الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لبنان المرحلة المثقوبة واحتراق أصابع أولمرت

28 أغسطس 2006 00:51
بيروت - رفيق نصرالله : يتحرك الاسرائيليون بشيء من الحرية قرب الخط الازرق، ويتحرك سكان المنطقة بشيء من الحذر، ويتحرك رجال المقاومة دون أن يراهم أحد، وتتحرك دوريات تابعة لليونيفل دون ان تملك صلاحيات لفعل شيء، وتتحرك آليات تابعة للجيش اللبناني في المناطق التي وصلت اليها· هذا على الارض· في السماء تحلق طائرات الاستطلاع الاسرائيلية لتراقب كل شيء··هذا ما يدور فعلاً الآن قرب الخط الازرق، وبعيداً عن المكان تبدو كل الاحتمالات مفتوحة على المجهول بعد ان تعثر قرار وقف اطلاق النار، وبعد ان خرقت اسرائيل هذا القرار 11 مرة كان أخطرها محاولة الانزال التي تمت في منطقة بعلبك· الشعور السائد في بيروت لدى ''حزب الله'' ولدى فريق كبير من المراقبين، هو أن إسرائيل لن تتقيد بهذا القرار وهي تترجمه وفق نموذج غزة، أي أن تبقي عملياتها مفتوحة في أي وقت وفي اي اتجاه، وهي تبدو أنها تبحث عن صيد ثمين في العمق اللبناني سواء أكان هذا الصيد خطف أو اغتيال مسؤول رفيع في ''حزب الله'' أو توجيه ضربات مؤلمة ربما قد تفي بالغرض لجهة مخاطبة الرأي العام الداخلي الاسرائيلي او لرفع معنويات الجيش بعد الذي جرى طوال ثلاثة وثلاثين يوماً· الخطوات المترددة لقد تعثر القرار ،1701 وبدا عليه لا يلبي كل ما سعت اليه اسرائيل وايضاً الولايات المتحدة الاميركية خاصة لجهة نشر قوات دولية في الجنوب ودفع الجيش اللبناني الى الانتشار ايضاً· لقد نجحت الجهود في وضع مضمون القرار 1701 للإفلات من بند الفصل السابع وايضاً من تحويل القوات الدولية الى قوات ذات صلاحيات يمكن من خلالها الاشتباك مع ''حزب الله'' في وقت نجح فيه الحزب بالمناورة عندما فاجأ الجميع بقبوله بالقرار وبوقف النار وايضاً تشجيع الجيش اللبناني الى الانتشار جنوباً· يضيف بعض المراقبين أن خطوة ''حزب الله'' كانت مناورة ذكية كون أي شيء لن يحصل على الارض وستظهر الوقائع ان اسرائيل هي التي ستعرقل مفاعيل القرار وهو ما جرى فعلاً، حيث وصلت اول مجموعات الجيش اللبناني (حوالي ثلاثة آلاف) ثم جمدت بقية الخطوات لان اسرائيل لم تسحب وحداتها من 11 نقطة لا تزال فيها على الارض اللبنانية· كذلك برزت العراقيل التي حالت دون تشكيل القوة الدولية بعد التراجع الفرنسي عن ترؤس هذه القوة بإرسال ثلاثة آلاف وخمسمائة رجل واستبدال هذه الخطوة بإيفاد ثلاثمائة رجل، كون المخاوف الفرنسية تحول دون المغامرة لأنه لا أحد يضمن سلامة هذه القوات، وباريس لم تنس بعد ما جرى عام 1983 عندما فجر انتحاريون أنفسهم في مواقع عسكرية فرنسية واميركية في بيروت وقد تتكرر مثل هذه المحاولات الآن· ··إنه الإرباك فعلاً الحكومة اللبنانية مصابة بالارباك، فآليات تنفيذ القرار الدولي بالنسبة للحكومة اللبنانية قد بدأت بالفعل، وتجاوزت الحكومة اللبنانية كل العراقيل والصعوبات الداخلية· وقرر مجلس الوزراء مجتمعاً وبحضور وزراء ''حزب الله'' ارسال الجيش الى الجنوب، لكن حصل ما حصل وبدأت الحكومة اللبنانية تواجه تعقيدات متتالية منها: 1- تنامي الخروقات الاسرائيلية ومنها عملية انزال بعلبك· 2- استمرار الخروقات قرب الحدود· 3- رفض اسرائيل سحب وحداتها من 11 نقطة لا تزال فيها على الأرض اللبنانية· 4- استمرار الاستفزازات الاسرائيلية والتحليق الجوي· 