الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات.. منارة العالم بـ "دبلوماسية الطاقة"

الإمارات.. منارة العالم بـ "دبلوماسية الطاقة"
2 أكتوبر 2018 01:00

عمر الأحمد (أبوظبي)

في خضم ما يموج بالعالم من صراعات وويلات ومآسٍ، نتيجة رغبة بعض القوى بالعمل على الإخلال بالأمن والاستقرار من أجل نهب الثروات والسيطرة، وبسط النفوذ على الدول الأخرى، يظهر دور دولة الإمارات العربية المتحدة بالعمل على دعم التنمية، واستغلال الموارد كافة المتاحة من أجل صالح البشرية، وتعزيز الرفاهية، وإنارة طريق السعادة للشعوب كافة. وفي هذا الإطار، يبزغ دور الإمارات من خلال دعم الدول النامية والمتقدمة بمشاريع الطاقة المتجددة التي تحافظ على البيئة وتوفر فرص عمل، مما كان له الأثر الأكبر في تعزيز مكانتها في المجتمع الدولي كدولة رائدة في مجال الطاقة النظيفة، وابتكار طرق بتكلفة أقل لاستغلال هذه الطاقة، لتكون بذلك نموذجاً فريداً لدول العالم، ومثالاً مميزاً في تحقيق «دبلوماسية الطاقة» كأداة من أدوات القوة الناعمة، تحصل بها على أرفع تقدير من المجتمع الدولي، وتحقيقاً لمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في خطابٍ وجهه سموه للشباب عام 2017، بأن «الإمارات مثل النور في أرض مظلمة».

وفي هذا المجال، تؤكد الدكتورة نوال الحوسني، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، أن الإمارات دعمت بدبلوماسيتها مشروعات الطاقة المتجددة في الدول النامية، والتي تقلل نسبة الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة، وتحسن الظروف المعيشية والصحية للسكان وتوفر فرص عمل، وتدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. وأضافت أنه تم بذل جهود حثيثة للمساهمة في إنشاء بُنى تحتية مرنة، ولتشجيع الصناعات المستدامة، وبناء القدرات، وتوظيف التكنولوجيا الخاصة بتطويع الطاقة، لافتة إلى أن الإمارات كانت أول دولة خليجية تصادق على اتفاقية باريس للمناخ في 21 سبتمبر 2016، واعتمدت قطاع الطاقة مجالاً رئيساً للمشاركة الدولية، وتبنت استراتيجية لاستخدام الطاقـة النظيفة، بهدف دعم أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، بالإضافة إلى جملة من المبادرات الداعمة للمتطلبات البيئية، والأنظمة المتجددة لإنتاج الطاقة النظيفة التي تم توظيفها في جميع أنحاء العالم، ولا سيما الدول النامية.

تيسير وتسهيل
وأشارت الحوسني إلى أن الإمارات قامت بإدراج عناصر الطاقة النظيفة في دبلوماسيتها الخارجية، وحققت نجاحاً منقطع النظير مقارنة بغيرها، وهو ما جعلها معياراً بالنسبة للدول النامية، حيث ساهمت مشاريع الطاقة المتجددة التي نفذتها الإمارات على الصعيد الوطني والعالمي إلى خفض كلفة الإنتاج بصورة ملحوظة، كما قدمت الإمارات، من خلال مبادرة تمويل مشروعات الطاقة التي تم الإعلان عنها في 2013، بتمويل صندوق أبوظبي للتنمية بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»، قروضاً ميسرة بقيمة 214 مليون دولار، وتساهم في توليد نحو 120 ميجاواط من الطاقة المتجددة لملايين السكان. وتصل قيمة القروض الميسرة التي ستقدمها الإمارات من خلال هذه المبادرة إلى 350 مليون دولار، لدعم مشروعات الطاقة المتجددة في الدول النامية الأعضاء في الوكالة.

