عارضت اليابان وبعض البلدان النامية خططاً لتحديد أهداف رقمية لميزان المعاملات الجارية للدول. وقال وزير المالية الياباني يوشيهيكو نودا في مؤتمر صحفي بعد اجتماع وزراء مالية المجموعة في كوريا الجنوبية “قلنا إننا نتشكك فيما إذا كان يجب تحديد أهداف رقمية صارمة، لكن عند فحص التقدم في تصحيح الاختلالات ربما تكون هذه فكرة طيبة”. وسعت الولايات المتحدة خلال ذلك إلى اقناع كبار المسؤولين الماليين في مجموعة العشرين، خلال اجتماع أمس في كيونججي بكوريا الجنوبية، باتفاق يلزم الأسواق الناشئة بخفض فوائض ميزان معاملاتها الجارية والسماح بارتفاع قيمة عملاتها، على خلفية مخاوف من تصاعد “حرب العملات”.
وقال تيموثي جايتنر وزير الخزانة الأميركي في خطاب للمسؤولين الماليين “يجب على الدول التي تمتلك فوائض بصورة مستمرة أن تعهد بسياسات هيكلية ومالية وسياسات صرف لتعزيز المصادر المحلية للنمو”. وفي المقابل تتبنى دول مثل الولايات المتحدة التي تعاني من عجز كبير في الميزانية والتجارة “أهدافاً مالية مستدامة في الأجل المتوسط”. وقوبلت مقترحات جايتنر بالرفض بالفعل من جانب دول مثل الهند واليابان، فيما تتشكك الأسواق في التوصل لاتفاق عالمي لمعالجة صور عدم التوازن في الاقتصاد العالمي والتصدي لمحاولات الكثير من الاقتصادات الناشئة ودول أخرى لاضعاف عملاتها.
بينما حظيت مجموعة العشرين بالاشادة لجهودها في تنسيق برامج التحفيز الاقتصادي خلال الأزمة المالية العالمية فقد تلاشى تدريجيا تماسكها في مواجهة ضغوط بسبب جهود غير مسبوقة لانعاش الاقتصاد العالمي. وقال أندريه بوكاريف المسؤول المالي الروسي قبل الاجتماع “هناك خطة عمل لكن هناك كما مزعجاً من الشكاوى والمقترحات”. وقال مصدر إن الوزير الأميركي طالب الدول بتقليص فوائض معاملاتها الجارية أو حجم العجز إلى أربعة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وهو أمر يتقبله عدد قليل من أعضاء المجموعة. وتمتلك الصين والهند والسعودية وروسيا فوائض كبيرة فيما تعاني الولايات المتحدة من العجز. ويمانع الكثير من المسؤولين في الأسواق الناشئة في السماح برفع قيمة عملاتها بصورة كبيرة ويلقون باللوم على الولايات المتحدة في سوء الادارة المالية التي أدت الى وقوع الأزمة المالية العالمية ويتهمونها بخفض قيمة الدولار عن طريق اغراق الأسواق بالسيولة من خلال سياساتها للتيسير الكمي.
واقترح مشروع بيان ختامي للاجتماع أن تتعهد دول مجموعة العشرين بـ “الامتناع عن اي خفض عملة لأهداف تنافسية”. وتتمثل استراتيجية خفض العملة في التلاعب بسعر صرف العملة لتحفيز الاقتصاد الوطني دون اعتبار للتعاون الدولي. وتأمل الولايات المتحدة وأوروبا أن تفرض على الصين والدول الناشئة، مثل كوريا الجنوبية والبرازيل، مبدأ آلية لتنظيم أسعار الصرف.
من جانبه، دعا رئيس كوريا الجنوبية لي ميونج باك إلى تعزيز مصداقية مجموعة العشرين من خلال التوصل إلى اتفاق حول اصلاح صندوق النقد الدولي وذلك خلال قمة سيؤول في نوفمبر. وأعلن الرئيس الكوري الجنوبي في افتتاح اجتماع “مجموعة العشرين” أن “الوفاء بالالتزامات حول قضية تقاسم السلطات في صندوق النقد الدولي سيعزز مصداقية اجتماعات مجموعة العشرين”. وأعلن لي ميونج باك لوزراء مالية مجموعة العشرين وحكام مصارفهم المركزية “أطلب منكم التوصل إلى اتفاق حول هذه القضايا الصعبة لما فيه مصلحة الاقتصاد العالمي”. وكان وزير المالية الكندي جيم فلاهرتي أشار إلى أنه “متفائل” في أن يتوصل الوزراء إلى اتفاق حول صندوق النقد في كيونججي. وقال إن “المناقشات تدور بشكل جيد رغم استمرار بعض العراقيل”.
وتتهم الولايات المتحدة ودول أخرى الصين بالابقاء على قيمة عملتها (اليوان) عند مستوى منخفض لصالح مصدريها والاضرار بمنافسيها، وبينهم المنتجون الأميركيون. وتجدد الصراع بشأن اليوان من شأنه تعقيد آمال مجموعة العشرين للتوصل إلى اتفاق الشهر المقبل، حول إصلاح النظام المالي الدولي، بما في ذلك تغيير ثقل الأصوات داخل صندوق النقد الدولي لاعطاء مزيد من التمثيل للاقتصادات الصاعدة مثل الصين.
وتحظى قضية قيمة العملات باهتمام عالمي بالغ حيث تتمسك الولايات المتحدة واليابان والصين وغيرها من الاقتصادات الكبرى بموقفها إزاء خطوات تقليص قيمة عملاتها في ظل الانتعاش الاقتصادي العالمي. وترفض الصين دعوات لاعادة تقييم اليوان، غير أن بنكها المركزي قال الأسبوع الماضي إنه سيزيد سعر الفائدة. ويمكن أن تعزز تلك الخطوة قيمة اليوان وتبدد الانتقادات بأن بكين تسعى لاضعاف قيمة عملتها لدعم صادرات البلاد. وذكر محللون أنه في حال لم يتم التوصل إلى تسوية حول القضية، قد تلجأ الدول الاعضاء في مجموعة العشرين إلى خفض أسعار الصرف لديها والبنود المتعلقة بالتجارة.
عدد اليوم
