الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

درويش الحداد.. 35 عاماً في جمع القطع التراثية

درويش الحداد.. 35 عاماً في جمع القطع التراثية
23 أكتوبر 2018 01:11

خولة علي (دبي)

يلقى التراث المحلي بشتى صنوفه وأنواعه اهتماماً واسعاً بين الأفراد الذين يؤمنون بقيمته، ومسؤوليتهم في صونه وحفظه من الاندثار في ظل مظاهر الحياة العصرية، ففي السوق الشعبي الجديد في منطقة نايف بدبي، حيث الدكاكين المسقوفة والمتلاحمة في صفوفها، نقف على أعتابه لنعرج إلى الماضي ونخترق دهاليز هذا السوق المشرع أبوابه الخشبية المطلة على باحته الداخلية.
هذه المحطة لم تكن فقط منصة للتعاملات التجارية من بيع وشراء، وإنما ملتقى اجتماعي وأدبي واقتصادي في ذات الوقت، حيث استوقفنا دكان درويش يوسف الحداد «أبو سعيد» الذي استطاع أن يعبر بطريقته عن عشقه وحبه لكل قطعة تعود به إلى ماض ينسج خيوط البساطة والأصالة، من خلال متحفه الخاص الذي جمع محتوياته منذ ما يزيد على 35 عاما، وما زال يسعى ويبحث في سوق المقتنيات عن القطع النادرة التي يمكن أن تضيف قيمة ومحتوىً ثقافيا وفكريا جديدا، ويثري الشغوفين باقتناء قطع تراثية تاريخية تكون بمثابة مرجع لهم وللأجيال القادمة.

خناجر وسيوف
كان لنشأة أبو يوسف أثر ودور في تعلقه بالتراث والعمل به، فقد ولد وترعرع في خمسينيات القرن الماضي في ديرة بدبي، وتحديدا في ميدان عبدالناصر والتحق وقتها بمدرسة المعهد الديني، ثم عمل نحو عشرين عاما في صناعة الخناجر والسيوف، حيث تعلم الصنعة من والده حتى أتقنها وعمل فيها لفترة من الزمن، إلا أنه لظروف ما، ترك هذه الصنعة لكنه لا يزال يعيش تفاصيلها بدقة ويسترجع القطع التي صنعها من سيوف وخناجر، بأشكال وتصاميم جذابة زاهية.
ويقول الحداد «العمل في طيات التراث، لم يكن وليد اللحظة وإنما هو تعبير عن إيقاع الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي رسمت ملامح ومنظومة الحياة في الماضي، وبزغ عنها الكثير من العناصر والمكونات التي ما زالنا نعيش تفاصيلها ونرتوي من تعاليمها في نمط حياتنا وعلاقتنا في محيط المجتمع».
ويتابع قائلاً: التراث لا يمكن أن يطوق ويحصر في قطعة ملموسة أو محسوسة، فقد تساهم القطع التراثية في إيضاح الصورة وتقريبها بشكل أدق وأكبر للأجيال التي لم تعاصر تلك الحقبة، فنحن كآباء يقع على عاتقنا الكثير من المسؤولية في كيفية توجيه الأجيال لاحتواء ماضي أجدادهم وموروثاتهم الشعبية، وعدم الإغفال عنها كونها هويتهم.

كنوز الحياة قديماً
يقول الحداد، إن بدايته في الإقبال على حفظ وجمع المقتنيات، نمط حياة عاشه وعاصره ووجد نفسه يتعامل مع كل قطعة منها، في وقت كانت هذه الأدوات تلبي حاجة المجتمع قديماً وهي متواجدة في كل بيت بسيط، سواء كان مصنوعاً من العريش أو مشيد بالجص، فكانت هذه الأدوات تحاكي وتصور تفاصيل الحياة قديماً في كل بيت.
ويشير قائلًا: كون صناعة الخناجر والسيوف قد أخذت الكثير من شغفي، لذا استطعت أن أتقن صنعتها، فالمقتنيات كانت تزين كل محطة وزاوية من بيتي، حتى وجدت نفسي أجمع الكثير من القطع التي تعود لبيت العائلة قديماً، لأحتفظ بها وأخزنها في إحدى دور المنزل حيث حولتها إلى متحف خاص، يحمل في أركانه وزواياه الكثير من الأثاث القديم، والأدوات المعيشية للطبخ والتنظيف، وكذلك أجهزة الراديو والتلفزيون، وأجهزة الموسيقى «البشتختة»، وآلات التصوير، وماكينات الخياطة اليدوية القديمة، والتي يتجاوز صنعها مائة عام، ناهيك عن المصاحف القديمة التي خطت يدوياً بماء الذهب ويعود تاريخ طبعها إلى 964ه. وأيضا أسطوانات غنائية قديمة، وصور قديمة لساحة مبنى الجمارك «الفرضة» وخور دبي وساحل عمان تعود لعام 1944م. إضافة إلى العملات النقدية النادرة التي ما زال يعتز بها، كما أن هناك العديد من الأدوات والمعدات والقطع التي لا تقدر بثمن.

أبواب التاريخ
لم يكتف الحداد من النهل من بحر التراث، إنما استطاع أن يطرق أبواب تاريخ الشعوب، ويتردد على الأسواق القديمة في بعض الدول الآسيوية التي كانت لها سوق يتزود بها تجار الخليج قديما، ويجلبون منها البضائع واحتياجات السوق المحلي، ليجمع بعض المقتنيات والقطع النادرة من هذه الأسواق القديمة.
ويؤكد الحداد، أن تواجده في السوق الشعبي الجديد في نايف، هي بداية خروج مقتنياته من حيز منزله لتكون أمام مرأى الجمهور ومحبي المقتنيات والتراث من مرتادي السوق ومن السياح الذين يرغبون في التعرف إلى ماضي الأجداد، وطبيعة ما ضمته المنازل قديماً من موروثات، خاصة وأنه يؤمن بتبادل القطع بين الهواة والاحتفاظ بالنادرة منها، فكل هاو يرغب في أن يتميز عن غيره.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©