السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

جيمس ريزن: تسييس سي آي إيه أفقدها المصداقية

17 أغسطس 2006 00:34
بيروت- الاتحاد : صدرت الطبعة العربية من كتاب ''حالة حرب التاريخ السري للسي آي إيه'' وإدارة جورج بوش، عن دار الكتاب العربي - بيروت، الكتاب من تأليف الصحافي الأميركي جيمس ريزن المختص بشؤون الأمن القومي في جريدة نيويورك تايمز''، وكان قد صدر في نهاية العام 2005 في الولايات المتحدة الأميركية ··لم يظهر إلى العلن هذا الكم من الفضائح في مجتمع الاستخبارات الأميركية، ومنذ السبعينيات تاريخ الكشف عن الإساءات التي ارتكبتها الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي· لقد ورد في مقدمة الكتاب '' لأول مرة منذ فضيحة ووترغيت، تقوم وكالة الأمن القومي بالتجسس على الأميركيين أنفسهم مرة ثانية وعلى نطاق واسع'' و'' لقد نحّت إدارة بوش جانبا ثلاثين سنة تقريبا من القوانين واللوائح وأعادت وكالة الأمن القومي سرا إلى العمل في التجسس الداخلي·'' يكشف ''ريزن'' في هذا الكتاب طريقة الممارسة الحقيقية للسلطة في عهد ''جورج دبليو بوش'' ويدخل التاريخ الخفي للاستخبارات الأميركية للمرة الأولى بما في ذلك من فضائح ستعيد تعريف فترة رئاسة بوش·· ومن الأحداث التي يميط الكتاب اللثام عنها : - انخراط إدارة الأمن القومي في برنامج تجسس محلي واسع النطاق خلافاً للقانون ومع قليل من غض النظر· - أنشأت الإدارة نطاقاً للتنصل من المسؤولية في قضايا حساسة مثل اللجوء إلى التعذيب: كان يطلع عليها كبار معاوني الرئيس دون إطلاع الرئيس شخصياً· - الولايات المتحدة قدمت في الواقع تصاميم القنبلة النووية إلى إيران· - كان لدى وكالة الاستخبارات المركزية أدلة كبيرة على أن العراق لم يكن يمتلك برامج نووية في أثناء الإعداد للحرب على العراق، لكنها احتفظت بتلك المعلومات لنفسها ولم تبلغ الرئيس بها· - أصبحت أفغانستان دولة مصدرة للمخدرات تورد أكثر من 87 بالمئة من الهيروين المباع في السوق العالمية دون أن تحرك الولايات المتحدة ساكناً· الإدارة الأميركية··وأفغانستان من أكثر جوانب الكتاب إثارة للقلق هو ما كشفه ريزن من أن قواعد الاشتباك التي أرسلها البنتاجون لقواته في أفغانستان أمرت بأنه في حال عثرت هذه القوات على شحنات مخدرات فإن من الممكن تدميرها، ويلاحظ المؤلف أن الأوامر لم تكن تحتم على القوات تدميرها، وأضاف أن دور القوات الأميركية ووحدات المخابرات المركزية في أفغانستان سيتعرض لمراجعة تاريخية في مرحلة لاحقة للتأكد مما إذا كان لها دور في تسهيل تهريب الأفيون من أفغانستان· هذه ليست إلا قصة من القصص التي يرويها الكتاب عن التاريخ الخفي للاستخبارات الأميركية من تجسس محلي داخلي وإساءة استخدام السلطة وعمليات ترويع وتعذيب، ويشمل وكالة الاستخبارات المركزية التي علقت على خط تبادل إطلاق النيران السياسية، كما يشمل وزارة الدفاع التي صنعت سياستها الخارجية الخاصة، حتى ضد رغبات القائد الأعلى· بعيداّ عن التفاصيل المدهشة، يصف ريزن أساليب مثيرة للقلق: طرد الساعين وراء الحقيقة في وكالة الاستخبارات المركزية أو تجاهلهم وتدريب فرق الاغتيالات