الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الجزائر تقيد الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط

الجزائر تقيد الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط
13 أغسطس 2006 01:17
إعداد - عدنان عضيمة: بعد أقل من عام على صدور قانون الهيدروكربونات الذي كسر احتكار شركة ''سوناطراك'' المملوكة للدولة لثروة النفط والغاز، وأشرع الأبواب أمام إسهامات الشركات العالمية للنفط بالاستثمار في هذا القطاع الحيوي، بدأت بعض عناصر التغيير الأساسية لهذا الطرح بالظهور للعيان مؤخراً بما قد يترجم على أنه بداية تراجع حقيقية عن بنود ومرامي هذا القانون الجديد· وكان مجلس الوزراء الجزائري أقرّ يوم 5 يوليو الماضي الذي يصادف عيد استقلال الجزائر، نصّين معدّلين على القانون المذكور الذي سبق أن وصفه وزير الطاقة الجزائري السابق نور الدين آيت الحسين بقوله: ''لقد وضع سوناطراك في المقعد الخلفي للعربة''· ونتيجة لهذا التعديل الاخير، لن يكون في وسع الشركات العالمية للاستثمارات النفطية أن تفوز بعد الآن بالحصص الكبرى من مشاريع النفط والغاز التي يتم تنفيذها في الجزائر· وهناك ما هو أكثر من ذلك، حيث ستعمد الحكومة إلى فرض ضرائب باهظة على الشركات الأجنبية في حال الاضطرار لإشراكها في هذه المشاريع· وقال وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل في سياق تصريح صحفي أدلى به في الخامس عشر من الشهر الجاري: ''ربما يكون شركاؤنا غير سعداء للحقيقة التي تشير إلى أننا اقتنصنا منهم جزءاً من مكاسبهم، إلا أننا عازمون على تحقيق أهدافنا في مجال الحفاظ على مصادرنا الوطنية من أجل ضمان مستقبل أجيالنا المقبلة''· عودة إلى المستقبل ويقول تقرير تنشره ''ميد'' اليوم الأحد ان هذه الالتفافة الكاملة على التوجهات السابقة أو ما يعرف بمصطلح الـ''يو تيرن''U-Turn, تمثّل في واقع الأمر ضربة قاسية للجهود المتعلقة بتطبيق القانون الجديد على الأرض· وكان التحول الأول في هذا المجال قد بدأ قبل أربع سنوات إلا أن تطبيقه تأخر بسبب الجدل المحتدم الذي تفجّر بين الحكومة والمجموعات ذات العلاقة بالموضوع بما فيها الاتحادات التجارية وحزب العمل المعارض والجيش وحتى الأصوات القوية داخل ''سوناطراك'' ذاتها· ومنذ ذلك الوقت، كان للمناخ الاقتصادي الجزائري السائر في طريق التطور والتغيير، أن يجعل من عمليات الإصلاح تبدو وكأنها أقل إلحاحاً· وتقول سارة مايرز من شركة ''كونترول ريسكس'' الاستشارية التي يوجد مقرها في لندن: ''في عام ،2001 كانت الجزائر في عوز شديد للسيولة· وكانت هذه الحقيقة تمثل العامل المؤثر الأساسي لاستصدار القانون الجديد إلا أنها سرعان ما وجدت نفسها بعد ذلك غارقة بعوائد بيع النفط والغاز· ومع الثبات الذي شهدته وتيرة إنتاج النفط عند مستوى 1,4 مليون برميل في اليوم وارتفاع أسعار النفط بأكثر من 30 بالمئة عما كانت عليه قبل التصديق على القانون الجديد، أصبحت الدولة قادرة على تجميع احتياطي ضخم من العملات الأجنبية بلغ 66 مليار دولار أو ما يفوق القيمة اللازمة لتغطية مجمل وارداتها من البضائع الأجنبية لمدة تزيد عن ثلاث سنوات''· وتعتقد الحكومة الجزائرية اليوم أنها باتت