قانا (لبنان)- د ب أ: ساد صمت خفي شوارع بلدة قانا اللبنانية في الوقت الذي يستعد فيه العدد القليل المتبقي من سكانها لعملية دفن واسعة لنحو 56 مدنياً من بينهم 30 طفلاً قتلوا قبل يوم في غارة إسرائيلية دموية· وأصبحت الشوارع في ''القرية التعيسة'' شبه خالية· ومازال عمال الإغاثة اللبنانيون الذين يحملون رموز الصليب الأحمر يحفرون وسط الركام أملا في إيجاد مزيد من الجثث·
وقال متطوع من الصليب الأحمر تبدو عليه علامات الحزن: ''لقد أبلغونا أن مزيداً من الأشخاص مازالوا تحت الأنقاض ونعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الجثث''·
وأضاف بصوت مختنق ''لم أتمكن من النوم الليلة الماضية لقد تذكرت فقط كيف كنت أرفع الأطفال الصغار من تحت الأنقاض وأحمل جثثهم بين ذراعي''·
واتشح معظم الأشخاص القليلين الذين مازالوا في قانا بالسواد وحاولوا ترتيب مواقع دفن للقتلى في الأيام المقبلة·
وقال إبراهيم شالوب وهو أحد أقرباء الضحايا: ''قررنا دفن الضحايا في المقبرة الجماعية حيث دفن ضحايا أول مجزرة''·
ويقول أقارب الضحايا: إن مقاتلي ''حزب الله'' غادروا قانا والبلدات اللبنانية عند بدء الاعتداءات في 12 يوليو الماضي عندما أسر مسلحون لبنانيون جنديين إسرائيليين وقتلوا ثمانية آخرين في عملية عبر الحدود·
وأضافوا أن أفراد أسرة شالوب وأسرة هاشم الذين دفنوا تحت الإنقاض لم يستطيعوا الفرار إلى بيروت حيث إن سيارات الاجرة تطالب بألف دولار مقابل الرحلة إلى العاصمة· بالإضافة إلى ذلك تتعرض الطرق من البلدات اللبنانية الجنوبية إلى الشمال لقصف مستمر بنيران الطائرات الاسرائيلية·
وصاح أحد أقرباء الضحايا ''في المنزل لسنا آمنين وفي الطريق لسنا آمنين·
إلى أين نذهب ؟''·
ويعيد الهجوم إلى الاذهان ذكرى الهجوم الإسرائيلي على مركز إيواء تابع للأمم المتحدة في قانا في إبريل عام 1996 وراح ضحيته 109 مدنيين لبنانيين معظمهم من النساء والأطفال خلال عملية تعرف باسم ''عناقيد الغضب''·
ويقول محللون: إن ''مذبحة قانا الثانية'' ربما تكون الحدث الذي سيوقف الهجوم الإسرائيلي على لبنان مثلما أنهت المذبحة الثانية التي حدثت قبل عشرة أعوام العمليات العسكرية الاسرائيلية ضد لبنان·
وقال المحلل جورج الديب: ''آمل أن تؤدي دماء هؤلاء الأطفال الأبرياء لحدوث معجزة في قانا مثل إيقاف تلك الحرب البشعة''·
وصاح محمد شالوب الذي فقد جميع أفراد أسرته في أحدث مجزرة حدثت في قانا ''آمل أن يقوم شخص ما بمعجزة لإنهاء حمام الدم في لبنان وإنقاذ الأطفال الذين يموتون''·
وتابع الاب الحزين ''آمل أن ينقذ دم أطفالي وزوجتي أطفال فقراء لبنانيين أبرياء آخرين'' مضيفاً ''لكن المعجزات نادرة في تلك الأيام''·
عدد اليوم
