الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سرطان الثدي.. قصص ملهمة لـ"محاربات بروح وردية"

سرطان الثدي.. قصص ملهمة لـ"محاربات بروح وردية"
5 أكتوبر 2018 00:46

لكبيرة التونسي (أبوظبي)

أكتوبر شهر التوعية بشأن سرطان الثدي، حيث تواصل المؤسسات والمستشفيات والجمعيات إطلاق المبادرات التوعوية كل عام، وتبتكر العديد من الجهات أفكارا إبداعية للتشجيع على الكشف المبكر عن سرطان الثدي، هذا المرض الذي يعد الأكثر شيوعا بين صفوف النساء، ناهيك عن القيام بحملات لسرد تجارب النساء اللواتي خضن التجربة وواجهن المرض بشجاعة وانتصرن عليه.

«محاربات بروح وردية»
في هذا السياق، اختارت فورد التي تعمل بالشراكة مع مستشفى زليخة لتقديم صور الثدي الشعاعية والاستشارات الطبية مجاناً للمسجلات لدى المستشفى خلال شهر أكتوبر، مبادرة، بدأت عام 2015، استفادت من برامجها حتى الآن أكثر من 3600 امرأة، عرضن قصص «قدوات الشجاعة» للمساعدة في تعزيز أهمية الكشف المبكر لهزيمة المرض بنجاح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما تحتفل حملة فورد بعنوان «محاربات بروح وردية» للتوعية بشأن سرطان الثدي، بعامها الثامن في المنطقة، بعدما عملت على مرّ الأعوام مع أكثر من 130 «قدوة شجاعة» من الناجيات من المرض والمستعدّات للمساهمة في تمكين وتحفيز مَن يحاربن سرطان الثدي حالياً، حيث تشارك خمس ناجيات تجربتهن في تحدي السرطان وكيف غيرن حياتهن، ويعرضن قصصهن الملهمة ضمن سلسلة من تسجيلات الفيديو المحفّزة التي تطلع المشاهد على تحديات مواجهة السرطان، وتفاصيل الحياة التي تعيشها كلّ من الناجيات الآن بعد تخطيهن سرطان الثدي، الذي أصبح يصيب واحدة من كل خمس نساء في الإمارات، وفق هيئة الصحة في أبوظبي، ليكون أكثر أنواع السرطان انتشاراً بين النساء في البلاد، وينطبق الأمر عينه في كافة أرجاء الشرق الأوسط.

صبر وإرادة
ومن الملهمات بمبادرة فورد «محاربات بروح وردية» تؤكد غدير كونا، الناجية من سرطان الثدي في المرحلة الثالثة، أن العزيمة والإرادة والتحلي بالصبر هو إحدى الدعائم الأساسية للنجاة من سرطان الثدي، موضحة أنها لا تنكر أنها مرت بحالات من الإحباط، لكن في كل لحظة كانت تقاوم وتنهض من جديد للاستمرار في الحياة. وتقال كونا البالغة من العمر 49 عاماً، عن تجربتها مع سرطان الثدي: «بدأت محنتي عندما كنت في سن الـ 29 عاماً، وكان الأمر جنونياً آنذاك، كنت أعيش في كاليفورنيا قرب بيركلي وكنت أهوى الأطعمة العضوية قبل أن تشتهر وتصبح على لسان الجميع، كما كنت نحيفة ونشيطة جداً، وليس في تاريخ عائلتي إصابة بسرطان الثدي، وبالتالي لم يكن لدي سبب يدفعني للشك في أي أمر من هذا القبيل آنذاك، وفي أواخر تسعينيات القرن العشرين، لم يكن الناس يتحدّثون كثيراً عن سرطان الثدي، كان يبدو كأمر نادرا جداً ولا يصيب إلاّ البعض، وحتماً لن يصيب امرأة تتبضّع من سوق المزارعين وتمارس التمارين الرياضية خمس مرات في الأسبوع، ولا تدخّن ولا تشرب الكحول وما زالت في ريعان شبابها.
وتضيف كونا: «أتذكّر اللحظة التي خرجت فيها لإجراء تمارين الركض الصباحية المعتادة، ثم لاحظت أمراً مريباً بالثدي، كان هناك نتوء لم يكن موجودا في الليلة السابقة، وأدركت أنّ هناك خطباً ما، شعرت أنّ الزمن توقف تماماً، لا أدري كيف أشرح تلك اللحظات القليلة الأولى، كان طبيب الصحة العامة صديقاً عزيزاً، وقد باشر الفحص واكتشف كتلا متعددة في كلا الثديين، فقام بفحص الثدي بالأشعة واستئصال نسيج من الكتلة، واتّضح أنّ الكتلة حميدة ولكنني ظللت أشعر بأنّ هناك خطباً ما فاعتمدنا التصوير الشعاعي للثدي، واستمرت الحالة حتى عام 2006، حين أتيت إلى الإمارات، وفي عام 2010 لاحظت أن الأمور بدأت تتغيّر فجأةً، وقالت لي الطبيبة إنّ طفرة حدثت في الخلايا وإنها لا تعرف السبب، ولم يكن أمامي سوى استئصال هذه الكتل، ولكن ظلت هذه التغيرات قائمة، وفي يونيو 2012، اتّخذت الأمور منحىً نحو الأسوأ بسبب نزف كثيف تعرضت له، فقمت بإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي السنوي للمراقبة الدقيقة، وما زالت الحرب مستمرة ضد هذا المرض القاتل».