واقتراح جرائم الحرب· في كتاب '' حالة حرب'' وصف لما يعتبره الصحافي الأميركي '' ريزن'' ( إمعان الإدارة السياسية في تسييس السي آي إيه لدرجة فقدت هذه الأخيرة مصداقيتها تماماً ) ويشير إلى حالة التداعي والانهيار التي تعيشها وكالة الاستخبارات في ظل المنافسة غير المتكافئة بين جون نيغروبونتي المديرالجديد للاستخبارات الوطنية وبين '' السلطة الحقيقية في إدارة بوش: دونالد رامسفيلد · البرنامج ·· والفضيحة يوضح ريزن أن ضابطا شابا في الوكالة سلم عن طريق الخطأ معلومات لأحد عملاء الوكالة من الإيرانيين الذين يعملون داخل إيران، وهي معلومات لم يكن ينبغي أن تخرج من حوزة الضابط الشاب في الأصل، إلا أن العميل الإيراني كان يعمل في واقع الأمر لحساب المخابرات الإيرانية، التي حللتها وحددت مصادرها المحتملة، ويقول ريزين: إن العشرات من عملاء وكالة المخابرات المركزية الذين يعملون داخل إيران اختفوا بعد ذلك، '' فهذا الخطأ مكّن الإيرانيين من معرفة شبكة السي آي إيه في إيران، يقول الكاتب، مع أن السي آي إيه تنكر التفاصيل· ومن أهم المفاجآت التي يكشف عنها الكتاب قيام المخابرات المركزية الأميركية بمنح إيران البرامج التي ساعدتها في الوصول إلى مستوى متقدم في برامج الطاقة الذرية ويبدأ الكتاب بكشف الفضيحة الأميركية الكبرى عندما نجحت إيران في خداع المخابرات الأميركية عندما أرسلت أمريكا لإيران مهندس ذرة روسي منشقا لتزويدها برسومات متلاعب بها لصنع القنبلة النووية، لكن ظـهرت مشكلة فقد نجح العالم الروسي بمعاونة علماء إيران في اكتشاف أخطـاء الرسومات مما دفع ببرنامج إيران النووي إلى الأمام· عملية مارلين كانت الفكرة مدهشة وإن لم تكن جديدة في حد ذاتها: الاستعانة بخدمات المهندس الروسي في إيجاد اتصال مع الإيرانيين، بهدف الدخول إلى قلب المشروع النووي الإيراني وتعطيله·· العملية خطَّط لها رجال إدارة العمليات التابعة للسي· آي· إيه، وقام رئيس المخابرات المركزية الأميركية، جورج تينت، بإعطائها أولوية، ووافق الرئيس الأميركي بيل كلينتون عليها شخصياً · ووفقاً لخطة تنفيذ العملية، بنوا للهارب الروسي قصة تغطية جديدة، وطلبوا منه في المرحلة الأولى أن يحاول إيجاد اتصال مع علماء إيرانيين وأن يعرض عليهم شراء المعلومات التي لديه بخصوص إنتاج السلاح النووي، وفي المرحلة الثانية كان عليه الاستعانة بالعلاقات التي نشأت، في الاتصال بالممثلية الإيرانية بالوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا· وكان هدف الأميركيين هو أن ينشغل الإيرانيون ويركزوا كافة جهودهم في دراسة الرسومات ومحاولة تركيب نظام التفجير بناء عليها··في فيينا قرر المهندس القيام بمبادرة من جانبه، فأرفق بالرسومات خطاباً يلمح فيه للإيرانيين بأن هذه الرسومات غير دقيقة وفوجئ الرجل بأن الإيرانيين على علم تام بهذا الأمر وقد اتضح فيما بعد أنه لم يقصد بذلك إفشال العملية الأميركية أو الإساءة لمن يقومون بتشغيله، بل بالعكس كانت تحركه الرغبة في إرضائهم· وكان يأمل- هكذا قال- بأن يزيد الخطاب الذي أرفقه بالرسومات من ثقة الإيرانيين به، ويشجعهم على إقامة علاقات معه، بالطبع لصالح من يقومون بتشغيله من الأمريكيين· ويذكر ريزن في كتابه على لسان مصادر رفضت الإفصاح عن نفسها، أن إيران تلقت بذلك المخططات والرسومات هدية من السي· آي· إيه وحتى وإن كانت غير دقيقة بنسبة مائة بالمائة، إلا أنه يمكن الاستفادة منها في معرفة كيفية بناء نظام التفجير للقنبلة الذرية · ما الذي أفشل عملية مارلين إذن؟ المهندس الروسي اكتشف بسهولة الأخطاء والتزييفات المقصودة التي أُدخلت على الرسومات، وهو ما يتعارض مع الخطة الأصلية التي كانت تستهدف فبركة الرسومات بحيث تبدو أصلية، والنتيجة: لم تفشل المخابرات الأمريكية فقط في محاولاتها لإبعاد الإيرانيين عن الطريق المؤدية لصنع القنبلة الذرية، ولكن من الممكن أيضاً أن تكون قد دفعتهم قدماً في هذا الطريق· ضد العراق وبالنسبة للعراق يقول الكاتب: لقد كان رامسفيلد ونائبه بول ولفوفيتز يستمعان للمتشددين الإسرائيليين وليس لوكالة المخابرات المركزية الحذرة في تصورها·· لقد قام رجال الموساد برحلات متكررة إلى واشنطن للشرح لكبار الرسميين الأميركيين· ''ولكن المحللين الاستخباريين في السي آي إيه غالبا ما كانوا متشككين في تقارير المخابرات والمعلومات الإسرائيلية- مع العلم بأن الموساد له الأسباب القوية في التحيز ضد العالم العربي·'' وبعد زياراتهم المتكررة غالبا ما أسقط المحللون في السي آي إيه الكثير من المعلومات الإسرائيلية مما أغضب ولفوويتز وغيره من المحافظين الجدد في البنتاغون· يقول الكاتب: لقد أصبح الطريق سالكا لجماعة بوش للمضي قدما في خططهم للجوء للتفسيرات الغريبة وللتعذيب المؤكد وللسجون الأجنبية السرية ولبرامج التنصت والتجسس لوكالة الأمن القومي الواسعة النطاق التي يوضحها الكاتب في الفصول اللاحقة· ولكن وكالة الأمن القومي هي قلب ''حالة الحرب·'' ويبدأ ريزن ذلك بالحديث عن اجتماع سري عقد في السفارة الأميركية بلندن في عام 2002 وحضره كل رؤساء محطات المخابرات المركزية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مجموعة خاصة شكلها البيت الأبيض تحت اسم مجموعة عمليات العراق وحشد فيها عددا من أشد المتطرفين في المطالبة بشن الحرب ضد العراق، ووضعت هذه المجموعة من الوجهة الصورية تحت إشراف وكالة المخابرات المركزية· ويقول ريزن إن الاجتماع بحث إمكانية القيام بمسلسل من العمليات التي تهدف إلى زرع الشقاق داخل أركان النظام العراقي، وبث عدم الثقة فيما بينهم ونشر حالة من التوحش والقلق والهواجس والشكوك، بالإضافة إلى حث من يمكن حثه على الانشقاق عن النظام، وتناول الاجتماع أيضا مصادر النظام في الحصول على مواد ممنوعة، وكان أحد هذه المصادر هو قارب كبير يبحر بانتظام بين دبي وميناء أم قصر العراقي، واقترح واحد من رؤساء المحطات إغراق القارب، وتطور النقاش حين قال رئيس محطة قريب من هذه القضية إن الأمر لا يتعلق بقارب واحد وإنما بعدد من القوارب، وقال واحد من مجموعة عمليات العراق إن بالإمكان إغراق أحد هذه القوارب ومحاولة لصق الاتهام بالنظام العراقي وكأنه هو الذي أغرقه ببحارته ثم اعتبار ذلك سبباً لشن الحرب بما أن بغداد تهدد الملاحة في الخليج·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©