الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العقوبات الأميركية على فنزويلا.. تأثير محدود

5 أغسطس 2014 23:15
على الرغم من مشاعر الحماس التي خلّفها الإعلان عن فرض قيود التأشيرة الأميركية على مسؤولين فنزويليين كبار مرتبطين بانتهاكات لحقوق الإنسان بين الكثيرين في فنزويلا وميامي، فإنني لست واثقاً جداً من أن هذه التدابير سيكون لها تأثير كبير. وقبل أن أبين لماذا، أودُّ أولاً أن أوضح أنني لا أصدق المزاعم الفنزويلية التي تقول إن العقوبات التي تستهدف أفراداً لهم علاقة بقمع المحتجين تمثل تدخلاً في شؤون فنزويلا الداخلية؛ ذلك أن أي بلد لديه الحق الشرعي في اختيار الأشخاص الذين يريد يمنحهم تأشيرة الدخول لأراضيه. ثم إن الأمر لا يتعلق بعقوبات اقتصادية ضد فنزويلا، وإنما ضد نحو عشرين مسؤولاً سيُحرمون من قضاء عطلتهم في «ديزني وورلد». ووفق مسؤولين أميركيين، فإن قائمة المسؤولين الفنزويليين الذين لم يتم الكشف عن أسمائهم تشمل وزراء في الحكومة ومستشارين رئاسيين وقضاة كانت لهم علاقة بقمع احتجاجات الطلبة في وقت سابق من هذا العام. وكانت تلك الاحتجاجات قد خلفت مقتل 43 شخصاً على الأقل، و50 حالة موثقة للتعذيب، وأكثر من ألفي حالة اعتقال غير قانوني، وفق منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومجموعات حقوقية أخرى. ولكن ثمة عدداً من الأسباب التي تفسر لماذا أخشى أن تكون هذه العقوبات جد محتشمة وجد فضفاضة حتى تكون فعالة. فأولاً، هذه العقوبات لا تشمل الممتلكات المالية للمسؤولين المستهدَفين؛ والحال أنها ينبغي أن تسعى لتجميد ممتلكات المسؤولين الفنزويليين والمقربين من الحكومة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وكشف الثروات التي راكموها منذ صعود الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز إلى السلطة قبل 14 عاماً. غير أنه يمكن تجريب هذه العقوبات. وفي هذا الإطار، يُشار إلى أن إدارة أوباما كانت قد فرضت في مارس الماضي حظر سفر وعقوبات مالية ضد 11 مسؤول ورجل أعمال روسياً متورطين في ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. كما أن ثمة مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأميركي يدعمه «بوب ميندينيز» السيناتور «الديمقراطي» عن نيوجرسي، وماركو روبيو السيناتور «الجمهوري» عن فلوريدا، قد يصوت عليه المجلس هذا الأسبوع، ويدعو إلى تجميد ودائع المسؤولين الفنزويليين في الولايات المتحدة، المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، ويشمل ذلك حسابات مصرفية أميركية، وأسهماً أميركية تملكها مصارف أميركية وأجنبية، وعقارات أميركية؛ ذلك أن هناك عدة حالات معروفة لمليونيرات يمتلكون منازل وقصوراً في فلوريدا، بعضهم أشير إليه بالاسم في كتاب «كاستو أوكاندو» المعنون بـ«أنصار التشافيزية في الامبراطورية الأميركية». وينبغي تعقب ممتلكات منتهكين فنزويليين آخرين لحقوق الإنسان من قبل وزارتي العدل والخزينة الأميركيتين من خلال اتفاقيات تبادل المساعدة مع دول أخرى. ووفق نشطاء لحقوق الإنسان، فإن العقوبات المالية تُعتبر أكثر فعالية من حظر السفر، لأنها تكون محرِجة عادة. ومثلما تطلّب الأمر الكشف عن العشرات من حسابات الديكتاتور الشيلي السابق «أوجوستو بينوشيه» المصرفية في الخارج لإقناع العديد من مؤيديه في شيلي بأنه رجل شرير، فلا شيء يمكن أن يكون أكثر إحراجاً لمليونيرات فنزويلا الذين يسمون أنفسهم ثوريين من فضح ودائعهم المصرفية المخبأة أو منازلهم الفخمة في الخارج، كما يقولون. والسبب الثاني الذي يجعلني متشككاً في أن يكون لحظر السفر في حد ذاته تأثير كبير هو أنه لم يتم الكشف عن أسماء المسؤولين المستهدَفين. فقد أخبرني مسؤول أميركي رفيع بأنه وفق قوانين الهجرة الأميركية التي استُعملت لإصدار حظر السفر على المسؤولين الفنزويليين، فإنه لا يمكن الكشف عن أسمائهم؛ غير أنه عندما أعلنت إدارة أوباما إلغاء تأشيرة مسؤولين روس على خلفية أزمة شبه جزيرة القرم، فإنها أشارت إلى المسؤولين الروس المستهدَفين بالعقوبات بالاسم. أما السبب الثالث الذي يجعلني أتساءل بشأن قيود السفر الأميركية ضد مسؤولين فنزويليين، فهو أنها ستمنح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو – في غياب الكشف عن ملايين الدولارات المودعة في حسابات مصرفية أجنبية – ذريعة لـ«تدويل» الأزمة الفنزويلية، وهو بالضبط ما يريده؛ حيث سيسمح ذلك لمادورو بتحويل اهتمام الأزمة الفنزويلية من نزاع داخلي بين نظام منتخَب بطريقة مشكوك فيها والمعارضة، إلى نزاع دولي بين بلد أميركي لاتيني محق على ما يفترض و«الامبراطورية» الأميركية. والحال أن النظام الفنزويلي يسعى دائماً إلى تصوير نفسه كضحية، جزئياً من أجل تبرير حقيقة أنه تسبب في إفلاس فنزويلا رغم استفادته من أكبر ارتفاع في أسعار النفط في تاريخ فنزويلا. وشخصياً، أعتقد أن العقوبات التي تستهدف منتهكين لحقوق الإنسان بعينهم، من قبيل حرمانهم من تأشيرات السفر، تمثل وسيلة مشروعة تماماً لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان، وقد تكون خطوة تأخرت كثيراً وطال انتظارها في حالة فنزويلا. ولكن السؤال الكبير هو ما إن كانت قيود السفر ضد مسؤولين مجهولين من دون الكشف عن حسابات هؤلاء المسؤولين المصرفية في الخارج سيكون لها تأثير كاف لمواجهة حملة «مادورو» الدعائية التي تصوّره كضحية لـ«الامبراطورية» الأميركية. بيد أنه طالما أن هذه العقوبات تضر المسؤولين الفنزويليين المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان فقط، وليس الشعب الفنزويلي، فعلى واشنطن أن تتابع الطريق إلى آخره - وتكشف عن ممتلكات هؤلاء المسؤولين في الخارج، وممتلكات رؤسائهم الصوريّين. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©