السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسعود أمر الله: نجحنا في إقامة منصة سينمائية إماراتية تتيح للمواهب الانطلاق عالمياً

مسعود أمر الله: نجحنا في إقامة منصة سينمائية إماراتية تتيح للمواهب الانطلاق عالمياً
21 يناير 2012
ليس حدثاً استثنائياً أن يقام مهرجان للسينما، فقد اعتادت معظم دول العالم إقامة مثل هذه المهرجانات بصورة دورية تسويقاً لمنتجاتها المرئية، كما أنه ليس إنجازاً صعباً أن يستقطب المهرجان السينمائي المشغول بدراية مجموعة وافرة من المهتمين بالفن السابع، وعددهم لا يشكو الندرة عادة، لكن ما يمكن إدراجه في خانة الحدث هو أن تتصدى بلاد حديثة العهد بالسينما لمهرجانات من طابع دولي، تدخلها في منافسات مع جهات محترفة تمثل السينما بالنسبة إليها جزءاً من حراكها اليومي المعتاد. يوضح مسعود أمر الله مدير مهرجان الخليج السينمائي الذي تقام دورته السادسة بين العاشر والسادس عشر من شهر أبريل القادم، أن إقامة مهرجان متخصص في بلاد غير متطورة سينمائياً أمر على درجة بالغة من الصعوبة، وهو ينطوي على قدر لافت من التحدي.. ذلك أن واقع الأمر يتخطى حينها الفكرة السائدة عن كون المهرجان مناسبة لقطف الثمار السينمائية اليانعة، ويتحول نحو ورشة عمل مستمرة مهمتها إنضاج الظروف الملائمة لاستيلاد النتاج السينمائي عبر مراحل متعاقبة تكاد تبدأ من الصفر. حيوية مستجدة في هذا الإطار يقول أمر الله، إن أي قراءة موضوعية لخصوصية مهرجان الخليج السينمائي ينبغي أن تكون مراعية لظروف نشأته، وأن تلحظ السؤال الذي طرحه مؤسسوه على أنفسهم لدى إنشائه قبل ست سنوات، وهو ما إذا كان بالإمكان الحصول على أفلام منتجة في دول الخليج العربي، ومعها العراق واليمن، بما يكفي لتغطية أوقات العرض المقررة في سياق برنامجه الزمني، لتكون المحصلة اليوم أن هنالك ما يزيد على الـ 400 فيلم تشارك في المهرجان من الدول المعنية، الأمر الذي يعني ارتقاء ملموساً بالتجربة، وتحولاً من سؤال الكم نحو مسألة النوع، كذلك وبعد أن كان بالإمكان حسم هوية الأفلام الفائزة بجوائز المهرجان منذ لحظة الإعلان عن موعده، بفعل اقتصار المنافسة الحقيقية على بضعة أفلام مستوفية لشروط الجودة، غدا الأمر راهناً في منتهى الصعوبة، حيث صارت عملية الحسم تحتاج انتظار اللحظات الأخيرة. وإخضاع الأعمال المشاركة لمجهر التشريح والتحليل جراء التقارب المذهل في المستوى، بما يبرر القول بأن ثمة تطوراً نوعياً أصاب الحراك السينمائي في منطقة الخليج، وهو أمر لا يمكن عزله بأي حال من الأحوال عن الحيوية التي اتسمت بها المهرجانات السينمائية المتتالية المقامة فيها، والتي يمثل مهرجان الخليج واسطة عقدها.. منصة سينمائية يضيف أمر الله مستعرضاً التداعيات الإيجابية للمهرجان: في المألوف من الحالات تكون هناك حركة سينمائية ناشطة في منطقة ما، ثم يأتي المهرجان ليستثمر ذلك النجاح، لكن الحاصل عندنا حتى اللحظة هو أن العربة تقف أمام الحصان، ثمة بيئة حاضنة محفزة على تنشيط العمل السينمائي، ونحن جزء منها، وقد تحولت مهرجاناتنا إلى قوة دافعة لإنجاز الأعمال السينمائية المحترفة، وصار موعد المهرجان محطة زمانية لاستيعاب النتاجات المرئية والدفع بها نحو المعترك العالمي، حيث أن هنالك أفلاماً عدة وجدت طريقها نحو مهرجانات دولية عريقة وسجلت حضوراً مميزاً في سياقها، بعد ان كانت قد انطلقت من أحد المهرجانات المحلية، واستوحت حوافز وجودها من معاييره. ويمكننا القول باطمئنان إننا نجحنا في إقامة منصة سينمائية تتيح لأصحاب الموهبة والمقدرة الانطلاق منها نحو عالم السينما الشاسع، خاصة أن بعض الجوائز التي قررها المهرجان للأفلام الفائزة، لا سيما القصيرة منها، كانت عبارة عن مساهمة مادية في إنتاج مثل هذه الأفلام، وذلك في سياق توليد دينامية مشجعة تكافئ السينما بمزيد منها. لغة متميزة في معرض قراءته لواقع السينما الإماراتية يرى أمر الله أن الإمارات تعتبر من الدول الناشطة سينمائياً، وهي تمتلك من صالات العرض ما يفوق عددها في أي دولة عربياً، كذلك أن عجلة الإنتاج فيها تدور بسرعة قياسية، ودخل الشباك السينمائي فيها هو الأعلى عربيا. هذا بالإضافة إلى قنوات العرض التلفزيوني