5- استمرار فرض الحصار البحري والبري والجوي بما في ذلك الاجراءات التي طبقت على الرحلات الجوية نحو بيروت واجبارها على الهبوط في عمان لتفتيش هذه الرحلات· امام هذه الوقائع فإن حالة من المراوحة حكمت الوضع الميداني في الجنوب وشيئاً من الاحراج للتحرك الديبلوماسي اللبناني فيما بدا الارتباك واضحاً على الموقفين الاميركي والفرنسي ازاء ما وصلت اليه الامور بعد صدور القرار ·1701 وربما هذا الواقع دفع بممثل الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تيري رود لارسن الى اجراء مباحثات في بيروت، خرج بعدها ليتوقع مرور ثلاثة اشهر على هذه الحالة من المراوحة المفتوحة التي لا يضمن أي طرف عدم حصول مفاجآت خلالها سواء أكان ذلك اتساع محاولات اسرائيل لتنفيذ عمليات عسكرية أو إمكانية رد ''حزب الله'' عليها· ردود الفعل الواقع أن الحزب استوعب بعض العمليات العسكرية ولا يزال باعتراف المراقبين الدوليين يمارس نوعاً من ضبط النفس، لكن إلى متى؟ فثمة من يسأل ماذا لو نجحت اسرائيل في اغتيال احد قياديي ''حزب الله'' أو خطفه، فكيف سيرد؟، وهو سيرد حتماً· على الارض، سرت شائعات كبيرة في بيروت بأن اسرائيل قد تكرر ضرباتها مرة اخرى، وعزز من هذه الشائعات ما ردده مسؤولون اسرائيليون عن استعدادات لدى الجيش الاسرائيلي لجولة جديدة ضد ''حزب الله'' بعد الجولة الاولى التي صدم فيها الجيش الاسرائيلي والتي لم تحقق الاهداف المعلنة لكل العملية العسكرية الاسرائيلية· لقد حاول بعض السفراء الغربيين طمأنة الحكومة اللبنانية الى ان اسرائيل ليست في وارد الجنوح نحو حرب اخرى، لكن لا أحد يضمن أحدا في هذه المرحلة، فالمخاوف قائمة وقد تترجم بأعمال تصل الى نصف حرب خاصة على ارض الجنوب مع اصرار اسرائيل على عدم التقيد بمفاعيل قرار وقف اطلاق النار· وربما يريد يهودا اولمرت الذي احترقت أصابعه في الجولة الاولى القفز نحو الامام بجولة جديدة لتوفير الجدل الداخلي الذي تشهده اسرائيل والتي قد تصل الى ازمة حكومية يدفع ثمنها· ومن هنا ثمة من يؤكد ان المغامرة واردة و''حزب الله'' مستعد لاخذ هذه المغامرة على محمل الجد، وان كانت مؤشرات على الارض ابرزها البدء بازالة الركام لاعادة الاعمار تبدو وكأنها تعكس قناعة بأن الحرب بمستوى ما جرت عليه لن تتكرر مرة أخرى· وتوحي اشارات تلقتها بيروت بأن انقلاباً يراد ان يقع على القرار 1701 وان الولايات المتحدة نفسها من خلال اصدار قرار آخر يصر على طلب نزع سلاح ''حزب الله'' ويمهد هذا القرار لقرار آخر يدعو الى تشكيل قوة دولية ضاربة لتحقيق وتنفيذ هذا المطلب رغم كل ما سيتركه من انعكاسات على الساحة الداخلية· ان شيئاً ما يجري ايضاً قرب الحدود السورية - اللبنانية، وبعض وحدات الجيش اللبناني انتشرت قرب الحدود، وطموح واشنطن هو الوصول الى قرار لنشر قوات دولية على طول هذه الحدود وهو ما ترفضه سوريا بما يعني ان آفاقا آخرى من التوتر العام قد برزت وستبرز ايضاً· ان نوعاً من الوصاية فرض نفسه ايضاً في تفاصيل الخارطة اللبنانية وترجم في توزيع الحضور الدولي على المفاصل والمرافق اللبنانية في المطار ومرفأ بيروت ونقاط الحدود في المصنع والعبودية وهو ما تراه قوى لبنانية شكلاً من اشكال الانتداب··لبنان أمام المرحلة المثقوبة والحرب ربما لم تنته تماماً، بل ان ثمة من ينظر بتشاؤم وهو يقول الآن بدأت!··
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©