الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حصة لوتاه أرادت منزلها عامراً بالتفاصيل الشرقية المعبرة

حصة لوتاه أرادت منزلها عامراً بالتفاصيل الشرقية المعبرة
18 أكتوبر 2010 21:17
يشدنا الفضول للتعرف إلى شخصية الدكتورة حصة لوتاه، التي نجدها متجسدة عبر ديكور منزلها النابض بتفاصيل شرقية الروح، وسعيها الدؤوب لانتقاء مفردات وقطع الديكور بما يتناغم مع مساحة بيتها الزاخر بمقتنيات جمعتها من بطون الحضارات وثقافات الشعوب من خلال أسفارها المتعددة، فكل ركن أو زاوية منه ينطق بمفاهيم شرقية أصيلة، ويحاكي علاقة المرء بالمكان، ومدى التصاقه به الذي يؤثر ويتأثر به، فالبيت يمثل شخصية مالكيه. هي تعشق كل ما هو ينبض بالحياة ويرسم تعابير ومفاهيم تتجلى فيها منظومة الفن العربي الاسلامي الذي يحاكي مفردات الديكور. تقول د. حصة لوتاه معبرة عن شغفها بالفن العربي والإسلامي: هذا الفن تتمثل فيه روح إنسانية لها علاقة بالبشر، كل شيء في المعمار الإسلامي إنما يرمز لصفة ما، مثلا الأقواس نجدها ترمز إلى الانحناء لله، يستشف المرء من خلالها الروح الإنسانية وعلاقته بالوجود، وسر تعايشه معه هذا العالم الذي يحيط به الذي يتأثر ويؤثر فيه. فلا أفضل المعمار الغربي الذي يدل على مرحلة أن الإنسان لا يعنى شيئاً في الحضارة، إلا الإنتاج، في حين المعماري الإسلامي يربط ما بين الإنسان والكون والخالق، هذه التفاصيل مفقودة تماما في المعمار الغربي الحديث، فبعد عصر النهضة والاهتمام بالإنتاج والرأسمالية، أصبح هناك تراجع عن الاهتمام بالعنصر البشري، وصارت المباني عبارة عن مكان ليحتمي فيه المرء فقط، وفيه نوع من الجمود الواضح. حيث لا يحمل أي تفاصيل ومنمنمات حسية، فلا يمكن التفاعل معه كالمعمار الإسلامي، هذا المعمار الذي له علاقة بالثقافة وفلسفة الوجود. حروف وأضواء كل ما سبق نجده حاضراً، ويتجلى عند عتبة المنزل من خلال بوابة من الخشب الداكن المطعم بالزجاج، منحوتة عليه الفاظ بفن الخط العربي، وتركن على جوانب المدخل فوانيس كبيرة، حيث يؤدي المدخل إلى جلسة شرقية في استقبال الضيوف يتمثل فيها فن الاربيسك تقول د.حصة لوتاه هذا الفن الرائع ذو قيمة عالية نظرا لكونها تركت بصمة الصانعين الذين تفننوا في صياغة معالمها ونقوشها سواء على الجدران والنوافذ والأبواب ليعبّر هذا الفن عن روح الأصالة، هذه الأصالة التي تدفع محبيه ومريديه للبحث عن أجمل نقوشه في أقدم الأحياء الشعبية التي حملت طابعه الشرقي والإسلامي، ويعتبر أكثر مظاهر استخدام الأرابيسك متمثل في الأثاث، مما يظهر اللمسات المرتبطة بهذا الفن، والمنعكسة سحراً خاصاً على أي مكان يقبع فيه، ففيها تظهر جماليات الزخرفة والخطوط، وبراعة خطاطيها والرسوم وبصمتها الرشيقة والفطرية، وكل ذلك ينتجه هذا الفن الشرقي الجميل الذي يتشكل أساساً من فنون مساندة كالحفر والزخرفة والخط والرسم والنقش والتطعيم، تقول لوتاه: هكذا وجدت نفسي أميل إلى الروح التي تزخر بها هذه الفنون، فنفذت هذه الجلسة على أيدي حرفيين مهرة في مصر، واخترت لإثراء جوانبها عدداً من الوسائد التي تضفي نوعاً من الراحة عند الجلوس عليها، والجلسة مطعمة بالصدف مشغولة بزخارف خشبية دقيقة متتابعة في شكلها. وتتوسطها طاولة مستطيلة الشكل تتسم بنفس الروح، تعلوها قطعة من الزجاج الشفاف، يتخللها منظر بديع من الزخرفة، وتفترش الأرضية بسجادة عجمية تضم زخارف ونقوشاً نباتية، وتعلوها لوحة من الصدف تضم أسماء الله الحسنى. إنارة جدارية تأخذنا عدد من المداخل على شكل أقواس خشبية إلى الولوج إلى جلسة شرقية تراثية مزدوجة تزخر بتفاصيل متنوعة جلبت من ثقافات متعددة، حيث نجد قطعة من الموزاييك الخزفي أزرق اللون جلبت من تركيا، تتجسد فيها شجرة الحياة، هذه الزخرفة التي تحمل عدة زهور إنما تعني كلمة الله، وهي صورة نجدها تتكرر كثيرا في الزخرفة التركية. وقد وضعت كخلفية جلسة أرضية، بينما يحدها من اليسار كرسيان من الخشب المحفور من الانتيك، فهي من وحي الطراز الهندي، حيث تتوسطهما ثلاث طاولات ذي قطع صغيرة مربعة الشكل مصفوفة فوق بعضها البعض، تعلوها قطع من الأحجار الموزعة بين ثنايا المكان، نظرا لكون هذه الأحجار تمتص الطاقة السلبية في المنزل، كما استغل الجدار بعمل