بناء القدرات
وأكدت الحوسني أن دولة الإمارات تمكنت من تعزيز سمعتها في مجال الطاقة المتجددة من خلال توسيع التبادل الحكومي-الحكومي مع مسؤولي الطاقة في الدول النامية، وتشجيع الهيئات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية على إعداد البحوث والابتكارات المتعلقة بالطاقة، بالإضافة إلى إطلاق البرامج التطويرية التي ساهمت في بناء قدرات القائمين على التخطيط في الـدول النامية الأخـرى.
وأشارت إلى أن اختيار دولة الإمارات لتكون المقر الإقليمي لـ «آيرينا» عزز من مكانة الدولة على خريطة العالم، حيث يجتمع كل عام أكثر من 1200 مشارك من 160 دولة و30 منظمة دولية للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للوكالة والاجتماعات الخاصة بالمجلس التنفيذي للوكالة واللجان الأخرى، مما يعد دليلاً على ريادة الدولة في هذا المجال، وقدرتها على المساهمة في دعم تحقيق أهداف الوكالة، لافتة إلى أن الدولة لم تأل جهداً في توفير الإمكانات والقدرات اللازمة لإنجاح الوكالة، ودعم استراتيجيتها وأهدافها وخططها المستقبلية، انطلاقاً من القناعة الراسخة بأن «الطاقة المتجددة هي طاقة المستقبل التي يتجه إليها العالم كله».

تنمية اقتصادية
من جانبه، أكد محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية، أهمية قطاع الطاقة المتجددة في تحقيق النمو الاقتصادي، وتحريك عجلة التنمية المستدامة في الدول النامية، مشيراً إلى أن الطاقة تشكل محركاً أساسياً للعديد من القطاعات، ما جعلها تحتل أولوية تنموية في استراتيجيات العديد من الدول.
وأضاف أن سياسة دولة الإمارات بفضل توجيهات القيادة الرشيدة ثابتة في الوقوف إلى جانب الدول النامية، ومساعدتها على تحقيق أهدافها التنموية، وتمويل مشاريع إنمائية تخدم مختلف القطاعات الأساسية، بما فيها قطاع الطاقة المتجددة الذي يشكل أحد الركائز الرئيسة للتنمية.
وقال «الطاقة المتجددة تقوم بدور رئيس في إمدادات الطاقة العالمية، لمواجهة التهديدات البيئية، والتغير المناخي، وتقلب أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، فضلاً عن أهمية الطاقة المتجددة في حماية البيئة باعتبارها طاقة غير ناضبة، وتوفر عامل الأمان البيئي، وتخفض من الأعباء المالية على حكومات الدول النامية، الناجمة عن شراء الوقود بأسعار تكون في الغالب مرتفعة».
وأشار السويدي إلى أن صندوق أبوظبي للتنمية يولي قطاع الطاقة المتجددة اهتماماً خاصاً، حيث أخذ الصندوق على عاتقه مساعدة الدول النامية في توفير الطاقة المتجددة لتحقيق أهدافها المتعلقة بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية لسكانه، لافتاً إلى أن الصندوق ساهم بإطلاق ثلاث مبادرات تتعلق بتمويل مشاريع الطاقة المتجددة في البلدان النامية، بكلفة تصل إلى 1.650 مليار درهم.
وذكر أن الصندوق يسعى، من خلال تمويل مشاريع الطاقة المتجددة، إلى ضمان إمدادات موثوقة ومستدامة من الطاقة، وبأقل التكاليف الممكنة، للمجتمعات التي تواجه تحديات في توفير خدمات الطاقة الحديثة، إضافة إلى إتاحة المجال للوصول إلى مصادر الطاقة المتجددة، والتي من شأنها تحفيز التنمية الاقتصادية المحلية، وتحسين مستويات المعيشة، وكذلك مساعدة حكومات الدول النامية على تحفيز التنويع الاقتصادي في بلدانهم، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية على نطاق واسع في تلك الدول.

