل الإجازة. وتضيف السعدي: «التباهي بالسفر صيفاً والاقتراض من البنوك، أشبه ما يكون صرعة أو هوساً نتيجة التقليد الأعمى، حيث نجد أن الأزواج دائماً ما يقعون بين مطرقة المظاهر الخداعة وسندان القروض الشخصية، وكثيراً ما تكون البنوك المتهم الأول في هذه القضية، لما تقدمه من تسهيلات وإغراءات لكل مقترض». مصيدة القروض حول تحول السفر صيفا إلى مظهر اجتماعي، يقول الدكتور أحمد فلاح العّموش، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة، إن السفر تحول إلى نوع من المباهاة والتفاخر أمام الآخرين، فبعد أن كان السفر نوعاً من الراحة والاسترخاء، بات أبعد ما يكون عن الراحة الجسدية والمتعة، وهناك قلة من الناس يستمتعون به. ويضيف: إنه سرعان ما يجد المرء نفسه منساقاً خلف الاقتراض من دون التفكير في العواقب، وإذا لم يستطع الحصول على قرض سفر، فإنه يسعى للحصول على بطاقة ائتمان. ويشير العّموش إلى الاستخدام السيئ لبطاقات الائتمان الذي يزيد خلال فترة الصيف، حيث إن العملاء يستخدمون البطاقات بشكل كبير لتتراكم عليهم الديون والفوائد بعد ذلك، ما يؤثر سلباً على ميزانيات أسرهم، كما أن كثيراً من مستخدمي تلك البطاقات يتعاملون بها من دون أن تكون لديهم القدرة على سداد مبلغها، ما يضطرهم إلى الاقتراض من آخرين لسداد قيمتها، وهكذا يقعون في دوامة الاقتراض. وأكد العّموش: «نجد بعض البنوك تفتح أبوابها على مصراعيها لاستدراج المتعاملين نحو ما يصفه بـ «مصيدة القروض الاستهلاكية»، ومنها قروض السفر الخالصة أو غيرها من أشكال القروض البنكية التي يلجأ إليها المسافر، بينما يخصصها المقترض لتمويل نفقات سفره مع أبنائه وأسرته صيفاً، في حين تكمن خطورتها في أنها قروض استهلاكية بحتة ولا طائل أو عائد من ورائها سوى المزيد من الديون التي تشكل في المحصلة دوامة حقيقية، لا يمكن الخروج من نفقها المظلم. ترفية عائلي يعشق عبيد البلوشي (رب أسرة) السفر في الصيف برفقة العائلة، وقد كانت النمسا هي الدول الأوربية التي أصر الأبناء على قضاء وقتا جميلا فيها. يقول «كنت في حيرة من أمري حول المكان الذي سأقضي فيه أجازتي الصيفية، ولكن بعد تفكير اخترت الذهاب إلى النمسا لأسبوع، ورغم أن النمسا باهظة التكاليف إلا أن هذا الأمر لم يشكل لي مشكلة، فسفري هذه المرة لوحدي فقط». يضيف «تتمتع النمسا بعوامل جذب متميزة تتراوح بين الطبيعة الساحرة، والطقس المعتدل، والعراقة التاريخية، والتسهيلات العصرية الراقية والخيارات الترفيهية المتنوعة التي تلبي مختلف الطبقات، فأينما توجه السائح في هذه الدولة الساحرة، يفاجأ بأجوائها المريحة المتميزة ومدي ود سكانها، وطابعها الخاص الذي تمتزج فيه العراقة والحداثة». ولم يبتعد خليفة الشامسي، عما ذكره البلوشي بل أضاف أنه هو وعائلته اختارا أستراليا كبلد خلاب جمالها يخطف الأبصار، قائلا « يكمن جمال أستراليا بما بها من مناظر طبيعية متنوعة، وأنماط حياة مختلفة، وتجارب فريدة تتيح للزائر فرصة قضاء عطلة لا تنسى، كذلك يوجد بأستراليا مزايا عديدة توفر عناصر التسلية لجميع أفراد العائلة، فالتشويق نجده في أساليب الترفيه العائلي في جولد كوست، والإثارة في مدينة سيدني، وطابع ملبورن المميز، وروائع الحيّد المرجاني العظيم، ومغريات برورت دوغلاس يجعل أستراليا واحدة من أكثر ألاماكن التي تبث شعورا دافئا بالمتعة والأمان والضيافة الكريمة، كما تعشقها العين لجمال طبيعتها وروعة ألوانها. ومثلما هناك من يحب السفر إلى الدول الأوربية، فهناك من وجدوا ماليزيا وتايلاند أكثر بقاع الأرض فتنة باعتبارها وجهة الكثيرين، لما تتمتع به هذه البلاد مجتمعة من طبيعة ساحرة. يقول إبراهيم السويدي «للمرة الثالثة أختار السفر إلى ماليزيا مع زوجتي، واسعي في كل رحلة أن أتعرف إلى ما فيها من أشياء صغيرة وكبيرة، وهي فرصة للاستمتاع بالإجازة الصيفية بعد عدة أشهر من العمل والإرهاق، وهي فرصة للهروب من الصيف الحار ورطوبته».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©