تتمتع بوضع اقتصادي قوي للدرجة التي تجعلها قادرة على مواجهة نتائج عدم اكتراث الشركات العالمية لاستثمار النفط بمشاريعها بعد حدوث هذه التطورات· وفيما لا تزال وزارة الطاقة الجزائرية تأمل في زيادة إنتاجها إلى 2 مليون برميل في اليوم من النفط و3 تريليونات قدم مكعب من الغاز في اليوم بحلول عام 2010 (أو ما يساوي ضعف إنتاجها الراهن منهما)، إلا أنها لا تعتزم السعي لتحقيق زيادة أعلى من هذا المستوى في إنتاجها خلال المستقبل القريب وفقاً لما جاء في تصريح أدلى به الناطق الرسمي باسم الحكومة· ثروة الأجيال ويضاف إلى كل ذلك أن الحكومة الجزائرية أعلنت عن أن أي قصور في تطوير إنتاج المواد الأولية لا بد أن يصبّ في نهاية المطاف في هدف سعي الجزائريين للحفاظ على مصادرهم الوطنية من أجل المستقبل· وقال ناطق رسمي باسم مكتب الرئيس بوتفليقة: ''لا شك أن التعديلات المقترحة على قانون الهيدروكربونات تسهم في تعزيز قدرتنا على التحكم في ثرواتنا الوطنية وتساعد على حفظها للأجيال المقبلة''· وما من شك في أن هذا الطرح المثالي للأمور فيما يتعلق بالحفاظ على الإرث الاقتصادي للبلاد، يكون قد مسّ شغاف قلوب أولئك الذين يقفون على الجانب الآخر من طاولة الجدل حامي الوطيس المتعلق بالمستقبل والذي كثيراً ما ينشب بين الدولة ومجموعات المعارضة في الجزائر وعلى رأسها حزب العمال والاتحاد العام للعمال الجزائريين· وقال جورج جوف أستاذ الدراسات الدولية في جامعة كمبريدج في هذا الشأن: ''لقد كانت هناك احتجاجات قوية من الاتحاد العام للعمال الجزائريين UGTA ضد قانون الهيدروكربونات الجديد بدعوى أنه يحرم الجزائر من مصدر قوتها الاقتصادية ويهدد باستنزاف مصادر ثرواتها من النفط والغاز· وكان هذا الموقف كافياً لتأخير صدور القانون لمدة سنتين كاملتين''· وذهب بعض المناوئين للقانون الجديد بما فيهم حزب العمال، حتى إلى الدعوة لإلغائه تماماً· وعقب الاجتماع المشترك الذي عقده الرئيس بوتفليقة مع الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز في شهر مايو الماضي، بدت تلوح في الأفق بوادر قوية توحي بأن الرئيس الجزائري قد يسير على وقع خطى كل من فنزويلا وبوليفيا فيما يتعلق بالسياسة النفطية وحيث عمدت الدولتان إلى تأميم قطاعاتهما النفطية تحت شعار ''الهيدروكربونات ملك الشعب''· ويحظى هذا الموقف المتصلّب بتأييد حسين ملطي النائب السابق لمدير عام شركة سوناطراك· ويمثل موقف الرئيس بوتفليقة المؤيد لفكرة المشاركة الأجنبية في الاستثمار في مشاريع النفط والغاز، عائقاً كبيراً أمام أية فكرة ترمي إلى وضع شعار ''العودة إلى التأميم'' قيد التطبيق الفعلي· إلا أن الحقيقة التي تفيد بأن العوائد الضخمة التي ستترتب على فرض الضرائب الباهظة على أرباح الشركات الاستثمارية الأجنبية سوف تذهب في نهاية المطاف إلى خزينة الدولة وليس إلى شركة سوناطراك، أصبحت ذات مغزى سياسي كبير· ويقول سامي لغواطي المدير الإقليمي لشركة ''جيد لويريت'' للاستشارات القانونية: ''إن لهذا الأمر معانيه الرمزية المهمة لأنه يعني أن الحكومة تريد أن تحفظ للشعب الجزائري حقه في امتلاك ثرواته من النفط والغاز''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©