الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المائدة التركية تبرع في تقديم «موزاييك» النكهة والرائحة

المائدة التركية تبرع في تقديم «موزاييك» النكهة والرائحة
5 فبراير 2010 19:38
يمتد تاريخ تركيا إلى أكثر من ألف عام، وهو ما أتاح لمطبخها أن يتطور ويتأثر بكل المعطيات التي تركت أثرها فيه. أضف إلى هذا الطبيعة الجغرافية المتنوعة التي جمعت بين مناخات آسيا وأوروبا وإفريقيا، وهو ما أثرى المطبخ التركي بعناصر غذائية متعددة يصعب حصرها. وكان على المطبخ التركي أن يتعامل معها ويبدع في تحويلها إلى قطع فنية تعكس الوفرة والحضارة والإبداع يقول الشاعر التركي عبد الحق سناس مادحا الطعام التركي: «لا تلغي طبق الطعام المقدم لك متعللاً بأنه مجرد طعام، فهذا الطبق المبارك وحده يمثل حضارة كاملة»، وهذا قول على درجة كبيرة من الصحة؛ فلم تعرف أيا من مطابخ العالم مثل المطبخ التركي في ثراء أطباقه وتنوع أصنافه ومذاقاته ونكهاته الفريدة، ففي الماضي كان أشهر الطباخين في بلاطات ملوك أوروبا يتوافدون إلى العاصمة التركية إسطنبول ليتتلمذوا على أيدي طباخي القصور السلطانية في عاصمة الخلافة آنذاك. رائحة شهية يجمع المطبخ التركي، الذي يعد من أقدم المطابخ في العالم بين النكهتين الشرقية والغربية، كما يتميز بتنوع أطباقه واعتماده على اللحوم بشكل كبير، خاصة المشوية منها، وقد ترك مطبخ السلطان العثماني أثره على أصناف هذا المطبخ، ووفقاً للمؤرخين فإنه في القرن السابع عشر كان طهاة قصر «توبكابي» يعدون كل ما لذ وطاب من الأصناف الشهية، لدرجة أن روائح الطعام كانت تجذب السكان والمارة من على بعد أميال، حيث المساحات الهائلة، التي خصصت للمطبخ الذي توزع على عدة مبانٍ منفصلة بنيت تحت عشر قباب، وكان يعمل بالمطبخ السلطاني ما يزيد على 1300 طباخ، كان عليهم إرضاء وإشباع ما يزيد على عشرة آلاف شخص يوميًا من قاطني القصر، إضافة إلى المقربين الذين يعيشون في المدينة وتشملهم المكرمة السلطانية. الاقتصاد في البهارات الميزة الرئيسية في المطبخ التركي، أنه يبقي على الطعم والمذاق الأصيل للصنف فلا يتوارى خلف البهارات والتوابل، حيث يهتم الأتراك بالإعداد الجيد للموائد، فمن أساسيات المائدة التركية وضع كافة الأصناف دفعة واحدة, حيث تقدم المقبلات مع الحساء والطبق الرئيسي والحلويات. ولا يزال الأتراك يحافظون على الاجتماعات الأسرية حول المائدة ومع الجيران والأصدقاء وخاصة في شهر رمضان لتناول أكلات شهيرة مثل فطائر «علي باشا» وهي فطائر محشوة باللحم والطماطم والبقدونس تقدم إلى جانب اللبن الزبادي، أو طبق «كارنييارك» الذي يقدم مزيناً بشرائح الفلفل الحار ويتكون أساسا من الباذنجان المحشي باللحم المفروم والطماطم ، وهو طبق يتميز بمذاق شبيه بأكلة «المسقعة» المصرية. مطبخ سلطاني شكل عهد السلاطين العثمانيين مرحلة مهمة أثرت تأثيرًا بالغًا على المطبخ التركي، ويتضح ذلك عند زيارة قصر «توبكابي» في إسطنبول، حيث تتوزع المساحات الهائلة التي خصصت للمطبخ على عدة مبان. وأشارت الوثائق التاريخية التركية إلى أن ما لا يقل عن 1300 طاهٍ عاشوا في قصر «توبكابي» في القرن السابع عشر، وتخصص كل طاه منهم في مجال معين من الطهي كصنع الأرز «بيلاف» أو الحلويات أو المربيات أو اللحوم أو الأسماك أو الخضار أو الأجبان أو الخبز أو الفطائر، وقد قامت الأسر العريقة والثرية في أنحاء البلاد التركية بتقليد