صدمة وأمل
وتابعت كونا حديثها عن تجربتها الصعبة، قائلة: «بعد ذلك قيل لي إنني مصابة بشكل عدوانيّ من أشكال سرطان الثدي، الذي كان قد انتشر بالعقدة الليمفاوية اليمنى، وكان يجب البدء بالعلاج الكيماوي فوراً، وشعرت بصدمة شديدة، وبعد أن أطلعوني على مرضي بدأت جلسات العلاج، وكان علي أن أنجو وأكافح، رغم الألم الذي أعاني منه، حيث قررت أن لا أدع السرطان يهزمني، وكانت الأيام الثلاثة الأولى التالية لجلسة العلاج الكيماوي هي الأسوأ، حيث كنت واهنة وعاجزة عن الذهاب إلى العمل، وكنت أتعرض لفقدان الوعي، ولكن كان علي مواصلة النضال، واخترت إجراء استئصال كلا الثديين لأن الثدي الأيسر بدأ تظهر عليه نفس العلامات التي أصابت الثدي الأيمن، واستجاب جسمي للعلاج الكيماوي جيداً ونجحت العملية الجراحية، ونجوت بحياتي.

كفاح إيجابي
وشددت كونا على أهمية التحلي بالإيجابية للنجاة، والترفع عن الصغائر، موضحة: «إذا راجعتم الإحصاءات فسترون أنّ العديد من السيدات المصابات يصبن بانتكاسة لأسباب نفسية، خاصة أن هذا المرض يتطلّب الكفاح الإيجابي طوال الوقت، لأنه من الصعب هزيمته، وأنا الآن في مرحلة الهَدأة من السرطان منذ خمسة أعوام، وأشعر بالامتنان لأنني خضعت لهذا الاختبار، فالسرطان جعلني أدرك أن القوة الداخلية هي أفضل مصدر للطاقة والثقة والإرادة».

تجاوز خط النهاية
من جهتها، قالت رندة مشتهي (46 عاماً)، التي تشارك أيضا بقصتها الملهمة بمبادرة «محاربات بروح وردية»، وهي ناجية من سرطان الثدي في المرحلة الأولى، وتعمل مديرة محتوى في موقع AlMentor.net الأردني، عن تجربتها: «كنت في الأربعين من عمري حين ظهرت الأعراض الأولى، وطُلب مني إجراء التصوير الشعاعي الذي كشف عن وجود كتلة، ولكن الأطبّاء أكّدوا أنها حميدة، وهكذا بدأت رحلتي مع السرطان.
ففي أبريل 2014، رأيت كتلة واضحة ناتئة من الثدي ظهرت بين ليلة وضحاها، فقصدت الطبيب في اليوم التالي فأرسلني لإجراء التصوير الشعاعي للثدي، فأكّدت اختصاصية التصوير بالأشعة أنّ النتيجة لا تبدو جيدة، ولكن الطبيب أخبرني أنه ليس ورماً سرطانياً، لكنه أجرى الشفط على المنطقة الخاطئة، أردت حقاً أن أصدق أنني بخير وأنّ الطبيب محق، فحاولت أن أطرد الفكرة من ذهني، بعد خمسة أشهر، كنت أشعر أنّ الكتلة ما زالت تنمو، عدت للطبيب، فتمّ التأكيد من الشكوك التي ساورتني هذه المرة، عندما سمعت أنني مصابة بالسرطان للمرة الأولى، شعرت بنوع من الارتياح، أجل، لم أعد أشكّك في الأمر ولم أعد مضطرة إلى الاستغراق في التفكير والتساؤل، ولكن ذاك الارتياح دام دقيقة واحدة فقط وفجأة، باغتتني الصدمة كعاصفة قاتلة، وتساءلت ما التالي؟ ماذا عن أولادي؟ ماذا عن عائلتي؟ ماذا سيحدث؟ بدأت الأسئلة تتدافع إلى ذهني واستبدّ القلق بي، فقد كانت اللحظة التي فقدت فيها السيطرة على ذاتي، فقد تغيّرت حياتي، وبدأ الطبيب يعدّد الإجراءات التي علي الخضوع إليها، لكنني كنت شاردة، فالأمر كان جنونياً، لكني بدأت العلاج بدعم الأهل والأصدقاء، ودخلت المستشفى للخضوع إلى استئصال الثدي، إنه لشعور غريب أن يفقد المرء جزءاً مهماً من جسده، من نفسه، كيف سيكون شعوري الذي تغيّر إلى الأبد؟، فكان من الصعب علي أن أتقبّل فقدان قطعة تحدّد أنوثتي، روحياً وجسدياً، أظن أننا نودّ الاعتقاد بأنّ الجراحة التجميلية ستصلح كل شيء، لقد ساعدتني ولكن ليس بالقدر الذي يتصوّره الناس، ورغم أنّ العلاج الكيماوي أرهقني وإلا أنه لم يؤثّر في شعلة الأمل بداخلي، حتى غادر السرطان جسدي.

