الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: العبادة ليست موسمية.. والطاعة واجبة على مدار السنة

العلماء: العبادة ليست موسمية.. والطاعة واجبة على مدار السنة
23 يوليو 2015 22:32
القاهرة (الاتحاد) كان شهر رمضان ميداناً يتنافس فيه المتنافسون، ويتسابق المتسابقون، ويحسن فيه المحسنون، تروضت فيه النفوس على الفضيلة، وترفعت عن الرذيلة، وتعالت عن الخطيئة، واكتسبت كل هدى ورشاد، وفور أن ينتهي الشهر يتراجع الإقبال الكبير على المساجد الذي كان سمة بارزة طيلة أيام الشهر الكريم ليس هذا فقط، بل تفتر الهمم في كل العبادات ولا يستطيع الكثيرون الثبات على الطاعات، كما كانت في رمضان من تقرب إلى الله عز وجل وعبادات وقراءة للقرآن. يؤكد العلماء على ضرورة أن نودع الكسل والمحسوبية والغش والأنانية، مشيرين إلى أننا إذا لم نستفد من رمضان والدورة التربوية والأخلاقية والإنسانية التي حصلنا عليها فنكون من الذين يؤدون العبادات بشكل روتيني. وقالوا: إن من علامات قبول الطاعة المداومة عليها، فليس من المعقول أن تداوم على الطاعة في رمضان وتنقطع بعده فربُّ رمضان هو رب كل الشهور، ومن علامات قبول الطاعة أن يتغير سلوك الإنسان من سيئ إلى حسن ومن حسن إلى أحسن وأن يترجم ذلك في المجتمع والعمل وأن تترجم الطاعة والعبادة التي حافظنا عليها في رمضان إلى سلوك راق ومعاملة طيبة بين الناس وتختفى العداوات والأحقاد. قال الحافظ ابن كثير لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شيء مات عليه ومن مات علي شيء بعث عليه، فإن عشت وداومت على هذه الطاعة اقتضي عدل الله أن تموت وتبعث عليها. فإن من أعظم طرق الثبات على الطاعة هي التنويع بين قراءة القرآن وصيام النوافل والمناسبات الدينية وقيام الليل واتباع الجنائز وعيادة المرضى وإطعام المساكين والتصدق والإصلاح بين الناس وصلة الأرحام. قيم رمضان يقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن شهر رمضان غرس العديد من القيم في المسلمين كالإخلاص والإرادة والمساواة والشورى وتوثيق الصلة بالله، وعلينا أن نصطحب هذه القيم في كل مراحل حياتنا وليس في رمضان فقط وبضرورة الحفاظ على أداء العبادات التي كان يؤديها خلال شهر رمضان المبارك الذي انتهى منذ أيام قليله، وعلى رأس هذه العبادات صلاة الجماعة بالمساجد وقراءة القرآن وقيام الليل والتصدق بالسر والعلن وصلة الرحم، مضيفاً: إن الكثير منا ينصرف عن هذه العبادات فور انتهاء الشهر الكريم. مشيراً إلى أن حال المسلمين لن ينصلح إ? بطاعة الله، فييسر على المعسرين ويفرج الكروب على المكروبين ويفرج كروبهم وخوفهم، حيث نريد أمناً واستقراراً وطمأنينة والله يعطي ذلك بطاعته، مؤكداً أنه يجب أن ينشغل كل مسلم بقبول طاعته في رمضان وبعده من صلاة وزكاة وطاعة، مطالباً المسلمين بالانشغال بالطاعة والمداومة عليها، كما كان يفعل في رمضان. وأكد أن كل مسلم لا بد وأن يداوم على الطاعة في غير رمضان، كما كان يفعل في رمضان، مشدداً على ضرورة الانشغال بالطاعة حتى الموت، وذلك ?ن الله لا يقطع الأجر والمثوبة، إ? إذا قطع الناس العبادة مطالباً بتطبيق أخلاق رمضان في غيره من الشهور بعد أن تعلموها في الشهر الكريم، حيث ينشغل المسلم بما عليه وضرورة الاستمرار في الطاعات والعبادات. المداومة.. واجبة وأكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية السابق أن تدريب أنفسنا على قهر الشيطان وطاعة الله عز وجل في شهر رمضان يقي الإنسان بشكل كبير من الوقوع في الذنب بعده فيداوم على ذكر الله تعالى طوال العام، لافتاً إلى أن روحانيات رمضان والجو التعبدي به تساعد الإنسان على زيادة العبادة حتى ولو قليلاً ولا بد أن يستمر على هذه الأجواء الإيمانية ولا ينقطع عنها، لذا يجب التمسك بالطاعة والحفاظ عليها، مشيراً إلى أن غفران الذنوب يساعد على زوال المعصية ونزول البركة، وكذلك تسهيل الأمور وكثرة الخيرات، ومن يقع في ذنب فعليه أن يسارع بصدقة أو بوضوء أو عمل خير يمحو الذنب. وقال نحن نتقي الله ونعمل الصالحات، لكن المشكلة عندنا المداومة على ذلك فمعظمنا موسميون، حيث نبرم في رمضان عقداً إيمانياً على تلاوة القرآن وصلاة القيام والصيام والذكر والتسبيح والطاعات وبعد رمضان نعود إلى ما كنا عليه من قبل، لكن الموضوع يحتاج إلى المداومة فإذا داوم على هذا الحال سيكون من الذين يقول الله فيهم: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ)، «سورة النور: الآية 37»، وعلى المؤمن أن يراجع نفسه باستمرار ويعود للحالة الإيمانية التي اعتاد عليها طوال الشهر الكريم. ومن اعتاد الطاعة في رمضان، فمن المؤكد أن الأمر سيكون سهلاً عليه بعده، وعليه أن يستغل ذلك للاستمرار في طاعة الله سبحانه وتعالى، والبعض لا يشعر بقيمة العبادة إلا خلال رمضان، وكأن عبادة الله موسمية وقد يكون هذا التفكير غير مقصود، وعلى المسلم أن يعمل قدر استطاعته على حسن أداء العبادات كما قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ...)