ثلاث تجويفات صممت أطرافها بإطار من الخشب المحفور، حول التجويف، حيث تم شغله بفن الشرقي الذي يطلق عليه فن الاربيسك، هذه الزخارف المكررة والمتتابعة في شكلها والذي نشاهدها متمثلة في النقوش والزخارف الإسلامية إنما ترمز إلى وحدة الوجود في الكون وأن الله الواحد نتج عنه الكثرة على حسب قول د حصة حيث نجد روح الفن الشرقي متمثلة بشخوصه وتفاصيله الدقيقة التي تشكل مفهوم الفن الإسلام العربي الذي انطلق من وحي القيم والثقافة الإسلامية. ويتوسط التجويفين تجويف آخر حمل لوحة من الخشب محفورة فيها أسماء الله الحسنى. ويتميز السقف بارتفاعه حيث تتدلى منه ثريا شرقية الطراز في حين تدخل إنارة طبيعية من أطراف السقف عبارة عن عدد من النوافذ الزجاجية المتراصة فيما بينها، وتخترقها أشعة الشمس الذهبية في الصباح الباكر، لتضفي المزيد من الجمال على المكان وتنعكس على جدرانها المطلية باللون البرتقالي، مما يخلق إيحاءً بالتجدد والهدوء والسكينة عند الجلوس في هذه الأجواء. في حين أن الأرضية الرخامية تتوسطها زخرفة سداسية الشكل تتداخل فيها روح المكان. من هذا المكان نتقل إلى جلسة صغيرة من الارابسك وضعت عند المخرج المؤدي إلى الحديقة، وهي عبارة عن طاولة سداسية الشكل تحيطها عدد من الكراسي مطعمة بالصدف ذات مقعد من الجلد البيج، يعلوها سقف منشور الشكل مزدان بالحديد المشغول ذي عروق من الأوراق، وتتدلى منها النباتات المتسلقة إلى جانب إنارة مسلطة على الجلسة. فنون خشبية وتشدنا فترينا من الخشب المحفور باللون الأخضر الداكن المعتق تضم عدداً من الأواني الفضية والمذهبة، والتي تشكل قطعة من المطبخ التحضيري المفتوح على الصالة. ثم تأخذنا اقدامنا إلى مدخل مكسو بالحجر يؤدي إلى غرفة صغيرة هي بمثابة صالة استقبال لمكتب صاحبة المنزل، هنا يظهر الطراز العصري المتمثل في الجلسة المكسوة بالجلد، إلا أن المكان لم يخل من النمط الكلاسيكي والتفاصيل الشرقية التي كسرت جمود الطراز الحديث، وذلك بالكوشنات التي أثرت المكان والمفارش المستلقية بنعومة على طرف الكرسي، إلى جانب عدد من اللوحات التي سجل على صفحاتها مرحلة زمنية ظلت محفوظة في ذاكرة التاريخ. ومن هذه الزاوية التي يمتزج فيها القديم بالحديث، نقتحم أجواء مكتب د. حصة الذي تقضي فيه جل وقتها في إجراء البحوث والدراسات، نستشف من خلال ديكوره مدى اهتمام صاحبته بالتفاصيل الدقيقة التي نجدها مجسدة في هذا المكان، بدءاً بخلفية المكتب وهو عبارة عن قطعة رخامية تحاكي قاع البحر، إلى جانب اللون الخردلي الذي كسي به جانب من الجدران ليلتقي مع الحجر الذي كان متواجدا وبقوة في جدران المكتب، وأعمدة من الخشب شكل بها سقف المكان، فيما تميز الاثاث المكتبي ببساطته وتناسقه مع المكان. وتبقى التحف ايضا حاضرة في هذا المكان. هدية لمنزلي نتيجة اهتمامها بالثقافات الأخرى التي نراها مجسدة بين ثنايا منزلها، والذي يضم الكثير من المقتنيات التي جلبتها خلال أسفارها، تقول د. حصة: تشدني مقتنيات الشعوب والحضارات القديمة التي مازالت تنبض بالحياة في كثير من الدول كحضارة الهنود الحمر في أمريكا، وتحف من سور الصين العظيم إلى جانب مفاهيم من الثقافة الإفريقية التي نراها مجسدة بالاخشاب المصقولة، وأيضا الروح الهندية والتركية والكثير من الحرف اليدوية التي تجسد ثقافة هذه الشعوب فلا أعود إلى الوطن دون أن أحمل هدية لبيتي، واقتني أحد هذه التحف التي تثري المكان. وتضيف د. حصة احترم الشعوب والبلدان التي تزخر بالفنون اليدوية المتأصلة بأعماقها، والتي تعبر عن طبيعة حياتهم، وما تضم بيئتهم من خامات قاموا بتقديمها للزوار بشكل مميز وفريد. ومن بين التحف القابعة في تجويف الجدار قوارير ملونة جلبت من المغرب حيث بينت أن هذه القوارير أساسا قوارير عطور فارغة، لا ترمى وإنما يعاد بيعها بعد تزيينها وتطعيمها ببعض الأحجار، وتحويلها لتحفة فنية غاية في الجمال، ممكن أن تركن بهدوء في أحد أرفف المنزل فتضفي أبعاد جمالية رائعة. ونجد قلادة تتدلى منها بعض الأحجار وقد جلبت من التبت. هناك الكثير من المقتنيات واللوحات والانتيكات القديمة التراثية التي اتخذت مكانها في زوايا المكان، التي تجسد روح الصناعة اليدوية.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©