الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان هذا العام: ماذا حدث للإسلام؟

21 يوليو 2013 22:58
ياسمين بحراني رئيسة التحرير السابقة لصحيفة «نايت ريدار» الأميركية في شهر رمضان الحالي أصلي من أجل حدوث معجزة. وشهر رمضان المبارك لدى المسلمين هو شهر الصوم، والتأمل، والصلاة من أجل أن يستجيب الله للدعاء. وشأني شأن ملايين المسلمين الأميركيين، منشغلة بالتفكير في دائرة العنف التي يبدو أنها قد استحكمت، ولا يلوح أنها ستتوقف قريباً. كان من المعتقد أن «الربيع العربي» يعني بداية جديدة مختلفة، ولكن ما حدث للأسف الشديد هو أن موجة التغيير لم تجلب معها الحرية والرفاهية المنشودة لشعوب المنطقة. بدلاً من ذلك، نرى الناس وبعد مرور ما يقرب من عامين على هذا الفصل من تاريخ العرب، وهم يقاتلون بعضهم بعضاً. ففي مصر، تمت الإطاحة بالإدارة التي كان يقودها «الإخوان المسلمون»، ووقعت أحداث عنف خلفت وراءها عشرات القتلى. وفي العراق، ولبنان، يتبادل السُنة والشيعة تفجير القنابل والإهانات. وفي سوريا تجد الأغلبية السُنية نفسها عالقة في معركة دموية مع الأقلية العلوية، كما يتعرض الشيعة لهجمات دموية في بلدان نائية مثل باكستان وإندونيسيا. ما الذي حدث للإيمان؟ الإجابة معقدة؛ ولكن العديد من الزعماء الدينيين يشجعون أتباعهم على تجنب المختلفين عنهم. فعلى شاشة تلفزيون الجزيرة على سبيل المثال، سمعنا الشيخ يوسف القرضاوي ينعت الشيعة بالـ»هراطقة» ممهداً الطريق بذلك للمتشددين كي يقوموا بإيذائهم. وفي الوقت نفسه نرى المرشد الأعلى علي خامنئي يحرم الأقليات الدينية في بلاده من حقوقهم ويمنع -كما يقال- بناء المساجد السُنية في العاصمة طهران. وهناك أيضاً العلمانيون الذين يرون أن العلمانية أفضل من الدين، ولكن نفس هؤلاء العلمانيين يُنظر إليهم من قبل أتباع الإسلام السياسي على أنهم»كفار»، فلا يجد هؤلاء بدورهم سوى أن يظهروا الاحتقار نحو الإسلاميين. الحكام العسكريون في العديد من البلدان الإسلامية -بما في ذلك مصر- كانوا من العلمانيين. وهؤلاء الحكام ساهموا في إعطاء انطباع سيئ من خلال إساءة معاملة من يختلف معهم. من الطبيعي أن الطغاة لا يمثلون الجميع. فالعديد من العلمانيين يؤمنون بالدين، ولكنهم يعتقدون أنه يجب الفصل بين المسجد وبين الدولة، في حين أن أنصار الإسلام السياسي لا يرون الأمر على هذا النحو. من المشكلات الأخرى أن الصحافة الغربية تصف «الإخوان المسلمين» بأنهم «معتدلون» لسبب غير معروف، في حين أن «مرسي» أول رئيس منتخب لمصر، والمنتمي لتيار «الإخوان المسلمين» لم يظهر سوى قدر قليل من الاعتدال خلال العام الذي أمضاه في الحكم. في العادة يكتفي «الإخوان المسلمون» بالنظر للناحية الأخرى عندما يتعرض أفراد الجماعات الأخرى الأكثر محافظة وتشدداً مثل السلفيين- على سبيل المثال للحبس والتعذيب. ليس هذا فحسب بل إن العنف الذي يمثل مشكلة بالفعل في مصر، أصبح أمراً معتاداً تحت حكم «الإخوان المسلمين»، وكثيرا ما أتساءل: أين ذلك الإسلام السمح الذي عرفته في سنوات الطفولة؟ كانت مظاهر التدين تصطبغ بالدفء، والود، ومراعاة حقوق الجيرة، في تلك السنوات التي كنت أعيش فيها في بغداد عاصمة بلدي العراق كطفلة لأم سُنية وأب شيعي. ولا زلت حتى الآن أذكر كيف كنا نحتفل بالمناسبات الدينية من خلال تبادل الحلوى والهدايا مع الأهل، والأقارب، والجيران من المسلمين السُنة والشيعة. ليس هذا فحسب بل إن جيراننا المسيحيين كانوا يرسلون إلينا أطباق الكعك في مناسباتنا الدينية، ونقوم نحن برد المجاملة بمثلها في مناسباتهم الدينية. كان هذا هو الجو السائد في تلك الأيام، أما الآن فإننا نسمع على سبيل المثال عن مزاعم مؤداها أن إيران تحاول تحويل كل شخص إلى المذهب الشيعي، كما نسمع عن دول سنية تحاول بعض تياراتها القضاء على الشيعة. كما لا زلت أسمع آخرين يقولون إن العلمانيين ملحدون، مصيرهم النار وبئس المصير. إن هذه القوى كلها هي التي تخيفني لأنها جميعاً وبلا استثناء تعمل على إقصاء بعضها بعضاً، ويقوم قادتها بتعميق الشقاق والنفخ في نار البغضاء والخلافات بينها من خلال أفكارهم المنحرفة. والشيء المحزن أن العديد من المسلمين العاديين يقبلون تلك الأفكار ويتبعونها من دون مناقشة. وفي الوقت الذي تقوم فيه فصائل الإسلام السياسي بشيطنة بعضها بعضاً، تتبع الولايات المتحدة مقاربة تتمثل في «الانتظار لرؤية ما يمكن أن يحدث». وأنا لست واثقة بشأن ما يمكن لنا أن نحققه من وراء ذلك، ولكني أخشى من أنه قد يعني أن العديد من المدنيين سوف يموتون قبل أن تبدأ الأشياء في التحسن. هذا هو السبب الذي جعلني أقول في بداية مقالي هذا إنني أصلي من أجل حدوث معجزة. وأعتقد أنني لست الوحيدة في ذلك. وعندما نجلس كل غروب شمس، كي نتناول طعام الإفطار يومياً الذي نبدأه بحساء العدس التقليدي، فإن الكثير من المسلمين سيسألون الله أن يستجيب لدعائهم. ولا يقتصر هذا على المسلمين العاديين بل نجد أن عالماً جليلاً مثل أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر أعلن مؤخراً أنه سيعتكف في داره حتى ينتهي العنف. لم أعتقد أبداً أنني سأقول يوماً ما قلته، ولكننـي أعرف تمامـاً ما الذي يشعر بـه الإمام الأكبر. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©