، «سورة التغابن: الآية 16». مواسم الطاعة في سياق متصل، قال الداعية مظهر شاهين: إن هناك فهما خاطئاً لدى البعض بأن الطاعة لها موسم معين كشهر رمضان، فهجر القرآن والطاعة في رمضان أمر سلبي، فلا بد من المداومة على الطاعة وإن كانت قليلة، فشخص يقرأ خمس آيات يومياً، أفضل من شخص يقرأ القرآن في أسبوع واحد والانقطاع باقي السنة. وأضاف، القرب من الله يحقق نتائج إيجابية، لأنه يبعد الإنسان عن المعصية، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى الله تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ»، ومن علامات الطاعة في رمضان، تغير سلوك الإنسان للأحسن، فليس معقولاً أن يكون سلوكنا بعد شهر رمضان، كحالنا قبل الصيام أن من صفات عباد الله المداومة على الأعمال الصالحة (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ)، «سورة المعارج: الآية 23». حياة المؤمن.. كلها عبادة لله القاهرة (الاتحاد) قالت الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفقه في جامعة الأزهر: على كل مسلم أن يدرك أن الله عز وجل أنعم على عباده بأوقات فاضلة ينهلون من الطاعات والعبادات الكثيرة فيها، فيضاعف الله لهم الحسنات ويغفر لهم سيئات ومن هذه الأوقات شهر رمضان المبارك إذ يجد ويجتهد فيه المسلمون في العبادات طلباً لمغفرة الله سبحانه وتعالى والعتق من النيران، ولذلك كان اجتهادهم في كثير من الأعمال الصالحة كالصيام والقيام والزكاة والصدقة وقراءة للقرآن والدعاء والذكر وغيرها سبباً في تغيير حياة الكثيرين منهم بأن عادوا إلى ربهم واستزادوا من الطاعات والعبادات آملين التقرب إلى الله بفعل هذه العبادات كذلك، فإن حياة المسلم كلها طاعة لله سبحانه، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، «سورة الذاريات: الآية 56»، وقال سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، «سورة الأنعام: الآية 162)، فهذا هو الأصل في حياة المسلم، أن تكون حياته كلها عبادة لله وطاعة له ابتغاء مرضاته ورغبة في رضوانه سبحانه وتعالى، وهكذا فإن المسلم لا يخرج من طاعة إلا ليدخل في غيرها، كما قال تعالى: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)، «سورة الشرح: الآيتين 7 - 8». صيام ستة أيام من شوال حسام محمد (القاهرة) أوضح الدكتور صبري عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر: عقب انتهاء شهر رمضان هناك أمر لا بد أن يهتم به كل مسلم، وهو أن يبقى أثر الصيام ماثلاً دوماً في حياته، فإذا كان الصيام في رمضان قد منحه القدرة على الصبر والتضحية والإذعان لأمر الله، والوحدة والألفة بينه وبين المسلمين، على وجه العموم فعليه أن يستمر على ذلك الأمر بحيث تتجسد أثار الصيام في كل وقت من حياة المسلم، ولا بد أن نعي جميعاً أن الوهن والضعف الذي أصاب الأمة، إنما أصابها حينما تخلى المسلمون عن مقاصد العبادات فنصوم ونتصدق ونقوم الليل في رمضان وننسى كل ذلك بعد نهاية الشهر ونتكاسل عن فهم الهدف الإلهي من تشريع الصيام ليس هذا فحسب، بل أساء البعض منا إلى الدين فجعلوا للعبادات وللطاعات وقتاً وللمعصية وقتاً. ويضيف : من أهم الأمور التي نبهنا إليها النبي صلى الله عليه وسلم عقب انتهاء شهر رمضان المبارك حثنا على صيام ستة من شوال حيث قال: «من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة»، وصيام تلك الأيام له فوائد كشكر الله على إتمام الصيام والقيام، فهي ترفع النفس والخلل الذي حدث في صيام رمضان، كما أن صيامها يدل على أن المسلم لا يزال راغباً في الصوم وهذه الأيام الستة ليس لها أيام معدودة معينة، بل يختارها المؤمن من جميع الشهر، فإن شاء صامها في أوله وإن شاء صامها في أثنائه وإن شاء صامها في آخره وإن شاء فرقها فصام بعضها في أوله وبعضها في أوسطه وبعضها في آخره الأمر واسع بحمد لله، وإن بادر إليها وتابعها في أول الشهر كان ذلك أفضل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©