الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تهريب السلاح... معضلة أميركية -مكسيكية

12 أكتوبر 2010 21:23
تواجه المساعي المبذولة حالياً لوقف تهريب الأسلحة الأميركية إلى عصابات المخدرات في المكسيك عراقيل عديدة مرتبطة بالصراعات البيروقراطية ونقص التدريب، بالإضافة إلى التأخر في تسليم برنامج إلكتروني إلى المكسيك يساعد في تعقب مصدر الأسلحة الأميركية، وذلك حسب ما أفاد به مسؤولون في الولايات المتحدة والمكسيك، فعلى مدار السنوات الأربع الأخيرة أطلعت المكسيك السلطات الأميركية على معلومات تؤكد مصادرتها لأكثر من 74 ألف قطعة سلاح تم تهريبها إلى المدن المكسيكية، لكن أغلب تلك المعطيات تبقى منقوصة وتفتقد للأدلة التي تتيح لسلطات الأمن في الولايات المتحدة ملاحقة المتهمين الذين يزودون المافيات المكسيكية بمخزونها الهائل من الأسلحة التي تزرع الفوضى والعنف في المدن المكسيكية. ووفقاً للخبراء الأميركيين الذين يعملون في العاصمة المكسيكية لم يستطع الادعاء العام بناء قضية واحدة ضد تهريب الأسلحة ما يدل في نظرهم على نقص المعلومات المرتبطة بقضايا التهريب وصعوبة تعامل القضاء معها في هذه الحالة. وكان الرئيس المكسيكي قد دعا الولايات المتحدة في خطاب ألقاه في الكونجرس الأميركي إلى إعادة فرض الحظر على البنادق الهجومية التي يفضلها أفراد العصابات في المكسيك، بالإضافة إلى العمل أكثر لوقف تدفق الأسلحة جنوباً والتي غالباً ما تُشترى علناً في محلات بيع الأسلحة المنتشرة على نطاق واسع في جميع الولايات المتحدة تقريباً، فضلاً عن المعارض المفتوحة أمام الجميع، وفي تصريح أدلى به المدعي العام المكسيكي "أرتورو شافيو" يوم الثلاثاء الماضي أمام السفير الأميركي "كارلوس باسكوال" قال "إن المكسيك تواجه حرباً غير مسبوقة ضد مهربي الأسلحة ومبيضي الأموال وأفراد الجريمة المنظمة، لكن علينا أن نحارب هؤلاء المجرمين معاً، إذ رغم بعض النجاحات التي تحققت في هذا المجال، علينا القيام بالمزيد من الجهد". وخلافاً للولايات المتحدة التي يستطيع فيها الفرد امتلاك السلاح الشخصي بسهولة تفرض المكسيك مجموعة من التشريعات التي تعتبر الأكثر صرامة في العالم فيما يتعلق بحمل السلاح، يدلل على ذلك أنه في جميع أنحاء البلاد لا يوجد سوى محل واحد لبيع الأسلحة الشخصية يديره الجيش. ورغم كل الإجراءات القانونية الصارمة لمنع تداول الأسلحة تغص المكسيك بالأسلحة بدءاً من المسدسات الصغيرة وليس انتهاء بالبنادق الكبيرة القادرة على إسقاط المروحيات، وهي الأسلحة التي تباع بشكل قانوني في الولايات المتحدة ويمكن الحصول عليها بسهولة. هذا الانتشار الواسع للأسلحة في المكسيك أدى خلال السنوات الأربع الأخيرة إلى سقوط أكثر من 28 ألف قتيل، غير أن الولايات المتحدة وإدراكاً منها لمسؤوليتها فيما تعانيه المكسيك من انفلات أمني خطير أعلنت الحكومة قبل ثلاث سنوات عزمها على تزويد السلطات المكسيكية ببرنامج كمبيوتر متطور يطلق عليه اسم "إي تريس" أو التعقب الإلكتروني الذي يندرج ضمن برنامج أوسع للمساعدات الأميركية تصل قيمتها إلى 4.1 مليار دولار. وبخصوص هذا البرنامج المتطور يرى مكتب مكافحة المخدرات وتهريب الأسلحة الأميركي أنه الأفضل لمواجهة تهريب الأسلحة، بحيث يُدخل أفراد الأمن بيانات عن السلاح المصادر مثل تاريخ تصنيعه وطرازه ورقم التسلسل ليحصل المحقق على معلومات وافية من السلطات الأميركية مثل مكان وزمان صنع السلاح وتوقيت بيعه والشخص الذي اشتراه، غير أن البرنامج تأخر عامين قبل أن يُسلم إلى المكسيك بسبب الوقت الذي استغرقته ترجمة محتوياته وتطبيقاته إلى اللغة الإسبانية، وحتى عندما سُلم لم يستخدمه سوى عدد قليل جداً من ضباط الأمن في المكسيك. ورغم توزيع الولايات المتحدة لحواسيب نقالة على السلطات المكسيكية لم تُستخدم إلا نادراً ما اضطر عملاء مكتب محاربة المخدرات وتهريب الأسلحة الأميركي الذين يعملون في العاصمة مكسيكو إلى إدخال البيانات بأنفسهم، لكن هذا التخبط في تفعيل البرنامج دفع المفتش العام لوزارة العدل الأميركية إلى إعداد تقرير يقول فيه "إن جهود المكتب لتعقب الأسلحة باءت بالفشل". وإن كان التقرير مازال في مرحلة المسودة وخاضع للمراجعة قبل إصداره النهائي أواخر الشهر الجاري، فقد جاء فيه أيضاً أنه من بين عمليات تعقب السلاح الكثيرة لم تنجح سوى 30 في المئة منها بسبب عدم استكمال البيانات الضرورية لإتمام البحث والحصول على نتائج إيجابية، يضاف إلى ذلك أن السلطات المكسيكية لا تعتبر التعاون مع المكتب الأميركي لمكافحة المخدرات وتهريب الأسلحة يفيدها في شيء مادامت البيانات كلها تستفيد منها الولايات المتحدة في تعقب المجرمين لديها، هذه الانتقادات التي وجهها المفتش العام لوزارة العدل نفاها نائب مدير مكتب مكافحة المخدرات وتهريب الأسلحة واصفاً التقرير بأنه "أولي"، ومشيراً في الوقت نفسه إلى الصعوبات المرتبطة بترجمة البرنامج إلى الإسبانية، فضلا عن عراقيل تدريب المكسيكيين، هذا وتشتكي الحكومة المكسيكية من أن 90 في المئة من الأسلحة المصادرة تأتي من الولايات المتحدة، وهو ما أكده أيضاً مدير المكتب الأميركي في شهادة أدلى بها أمام الكونجرس في العام 2009، لكن رغم هذه الأرقام تصر جماعات الضغط وشركات تصنيع الأسلحة الأميركية على رفض الاتهامات المكسيكية، معتبرة أن السلاح يأتي من بلدان أخرى قد تكون جنوب المكسيك وليس بالضرورة من المدن الأميركية. ويليام بوث - المكسيك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©