مطبخ القصر وأطباقه، وهو ما جعل هذه الوجبات معروفة في كل أركان البلد, وكان من عادة القصر إقامة ولائم عامرة بالطيبات وكان كل من يمر في الطريق يملك حق الدخول والتمتع بتلك الخيرات، وهو ما جعل هذه الأطباق معروفة حتى عند أبسط الناس وأقلهم دخلاً. أصل الشاورما تعرف الشاورما في دول العالم تحت مسميات مختلفة، إلا أنها تسمى «كباب دونار» في موطنها الأصلي تركيا، فكعادة الأتراك في الشيّ فإنهم يختارون أفضل قطع اللحم لمثل هذا الكباب، ثم يتم تتبيله لعدة ساعات قبل شيّه حتى لا يجف نسيجه أو يقسو نتيجة تعرضه لحرارة الجمر أو الشواية، وتشمل قائمة المشاوي التركية جميع أنواع البروتين الحيواني، فهناك الكباب الذي يصنع من اللحوم المفرومة أو الدجاج أو الأسماك، وعادة ما يلف السردين الصغير بورق العنب ويشوى ويقدم ساخنًا كمقبلات ويطلق عليه اسم «سارد الياسارماسي». أما الدجاج فيصب فوقه خليط من زيت الجوز وفلفل البابريكا الأحمر والذي يكسب الطبق مذاقًا لا يمكن مقاومته أو وجوده في أي مطبخ آخر، ?ولا يميل الأتراك إلى استعمال التوابل أو الأعشاب العطرية بكثرة في أطباقهم حتى لا تطغى نكهتها على نكهة العناصر الرئيسية للطبق ومذاقها، ومع ذلك فهم يستخدمون الفلفل الأسود والقرفة وخلط البهار والبابريكا، ويستخدمون أيضًا النعناع والبقدونس والشبت وورق الغار والزعتر وإن كان بشكل منفرد وبكميات قليلة، إذ إنه من النادر أن يجد المرء طبقًا يجمع بين نوعين من تلك الأعشاب في الوقت نفسه. سلة خبز العالم على الرغم من ثرائه لا يتميز المطبخ التركي بطبق معين أو عنصر غذائي معين كما يتميز المطبخ الإيطالي بمعكرونته ومعجناته أو المطبخ الفرنسي بصلصاته، لكن المطبخ التركي يتمحور في أساسه حول الأرز والقمح والخضار واللحوم؛ فتركيا هي إحدى الدول السبع التي يطلق عليها دوليًا اسم «سلة خبز العالم» حيث يغطي ما تنتجه من قمح كل حاجاتها وتصدر الباقي أو الفائض إلى أنحاء العالم المختلفة. وقد جعلت وفرة القمح الطحين أحد أهم العناصر في المطبخ التركي، ومنه يُعد أنواع الخبز وأشهرها «الايكمك» وهو خبز أبيض عادي، «والبايد» وهو قرص الخبز المسطح، و»السميت» وهو حلقة الخبز المرشوشة بالسمسم، ومن الطحين أيضا تصنع عجينة «البوريك» والتي لابد لأي وجبة تركية عادية أن تحتوي على خمسة أنواع مختلفة منه على الأقل. «الشيش برك» أشهر الأطباق التركية يعتبر «الشيش برك» من الأطباق التركية الشهيرة التي انتقلت للشام ولبنان والأردن، ثم واصلت انتشارها مع ازدهار حركة المطاعم إلى العديد من الأقطار العربية حتى عرفها أهل الإمارات والخليج العربي في السنوات الأخيرة، حيث أقبل الخليجيون على هذا الطبق اللذيذ بشدة دون أن يعرف الكثيرون عنه شيئا سوى أنه عبارة عن كرة عجين شهية محشوة باللحم المفروم والصنوبر وتقدم وهي مغمورة في اللبن. «بهجة السلطان» و«عيون الهانم» امتاز عصر السلاطين العثمانيين إضافة إلى الرخاء بالرومانسية الغريبة، وقد عكست أسماء أطباق مطبخ السلاطين تلك الرومانسية، فتجد أطباقًا أطلق عليها اسم «إمام بايلدي» والذي يعني حرفيًا «الإمام المنتشي». أما طبق بهجة السلطان فهو يفسر معناه عندما تتذوقه وتستلذ بمذاقه، وهناك الأطباق التي أطلق عليها أسماء معينة إرضاء لسيدات القصر مثل «الشفاه الحلوة» و «عيون الهانم» و «أصابع الهوانم» و «زنود الست».
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©