إعداد ـ أيمن جمعة:
كثيرون في تركيا ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي على أنه السبيل إلى ''الجنة على الأرض''، لكن سكان الجمهوريات السوفييتية الثماني السابقة التي حصلت بالفعل على العضوية قبل عامين، يؤكدون أن انضمامهم إلى هذا النادي تسبب في ''تحطيم كل أحلامهم''··!
صحيح ان عضوية الاتحاد الاوروبي حفزت النمو الاقتصادي في دول شرق اوروبا من خلال جذب استثمارات من دول غرب اوروبا، لكنها فتحت أيضا عيون المستثمرين في الجانب الغربي على فرص الاستثمار العقاري هناك وهو ما أدى الى ارتفاع أسعار العقارات في هذه الدول بنسبة 100 % خلال أقل من عامين· ويقول المحللون ''الطفرة العقارية العنيفة نتيجة تحطم أحلام سكان شرق أوروبا وتزيد مشاعر سخطهم تجاه الاتحاد الأوروبي· حدثت هذه الطفرة بشكل مفاجئ ولم تكن انعكاساً لتنامي ثروات شعوب هذه الدول السوفييتية السابقة· كل ما نسمعه هو ضرورة التضحية من أجل الاجيال المقبلة، في الوقت الذي يتزايد فيه اقبال المستثمرين الغربيين على دولنا ليرفعون الأسعار إلى مستويات لا نطيقها·''
ويقول ماروسيز سوشاكي المحلل الاقتصادي في مؤسسة أبحاث سوق العقارات البولندية ومقرها وارسو ''لم يستطع السكان المحليون الذين يكسبون أقل من ربع أقرانهم في اوروبا الغربية مواجهة هذه الهجمة، ووجدوا انفسهم وقد ابتعدوا عن السوق العقارية تماما، وأصبح حلم الشباب في تملك وحدة سكنية من رابع المستحيلات· ونتيجة لهذا تتزايد مشاعر الاستياء تجاه عضوية الاتحاد الاوروبي·''
وتظهر الاحصائيات الفجوة الكبيرة في الاجور بين دول الجانبين· ففي لاتفيا على سبيل المثال يبلغ متوسط الاجر الشهري 410 دولارات مقابل أربعة آلاف دولار في المانيا· وتقول زاني اسبي وهي فتاة من لاتفيا ''أكسب ألف دولار شهرياً ومع ذلك فأنني أبحث منذ عامين عن شقة من غرفة واحدة في العاصمة ريجا ولكن من دون جدوى· متوسط سعر الوحدات السكنية في قلب العاصمة الآن حوالي 100 ألف دولار· فماذا أفعل؟ يبدو انه اذا لم يكن والداك من الأثرياء فلا أمل لك كمواطن عادي في الحياة الرغدة·''
ولا يتوقع كثيرون أن تتحسن الأوضاع قريباً بما يتيح لسكان اوروبا الشرقية من تحقيق أحلامهم· ويقول جيمس جونيز في تقرير نشرته وكالة بلومبرج نيوز ''ستواصل الاسعار ارتفاعها، ومن يعتقدون ان الامر قد ينتهي قريبا ربما يكونون على خطأ·''
ويعزز هذا الرأي المتشائم أن أسواق اوروبا الشرقية رخيصة جدا لمستثمري الغرب· فسعر الوحدة السكنية في ضاحية تشيلسي بلندن ارتفع الى ما متوسطه 967 الف دولار خلال الأشهر الاربعة الاولى من عام ،2006 والامر نفسه حدث في الدنمارك حيث قفزت الاسعار بنسبة 16,1 % وفي ايرلندا قفزت الاسعار بنسبة 10,7 %· وفي المقابل فإن متوسط سعر الوحدة السكنية التي تضم غرفتين في بودابست 104 آلاف دولار أي ثلاثة أضعاف سعرها قبل سبعة أعوام ومن المتوقع ان ترتفع الاسعار بنسبة 15 % اخرى قبل نهاية العام الحالي·
ويقود المستثمرون من بريطانيا وايرلندا موجة الصعود القياسي في أسعار العقارات بالجانب الشرقي من القارة العجوز مع سعيهم عن فرص بعدما ارتفعت بشدة أسعار العقارات في بلادهم· ويقول ليام بيلي رئيس قسم الابحاث السكنية في شركة ''نايت فرانك'' العقارية ''هذه العينة من المستثمرين تتطلع لشراء منازل في الخارج يمكن بيعها بعد فترة وتحقيق مكاسب كبيرة·''
وسجلت جمهورية التشيك رقماً قياسياً في الاستثمارات المتوجهة الى سوق العقارات حيث اجتذبت 1,89 مليار دولار العام الماضي بزيادة 17 % عن ·2004 وفي بودابست اشترى خمسة آلاف اجنبي عقارات العام الماضي يتقدمهم البريطانيون والايرلنديون ويتبعهم الآن الايطاليون والاسبان والدنماركيون·
وارتفعت عدد الوحدات السكنية التي اشتراها الأجانب في وارسو بنسبة 11 % الى 1367 وحدة العام الماضي· وتفيد الاحصائيات انه تم بيع كامل وحدات ''بلفيدري ريزيدنس'' وهو أغلى مبنى سكني في العاصمة البولندية على الاطلاق على الرغم من عدم اكتمال تشييده· وتقول مؤسسة ''ريدنيت بروبرتي'' للاستشارات إنها باعت 1500 وحدة سكنية في كبرى مدن بولندا خلال الأشهر الأربعة الاولى من العام الحالي مقارنة مع 300 وحدة تقريباً خلال عام 2005 بالكامل· واشترت شركة بريطانية غالبية هذه الوحدات لصالح مستثمرين·
ويقول مسؤول في الشركة ''لا يوجد سقف للطفرة الحالية· البولنديون ينظرون إلى الأسعار الحالية على أنها فلكية لكنها تظل على الرغم من ذلك منخفضة مقارنة بباقي دول أوروبا· يمكن شراء وحدة فاخرة جداً بسعر يقل عن ثمن ستوديو متواضع في لندن·''
عدد اليوم
