السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ارتفاع أسعار مواد البناء يلقي بظلال سلبية على السوق العقارية المصرية

ارتفاع أسعار مواد البناء يلقي بظلال سلبية على السوق العقارية المصرية
7 أغسطس 2014 20:45
? تواصل أسعار مواد البناء في السوق المصرية ارتفاعها على مدار الأسابيع الماضية، وذلك بفعل مجموعة من العوامل ساهمت في ارتفاع تكلفة الإنتاج، ومن ثم ارتفاع أسعار البيع للمستهلك النهائي. وسجلت أسعار مواد البناء الرئيسة ارتفاعا في حدود 15% في المتوسط خلال شهر يوليو، بحسب أرقام صادرة عن شعبة مواد البناء في اتحاد الغرف التجارية، الأمر الذي بدا واضحاً في الإسمنت الذي ارتفع بنحو 100 جنيه للطن في المتوسط، وكذلك الحديد الذي ارتفع بنحو 250 جنيهاً، بعد فرض رسوم أغراق على الحديد المستورد من تركيا وأوكرانيا، إلى جانب ارتفاعات متفاوتة في أسعار السيراميك والبويات والكابلات الكهربائية، وغيرها من مستلزمات البناء الرئيسة. سعر الطاقة ولعبت مجموعة من العوامل دوراً رئيساً في هذا الارتفاع المرشح للمزيد في ضوء موجة تضخم كاسحة تجتاح الأسواق المصرية بدءا من العام المالي الحالي بصفة عامة، وفي مقدمة هذه العوامل رفع أسعار الوقود لمصانع الإسمنت لتصل إلى 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي، مقابل 3. 6 دولار قبل 30 يونيو الماضي، وكذلك تحديد سعر 7 دولارات للمليون وحدة حرارية لمصانع السيراميك والحديد والألومنيوم، الأمر الذي يعني مضاعفة فاتورة استهلاك الطاقة تقريبا في هذه المصانع. في الوقت نفسه أدى نقص كميات الغاز الموردة للمصانع، خاصة مصانع الإسمنت، إلى نقص الإنتاج، وبالتالي اختلال معادلة العرض والطلب في الأسواق، الأمر الذي أتاح لشبكة الموزعين ممارسة مزيد من الضغوط السعرية على المستهلك، إما بدعوى ارتفاع تكلفة النقل، وإما بدعوى دخول المصانع برامج الصيانة السنوية ونقص الإنتاج. في المقابل تسعى الحكومة لتهدئة أسعار مواد البناء، نظراً لتأثيرها السلبي على قطاع حيوي ضمن قطاعات الاقتصاد الكلي، وبدأت في اتخاذ العديد من الترتيبات التي تستهدف وقف موجة الصعود الكبير في الأسعار، وفي مقدمة ذلك إبلاغ شركات الإسمنت الرئيسية بضرورة عدم توقيع عقود تصدير جديدة في المرحلة المقبلة، لتوفير الإسمنت للسوق المحلية، إلى جانب دراسة إمكانية فتح باب استيراد الإسمنت من الصين، لاسيما في ظل توقعات بزيادة الطلب على مواد البناء في المرحلة المقبلة، مع إطلاق المشروع القومي للإسكان الاجتماعي، والذي يبلغ حجمه مليون وحدة سكنية، من المقرر أن يتم إنجازها خلال 5 سنوات، بمعدل 200 ألف وحدة سنوياً، الأمر الذي يعني حاجة متزايدة لأنوع مواد البناء كافة. في الإطار نفسه سمحت الحكومة لمصانع الإسمنت بتشغيل المصانع باستخدام وقود الفحم، على الرغم من أضراره البيئية، للتخفيف من حدة أزمة نقص الطاقة، وخفض تكلفة الإنتاج، وبدء بعض الموانئ المصرية في الاستعداد لاستقبال الفحم المستورد، وفق منظومة خاصة للشحن والنقل والتوصيل للمصانع، لا تضر بالبيئة، ومنح تصاريح استيراد الفحم لعدد من مصانع الإسمنت. إعادة هيكلة ويتمثل الإجراء الحكومي الثاني في اعتماد نصف مليار جنيه، لتمويل خطة إعادة هيكلة شركة الحديد والصلب المصرية المملوكة للدولة، بحيث تعود هذه الشركات منتجاً رئيساً لحديد التسليح، والعمل على زيادة المعروض لكسر حالة الاحتكار القائمة في السوق، لاسيما أن بعض مصانع الحديد الجديدة التابعة للقطاع الخاص لم تدخل حيز التشغيل الفعلي حتى الآن لمشكلات تمويلية مع البنوك، ومشكلات أخرى تتعلق بنقص إمدادات الطاقة. وتوقع متعاملون في سوق مواد البناء أن تواصل الأسعار ارتفاعها في النصف الثاني من العام الجاري، بسبب التضخم الكبير الذي يجتاح السوق المصرية هذه الأيام، والذي يتجاوز 20% في تقديرات خبراء اقتصاديين، بينما أعلنت الحكومة رسمياً، على لسان وزير التخطيط أشرف العربي، أنها تستهدف معدل تضخم لا يتجاوز 14%. كما يقدر خبراء عقاريون أن ينعكس الارتفاع المتواصل لأسعار مواد البناء على أسعار العقارات