الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بعد تسونامي... شركات اليابان تتوسع في الخارج

18 يوليو 2011 22:26
شيكو هارلان طوكيو بعد اقتناعهم بصعوبة مواصلة النمو بوتيرة مرتفعة في ظل اقتصاد يعاني من الانكماش وتداعيات كارثة الزلزال التي ضربت البلد، تسعى الشركات اليابانية إلى توسيع أنشطتها في الخارج واستثمار مليارات الدولارات خارج الحدود. لكن هذا التوجه نحو الاستثمار الخارجي غير المألوف بالنسبة للشركات اليابانية أطلق جملة من ردود الفعل المتناقضة بعد تعبير بعض المسؤولين الحكوميين عن تخوفهم من تأثير الاستثمارات الخارجية على الداخل وتحوير الشركات اليابانية لمواردها إلى أماكن بعيدة عن مصلحة البلد. ومع ذلك يشكل هذا التوجه الياباني للاستثمار فيما وراء البحار تأكيداً على رغبة البلاد في تجاوز سمعتها المتوارثة من أنها بلد منعزل يتبنى ثقافة خاصة في إدارة الشركات تختلف عما هو متداول في الغرب، بحيث تأتي هذه الخطوة لتخلخل الصورة النمطية حول اليابان وتثبت رغبتها في تغيير أسلوبها لضمان النمو الاقتصادي وتحقيق الرفاه لمواطنيها، ولعل ما سرع من وتيرة التغيير وكرس الحاجة إليها في أذهان الشركات اليابانية كارثة الزلزال التي ضربت البلاد في 11 مارس الماضي بحيث أعطت زخماً لتوجه كان بدأ منذ فترة كما حفز اليابانيين على مواجهة مشاكلهم الاجتماعية غير المطروقة بشجاعة مثل الهجرة من الأرياف إلى المدن وتراجع السكان، وضرورة مواكبة التطورات الاقتصادية الجارية حول العالم. وإذا كان المسعى الياباني في الاستحواذ على شركات عالمية، أو الدخول في شراكات مربحة مع أخرى ناجحة على الصعيد الدولي ليس جديداً، إلا أن المنحى تسارع أكثر بعد كارثة الزلزال وما أعقبه من تسونامي اجتاح السواحل اليابانية وألحق الدمار بالعديد من المصانع والوحدات الإنتاجية، هذا بالإضافة إلى الانشغالات التي تصاعدت في الفترة الأخيرة مثل انكماش السوق الداخلي وتراجع الاستهلاك مصحوباً بنقص في إمدادات الطاقة وما كشفته الكارثة من هشاشة خطوط الإمدادات. ويضاف إلى كل ذلك ارتفاع قيمة العملة اليابانية التي تتيح للشركات إمكانية التوسع خارجياً بالنظر إلى وفرة السيولة، فبعد فترة من إعادة الهيكلة أجرتها الشركات اليابانية في المرحلة الماضية تمكنت هذه الأخيرة من ادخار أموال طائلة وتوفير رأس المال الذي تريد اليوم استثماره في الخارج، فقد أنفقت الشركات اليابانية خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري حوالي 5.94 مليار دولار في عمليات اندماج مع شركات عالمية، أو استحواذ أخرى في الخارج، وهو ما يشكل ارتفاعاً بنسبة 79 في المئة مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية؛ هذا التوسع الذي تنخرط فيه الشركات اليابانية لا يقتصر على قطاع دون آخر، بل يمتد من صناعة الخمور إلى إنتاج مستحضرات التجميل والمعدات التكنولوجية، وفيما تنضم شركات جديدة إلى موجة الاستثمار العالمي، تدخل أخرى أكثر حضوراً في السوق لتوسيع أنشطتها، لكن بالنسبة للعديد من المراقبين يطرح توسع اليابان عالمياً تحدياً كبيراً لما يستدعيه ذلك من ضرورة إعادة النظر في سياسات التوظيف ومعالجة العائق اللغوي، وهي عناصر تجعل الاستثمار الأجنبي في اليابان بالغ الصعوبة. وفي هذا السياق يقول "كنيث ليبورن"، المحامي بإحدى الشركات الأجنبية العاملة في اليابان "إنها المرة الأولى التي أرى فيها شركات يابانية توظف مدراء من الخارج وتمنحهم ما يكفي من السلطات للعمل". وكمثال على توجه الشركات اليابانية إلى الخارج اعتبرت مجموعة "جي إس" الرائدة في صناعة الأدوات المنزلية أن سيطرتها على السوق الداخلية لم تعد كافية، حيث أصدرت الشركة قبل شهرين رؤيتها للخمس سنوات المقبلة كشفت فيها انخفاضاً متوقعاً للطلب الداخلي على منتجاتها بعد 2015، وهو ما يحتم عليها البحث عن الأسواق البديلة في الخارج. لكن هذا التوجه سيتطلب تغييراً جوهرياً في طريقة عمل الشركات اليابانية، وفي هذا الصدد قامت الشركة كخطوة أولى بإدماج خمسة من أفرعها الناجحة تحت اسم تجاري موحد أطلقت عليه "ليكسيل"، ليحقق في السنة الأخيرة أرباحاً داخلية وصلت إلى 12 مليار دولار فيما لم تتجاوز في الخارج 400 مليون دولار، ولتغيير هذا الوضع وتعزيز حضورها في الأسواق العالمية استقطبت الشركة رئيساً جديداً هو "يوشيكاي فوجيموري" الذي ترأس في السابق الفرع الياباني لشركة "جنرال إليكتريك"، واليوم تسعى المجموعة إلى اختراق السوق الهندية والصينية والوصول إلى بلدان جنوب آسيا على أمل رفع حجم معاملاتها الخارجية إلى 10 مليارات دولار بحلول العام 2016. ومع أن المجموعة استحوذت في العامين الماضيين على شركتين في مجال تخصصها، إلا أنها تسعى إلى تحقيق المزيد من عمليات الشراء، بل طالب ألف من مهندسيها بدراسة أسواق البلدان الناشئة ووضع تصاميم للمنتجات المحببة لديها، لا سيما في الصين حيث تمتلك المجموعة ثلاثة محلات كبرى لعرض صناعتها، ورغم خسارة المجموعة لسبعة من مصانعها بسبب الزلزال، إلا أنها حافظت على فروعها في الخارج، واللافت في الحالة اليابانية أن كارثة الزلزال لم تثبط من عزيمتها، بل حفزتها لاستكمال الصفقات والتعجيل بإجراء خطط التطوير لشركاتها، لا سيما بعد إدراكها عدم قدرة السوق الداخلية على تحقيق الأرباح الكفيلة بتعزيز النمو وضمان الرفاه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©