المتخصصة بعرض الأعمال السينمائية، والتي تتخذ من الإمارات مقراً لها، كل ذلك يشجع على القول بأن المشروع السينمائي الإماراتي، والخليجي تالياً، يخطو بخطى واثقة نحو التبلور وامتلاك خاصية التسارع المستقبلي نحو ذرى متجددة، يستوي في ذلك الكم مع النوع، هذا مع التنبه إلى توافر تكنولوجيا الصناعة السينمائية، وامتلاك ناصيتها من قبل الشباب الإماراتي العامل في هذا الحقل، حيث تمثل المشاركة الطلابية في الحراك السينمائي نسبة غير مدركة في الكثير من الدول ذات الشأن المميز سينمائياً.. وينطلق محدثنا من هذه المعطيات المسندة إلى لغة الإحصاء والأرقام ليخلص إلى الاستنتاج أن ثمة لغة بصرية سينمائية مكتملة في التجربة الإماراتية، وأن مسألة تطورها وتميزها هي مسألة وقت ليس إلا.. خطى واثقة لا يوافق أمر الله على كون المهرجانات السينمائية، وما تستتبعه من مشاركات أجنبية متطورة قد تدفع بصانع الفيلم الإماراتي إلى الإحباط بفعل المنافسة غير المتكافئة مع تجارب أكثر نضجاً، ذلك أن كل حركة سينمائية انطلقت في مكان ما من العالم كان عليها في البداية أن تواجه المعوقات والعراقيل التي تعترضها، ولا يمكنها أن تفعل ذلك دون الدخول في منافسة ومقارنة مع النتاجات القائمة قبلها، والمحيطة بها، وإن كانت الخطوات الأولى تتسم دوماً بقدر من الصعوبة، فإن الخطى التي ميزت السينمائيين الإماراتيين تتصف بقدر لافت من الواثقية والثبات، بل والرسوخ أيضاً، ومجدداً تؤدي الأرقام دورها: ثمة فيلمان أو أكثر من النوع الطويل يجري إنتاجهما سنوياً، وهناك أفلام تتميز محلياً. ثم تستكمل دورتها الناجحة عالمياً، مثل فيلم “سبيل” للمخرج الإماراتي خالد المحمود، الذي سرعان ما وجد طريقه إلى مهرجان برلين السينمائي، ليجد لنفسه مكاناً وسط لائحة من أكبر الأعمال السينمائية العالمية، أيضاً في جعبة كل سينمائي إماراتي ناشئ ما يزيد على سبعة أو ثمانية أفلام قصيرة يمكن الدفاع عن حرفيتها وإتقان صنعتها. هذه العناصر مجتمعة تبرر ليس الاطمئنان إلى واقع السينما الإماراتية فحسب، بل والتفاؤل بمستقبلها أيضاً.. توجيه دون إرغام يؤمن أمر الله، ومعه القيمون على مهرجان الخليج السينمائي، بأهمية أن يتمتع العمل الإبداعي بقدر من الحرية التي تتيح لصانعه إمكانية التعبير عن هواجسه المتفردة، وهو لذلك لا يؤمن بفكرة رسم الحدود، وتوجيه السينمائيين نحو خامة إنتاجية محددة، لكن ذلك لا ينفي ضرورة الاهتمام بصقل التجارب الجديدة، والدفع عبر الأساليب التعليمية والتثقيفية نحو ما يطلق عليه في العالم المعاصر تعبير السينما النظيفة المراعية للشروط الاجتماعية والثقافية والحضارية للبيئة التي تنتج في رحابها. وهي استراتيجية بدأت تعطي ثمارها، وفق محدثنا، من خلال نوعية الأفلام المنتجة في الإمارات والتي تتميز بنقاء إبداعي ملحوظ، حيث لا يجد الشباب العاملون في هذا الحقل إغواء في استنساخ التجارب العالمية المحيطة بهم، بل هم يحرصون على استيلاد بصماتهم الخاصة المستوحاة من واقعهم الجغرافي والحضاري، ويعكسون في الأعم الأغلب من أعمالهم خصوصية البيئة الإماراتية على مختلف الصعد، وهي بيئة موغلة في الثراء، كما يفهمها أمر الله، لجهة تنوع أقاليهما بين بحر وبر وجبل، مما يعني ثلاثة أنواع من الثقافات المتجاورة والمتحاورة، والمهيأة بالتالي لنتاجات متميزة على مختلف الصعد الإبداعية، وفي مقدمها السينما. سينما بكر يشير أمر الله إلى خصوصية تميز العمل السينمائي في الإمارات، من موقع الراصد الدقيق والمتمعن في طبيعة الأرض التي يتحرك فوقها البشر، موضحا أنه يمكن اعتبار هذه الخصوصية عنصراً ايجابياً إذا أحسن توظيفها، وهي تمثل بسمة البكرية التي تطغى على طبيعتها الإنتاجية، فالعمل السينمائي الإماراتي، وبسبب غياب الإرث، يعتبر جديداً مهما كانت هويته، هكذا لا يبدو السينمائي في هذه البلاد معنياً بالتغاضي عن موضوعات محددة، كما هو الحال في أمكنة أخرى، لتفادي الوقوع في التقليد، أو استعادة القديم، هكذا يمكن، رغم حداثة عهد السينما الإماراتية، أن تخوض غمارات متنوعة، والدخول في متاهات شائكة هي من السينما بمثابة المركز من الدائرة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©