الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عبدالعزيز المسلم: التراث محور الحراك الحضاري

عبدالعزيز المسلم: التراث محور الحراك الحضاري
12 أكتوبر 2010 20:48
عبدالعزيز المسلم مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية في الشارقة، وهو عضو مؤسس لجمعية الحفاظ على التراث العمراني، يرى أن كثيراً من الجهات أصبحت تزج بكل صورة لها علاقة بالتراث ضمن فعاليات ليس لها علاقة بأصول هذا المفهوم الوطني فائق الأثر، ولا حتى بالزي المعروض ضمن الفعالية، وليس لتلك الأدوات التي تعرض ضمن تلك الفعاليات لها أي صلة بما يدور، والتراث الأهم هو مجموعة من القيم الخاصة بالثقافة الشعبية، وهي تسهم في عمليات التأديب والتهذيب، وأيضاً يمكن اعتبارها جزءاً من التعليم والمعارف الشعبية، وهي معارف عملية متوارثة. يقول المسلم إن التراث الثقافي هو المحور الأقوى في الحراك الحضاري، لكونه يعبر عن الروح الجماعية والضمير الجمعي وتتفاوت درجات الاهتمام بالتراث والتعاطي معه، باختلاف المستويات الثقافية لفئات المجتمع، لكنه يبقى القاسم المشترك بين الجميع؛ لذا فإن الاهتمام يأتي ضمن أولويات القيادات السياسية وهو المحفز الأول للانتماء والهوية الوطنية. يكمل قائلاً إن الإدارة تهتم بجمع التراث بطريقة علمية مدروسة، بعد أن تجاوزت مرحلة الجمع بشكل عشوائي قبل أن تؤسس الإدارة؛ لأن الزمن كان متسارعاً، وكان الخوف من اندثار بعض الموروث، وتلك المرحلة تتطلب السرعة في العمل، ولكن بعد تلك المرحلة سخرت الكثير من الجهود والإمكانات، من أجل ألا يتم تجاوز الكنوز التي في الصدور وفي ذاكرة أصحابها من الأدب الشعبي، ومن المصطلحات والحصول على المعلومات الدقيقة الصحيحة التي توثق المكان والإنسان وكل ما يحيط بهما. التراث حصن الثقافة تعد البيئات المختلفة في دولة الإمارات مقياساً مهماً لدراسة المجتمع بأدواته الحضارية والمعيشة، كما تشكل البيئة البحرية عالماً زاخراً شكل تاريخ الاقتصاد، وهي التي طبعت حياة ثمانين في المائة من أبناء الإمارات قبل اكتشاف النفط، وتمثل النشاطات المتعلقة بالبيئة البحرية، وما يوسع علاقته بالعالم كمصدر للإلهام والتأمل في امتداده، ولا يزال السفر التجاري وصيد السمك من أكثر روافد البنية الاقتصادية. ويكمل المسلم قائلاً: إن التراث هو المحصن والمنتج للثقافة الشعبية، وفيه تلتقي الخطوط المعرفية وتكمن قيمة التراث بحفظه وصونه، بالشكل الذي يبقيه على أصالته وحيويته بين الناس؛ ولذلك كان السابقون هم المصادر التي أفرزت مجموعة من العلاقات والصناعات والآداب الشعبية، وأيضاً الحرف والمهن المرتبطة بمختلف البيئات؛ ولذلك سعت إدارة التراث بتوثيق الموروث البحري سواء المادي أو غير المادي بطرق علمية وتقنية حديثة، حتى أصبحت تهدى لجهات توثق مثل «اليونسكو» أو راديو فرنسا الذي يقدم برامج موجهة للريف الفرنسي، حيث له معجبون مهتمون ببث الأهازيج الشعبية. أما بالنسبة للبيئة الجبلية، فقد نالت أيضاً نصيبها من البحث والتوثيق، وللبيئة الجبلية سماتها التي تبرز من خلال المناسبات، ولها خصوصية في الشعر والأهازيج وفي الثقافة التي يعكسها المجتمع الجبلي من خلال الفنون والأهازيج، وأيضاً في ما يتعلق بالبيئة الزراعية أو البدوية، وعندما تنفذ إدارة التراث فعالياتها الثقافية تجد تجاوباً إيجابياً من مختلف البيئات، حيث دائماً ما تكون هناك مساحة كبيرة للتعبير عن ذلك الموروث من عادات وتقاليد وفنون وأدب، وأيضاً تجد اهتماماً من القنوات الفضائية التي تحرص على الأصالة. يتم العمل الآن على برنامج يبرز الأماكن التراثية في الشارقة خاصة تلك الثرية بالتراث غير المادي، وخلال عقد الملتقى العلمي الذي يتناول التراث غير المادي كرائعة من الروائع تم تناول منطقة الشارقة القديمة، وهناك أيضاً مشروع السوق القديم ومشروع الخان. درب إلى الأصالة يرى محاورنا