قوة خفية
وأكدت رندة أن تجربتها مع السرطان غيّرت حياتها، ودفعتها للقوة والإيجابية، كما وطدت التجربة علاقتها بأسرتها قائلة: «غالباً ما ننهض ونُظهر قوة خفية في الظروف التي لا يكون لدينا خيار فيها سوى النضال ومواصلة التقدّم، وعلي الإقرار بأنني استمددت الكثير من القوة من والدَي وأقاربي، وزوجي، وابني، وابنتَي الجميلتين، كما وطّدت التجربة علاقتنا جميعاً معاً، ومع أنّ السرطان سلبني أموراً مثل صحتي، إلا أنه كان عاجزاً أمام أهم أمور حياتي، وهي عائلتي وقوّتي وروحي الجامحة واندفاعي، حتى استطعت مواجهة السرطان، والآن أشعر بالشغف حيال أمور كثيرة، ولا أرى شيئا يمكنه اعتراض سبيلي».
وأضافت رندة التي تشارك في مبادرة «فورد» للتوعية بسرطان الثدي، أنها تعمل حاليا لتقديم رسائل إيجابية للمريضات والحث على الكشف المبكر، وزيادة الوعي بهذا المرض.

تكثيف جهود التوعية
حول شهر أكتوبر الوردي، قالت الدكتورة سوسن الماضي، المدير العام لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، رئيس اللجنة الطبية والتوعوية في مسيرة فرسان القافلة الوردية لابد من وقفة مع هذا المرض الذي يصيب سنوياً حوالي 1.1 مليون امرأة، وإلقاء نظرة فاحصة على الجهود المبذولة محلياً وإقليمياً ودولياً لتعزيز الوعي بالمرض وبأهمية الكشف المبكر عنه، لا سيما وأنه يمكن علاجه في حال تم التعامل معه بجدية وبوعي متكامل».
وأضافت الماضي، أننا درجنا في القافلة الوردية خلال شهر أكتوبر الوردي من كل عام، على تنظيم سلسلة من الفعاليات والبرامج التوعية التي تلقي مزيدا من الضوء على سرطان الثدي، من حيث عوامل الخطورة، والحد من معدلات انتشاره، فضلاً عن إبراز الدور الكبير الذي يلعبه الدعم المعنوي من قبل أفراد الأسرة وكل المحيطين بمرضى السرطان في الاستجابة للعلاج والتخفيف من حدة وطأة المرض.
وعن برنامج القافلة الوردية لشهر التوعية بسرطان الثدي، أكدت المدير العام لجمعية أصدقاء مرضى السرطان، رئيس اللجنة الطبية والتوعوية في مسيرة فرسان القافلة الوردية، على أن البرنامج يتضمن العديد من الفعاليات من بينها ورش توعوية، وحملات للتبرع، فضلاً عن توفير الفحوصات الطبية المجانية لكل فئات المجتمع رجالاً ونساءً، ولفتت الماضي إلى أن هذا البرنامج يأتي بالتعاون مع عدد من شركاء القافلة الوردية في القطاعين الحكومي والخاص.

العلاج الذكي
عندما تصاب أي سيدة بسرطان الثدي فإن أول ما تفكر به، هو ذلك الاحتراق الداخلي الناجم عن العلاج بالكيماوي، إلا أن هناك باحثين يحملون خبرا مفرحا للمريضات، حيث أكدت دراسة بريطانية أن نحو 70 في المائة من السيدات اللاتي يعانين من أكثر أشكال مرض سرطان الثدي شيوعا بإمكانهن تجنب «عذاب العلاج الكيماوي»، وهو ما يعني أن السيدات يمكن علاجهن بأمان باستخدام التدخل الجراحي والعلاج الهرموني فقط، وتأكيدا على ذلك أكدت الدكتورة ديما عبد الجبار استشارية أورام بمستشفى الزهراء بدبي، أهمية الكشف المبكر، مشيرة إلى أن سرطان الثدي لم يعد ذلك المرض المخيف خاصة إذا تم الكشف عنه وباشرت المريضة العلاج في وقت مبكر لتجنب المضاعفات، وتوضح أن مريضة سرطان الثدي تعيش حياة طبيعية، لاسيما إذا كانت قوية وإيجابية، وتناولت الأدوية بشكل صحيح، وبالنسبة لجديد العلاج، قالت ديما إن العلاج يتطور من عام لآخر في اتجاه التخلي عن الكيماوي أو تقليصه وتعويضه بالعلاج الذكي أو الموجه، وذلك حسب كل حالة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©