بأنواعها كافة، وهو الأمر الذي بدت بشائره في الأسابيع الماضية، مع تنامي شعور لدى المواطنين بانخفاض القدرة الشرائية للعملة المحلية، ومن ثم اتجه كثيرون إلى وضع مدخراتهم في وحدات سكنية، مما أوجد رواجاً نسبياً من جهة وتحرك الأسعار من جهة ثانية. ويقدر هؤلاء الخبراء أن معدل الارتفاع في أسعار العقارات خلال العام الجاري يتراوح بين 10 و15%، وهي نسبة مرشحة لمزيد من الصعود في الشهور المقبلة، الأمر الذي دعا شركات التمويل العقاري إلى زيادة معدلات القروض التي تمنحها للراغبين في شراء مساكن عبر آلية التمويل العقاري، وأن تكون نسبة الأقساط المسددة لإجمالي الدخل في حدود 40% بدلاً من نسبة 25% التي كانت مطبقة قبل ذلك، والتي لم تعد مناسبة لمستويات الأسعار المرتفعة الراهنة. وقال خبراء اقتصاديون: «إن الضغوط السعرية الواقعة على قطاع البناء والتشييد حالياً ربما تؤدي إلى مزيد من التضخم في منتجات بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، على اعتبار أن قطاع البناء والتشييد يعد قطاعاً قائداً في الاقتصاد المصري، ويرتبط به أكثر من 70 نشاطاً فرعياً ومكملاً له، لاسيما وأن التضخم يغذيه الارتفاع المتواصل في تكلفة الأجور، الأمر الذي يضع القطاع كله في مأزق شديد، وسوف يتسبب في آثار سلبية على المدى المتوسط، تتمثل في إفلاس وخروج العديد من شركات المقاولات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وكذلك زيادة حجم المتأخرات الحكومية لصالح المشاريع التي يجري تنفيذها حاليا. ضغوط تضخمية وقال شريف رشدي، رئيس مجلس إدارة شركة «إيدار» العقارية: «إن السوق العقارية المصرية تمر بمنعطف خطير هذه الأيام وعملة محلية لم تعد قادرة على الصمود في وجه الضغوط التضخمية، وتكلفة حقيقية لا يمكن للشركات البيع بأقل منها، وبالتالي يمكن القول: «إننا أمام مشهد مركب، فهناك انتعاش نسبي في المبيعات منذ مطلع العام، وفي الوقت نفسه هناك ارتفاع كبير في الأسعار، وبالتالي هذه المعادلة لا يمكن أن تستمر لاسيما على ضوء أزمة حادة يعانيها الاقتصاد الكلي». وأضاف: «إن التعامل مع الأزمة الاقتصادية العامة هو المدخل الطبيعي لعلاج أزمة السوق العقارية». وأوضح أن هناك دراسات تتوقع ارتفاع نسبة العملاء المتعثرين، والذين قد يتضررون للتوقف عن سداد الأقساط مستقبلاً، وهو أمر تحاول الشركات أن تحتاط له، وهو تعثر يعود إلى التراجع الحاد في دخول بعض الفئات على ضوء تطبيق الحد الأقصى للأجور أو فقدان البعض لوظائفهم أو نتيجة الانخفاض المستمر في قيمة العملة. ولفت إلى أن السوق العقارية في مصر تعكس واقع النشاط الاقتصادي بالبلاد، ومن يعملون في هذه السوق لا يزالون يرون أن هناك أملاً قادماً مع بدء تنفيذ الخطة الشاملة للإصلاح الاقتصادي التي أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أيام، والتي سوف يترتب عليها حالة من نُضج التسعير في العديد من الأنشطة. ويؤكد هذه الرؤية أيضاً المهندس عبد الغني الجمال رئيس شركة «رؤية» للاستثمار العقاري - الذي يشير إلى حدوث موجة جديدة من ارتفاع أسعار العقارات في مصر مؤخراً بعد ارتفاع أسعار مواد البناء والأجور. وقال: «إن ارتفاع الأجور قد يكون أمراً مقبولاً في إطار حالة التضخم السائدة وارتفاع تكلفة الحياة بصفة عامة لكن ما يجري في سوق مواد البناء في حاجة إلى وقفة جادة، لأنه يعكس نوعاً من الاتفاقات الاحتكارية التي تقف أمامها الحكومة عاجزة تماماً، خاصة في صناعة الإسمنت، بعد أن أصبح سعر الطن 800 جنيه أي أكثر من 115 دولاراً بينما هذه الشركات نفسها تصدر طن الإسمنت إلى خارج البلاد بنحو 45 دولاراً فقط، مما يعني أننا أمام استغلال حاجة السوق المحلية لهذه السلعة الحيوية والبيع بأسعار مبالغ فيها». وأضاف: «هذا الأمر سوف يزداد سوءاً في الشهور المقبلة مع تنامي الطلب على الإسمنت على خلفية المشروع القومي للإسكان الاجتماعي، وبالتالي لابد من البحث عن آليات عملية للتصدي لهذه الممارسات الضارة اقتصادياً بآلاف الشركات وملايين البشر».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©