أن التراث ليس رداءً ولا خيمة ودلة قهوة، وإنما وسيلة للحفاظ على أصالة كل دولة وعلى أصالة مواطنيها، وهناك وسائل علمية تسهل اليوم عملية الحفظ، وتعد المدارس اليوم إحدى الوسائل التي من خلالها يتم نشر التراث سواء المادي أو غير المادي، بدءاً من السلوكيات إلى الألفاظ والمصطلحات والأدب والشعر الشعبي والنبطي، ويتطلب صون التراث خططاً بعيدة المدى على المستوى الاتحادي، وهو بحاجة لتفعيلة في المؤسسات التعليمية والبرامج التعليمية؛ لأن ذلك سيكون جزءاً من صون التراث الشعبي في الإمارات، وخلال الملتقى العلمي الذي دار حول الشارقة القديمة في منتصف أبريل الماضي، تمحورت معظم النقاشات حول الشارقة القديمة التي أسهمت في حفظ وصون التراث غير المادي في المنطقة. في سبيل التوثيق، قام المسلم بإصدار مجموعة من المطبوعات توثق الأزياء والزينة واللهجة المحلية وسلسلة الذاكرة الشعبية، ونشر عدد من البحوث والدراسات حول التراث الثقافي والتاريخ الشفوي في الدولة، وأكد أن التراث دائماً يأتي ضمن الأولويات الثقافية في الشارقة، وهو دائماً حاضر في أجندة الفعل الثقافي خاصة كما يقول إن إمارة الشارقة يحسب لها كأول إمارة اهتمت بالتراث العمراني من خلال مشروع إحياء الشارقة القديمة، وهي التي بدأت مبكراً في الثمانينات أعمال الجمع الميداني للمأثورات الشفهية، بشراكة فاعلة مع مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون الخليجي، باعتباره نقطة ارتباط فنية رئيسة. مخاطر الجهل بالأصل يشدد المسلم على تحري الدقة عند نقل المعلومات من خلال الدوريات والصحف والمجلات وحتى الإلكترونية منها؛ لأن بعضها كان بعيداً عن الدقة وأسهم في خلخلة بعض القيم ونتج عن تشويه، وظهرت أجناس غريبة اعتُبرت جزءاً من التراث، في محاولة من بعض الناس سواء من كتاب إماراتيين أو عرب لنقل المعلومات المتعلقة بالتراث، وبذلك يتم توثيق التناول السطحي، وذلك يشوه بشدة الحقيقة التي تترسخ في أذهان القراء ومن يتناولون تلك الكتابات، ثم يتم نقلها وإيصالها إلى الآخرين على أنها الحقيقة والأصل، وفي ذلك قلة أمانة ربما تكون غير مقصودة، ولكن تحري الدقة واجب. ويذكر أن اللهجة المحلية تعد أداة لا يمكن أن يكون لها عوض، ورغم بعض الاختلاف البسيط من إمارة إلى أخرى، نتيجة تعدد تلك البيئات التي تم ذكرها آنفاً مثل البيئة البدوية والجبلية والبحرية، إلا أنها تبقى لهجة متعارف عليها بين كل إمارة وأخرى، وحتى في الإمارة الواحدة ربما توجد عدة لهجات، إلا أن الأمر المحبط والذي يجب أن يتوقف هو أن تكتب بعض الكلمات الإماراتية بطريقة غير صحيحة؛ لأن من كتب تلك الكلمات لا يعرف في الأصل كيف تنطق الكلمة أو ماذا تعني. في الوقت ذاته ربما يختلط على بعض الناس حتى من أبناء الدولة الذين لا يملكون الأسماء الأصلية للأدوات والمصطلحات، فيقومون بكتابة أسم أداة على أداة تحمل اسماً آخر، فهناك تشابه بين الجفير والمخرافة في الشكل ولكن لكل منهما وظيفة وشكل، وهناك تشابه بين الوخيفة والضميدة في الشكل، ولكن هناك اختلافات أيضاً، وهي تعد من الأدوات السعفية، ولكن تكتب عنها معلومات خاطئة وتنقل للأبناء وللمجتمع الإماراتي، ويتناقلها الآخرون من الجنسيات التي تعيش في الدولة بأسمائها المغلوطة. منهجية التوثيق يرى عبدالعزيز المسلم أن على كل كاتب وكل صحفي وكل باحث يرغب في التوثيق، أن يحصل على معلوماته من المصادر الثقة ممن يحفظون تراثهم بكل جوانبه عن ظهر قلب، وقد جاء في الأبحاث التي أجرتها «اليونسكو» أن الأبحاث دلت على أن هناك اهتماماً بالتراث، وقد فتح المجال أمام مقاربات جديدة لفهم التراث الثقافي للبشرية وحمايته، ورغم أن التراث الحي قد عانى الهشاشة بصفته قوة محركة للتنوع الثقافي، إلا أنه حظي باعتراف دولي وأصبح من الأصوات التي لها الأولوية.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©