مكانة ريادية
وأوضح محمد جميل الرمحي، الرئيس التنفيذي لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، أن مزيج الطاقة وتنوعه يعدان الطريق الصحيح الذي انتهجته دولة الإمارات لتغدو اليوم واحدة من الدول الرائدة في تصدير تقنيات الطاقة المتجددة، والمساهمة في نشرها محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وأشار إلى أن وحدة خدمات الطاقة في «مصدر» تقوم بتنفيذ مشاريع للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة في المجتمعات الريفية النائية في غالبية أنحاء العالم، وذلك ضمن ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، حيث نفذت الوحدة مشاريع تنموية للطاقة النظيفة على مستوى المرافق العامة وأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية في قارتي آسيا وإفريقيا، شملت تركيب محطات عدة لإنتاج الكهرباء، بقدرة إجمالية بلغت قرابة 100 ميجاواط، وتركيب نحو 27 ألفاً من أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية في المناطق النائية والمهمة استراتيجياً في دول آسيوية وإفريقية مختلفة، لافتاً إلى أن هذه المشاريع مجتمعةً ساهمت في تحسين حياة قرابة الـ575 ألفاً من السكان.
وأضاف أن «مصدر» ترتبط بشراكة مميزة مع صندوق أبوظبي للتنمية، تكللت في تنفيذ عدد من المشاريع الخارجية بتمويل من الصندوق، لافتاً إلى إنجاز 11 مشروعاً لإنتاج الطاقة المتجددة في دول المحيط الهادئ. وتنتج هذه المشروعات مجتمعةً 6.5 ميجاواط من الطاقة المتجددة، عوضاً عن استهلاك 3.2 مليون ليتر من وقود الديزل المستورد سنوياً، وتوفر 3.7 مليون دولار من نفقات هذه الدول على البترول سنوياً، وتمنع انبعاث 8447 طناً من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
وقال «لم تقف جهودنا على تطوير مشاريع الطاقة المتجددة فقط، حيث نعمل في «مصدر»، على تسخير خبراتنا في مجال مشاريع الطاقة المتجددة، من أجل تطوير مهارات القوى العاملة المحلية، ودعم الاكتفاء الذاتي الاقتصادي لدول الجزر النائية. وقمنا بهذا الصدد بعقد سلسلة من ورش العمل التدريبية بالشراكة مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي، وبتمويلٍ من صندوق أبوظبي للتنمية، بهدف صقل مهارات الأشخاص العاملين في مناطق إدارة مرافق ومشاريع الطاقة المتجددة في دول المحيط الهادئ، كما يجري حالياً تنفيذ مشاريع أخرى في 16 بلداً من دول جزر الكاريبي، وذلك في إطار صندوق الشراكة الذي تديره وزارة الخارجية والتعاون الدولي».

تطويع «دبلوماسية الطاقة»
من جانبها ذكرت الدكتورة لي شين سيم، أستاذة سياسات الطاقة والعلاقات الدولية في جامعة زايد، أن دولة الإمارات عززت مفهوم «دبلوماسية الطاقة» وطوعته لخدمة الدول النامية مثل سيشل والدول العربية، وعززت علاقاتها مع الدول المتقدمة كالمملكة المتحدة وإسبانيا، وذلك عن طريق مبادرات «مصدر» وصندوق أبوظبي للتنمية، مما أكسبها احتراماً من قبل المجتمع الدولي. وأضافت أن استغلال دبلوماسية الطاقة أكسب دولة الإمارات خبرة كبيرة من خلال التجارب، ليخدمها بذلك في مسعاها لتحقيق هدفها في توليد 44? من احتياجات الطاقة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.
وأشارت إلى أن مساعدة الدول، من خلال توفير الطاقة لها، تساهم بشكل كبير في استقرار هذه الدول، حيث إن الطاقة تعتمد عليها سلع وخدمات أخرى، كالكهرباء، ووسائل الاتصال والنقل، وغيرها، وتوفيرها يؤدي إلى استتباب الرضا والأمن والاستقرار لدى الشعب، لافتة إلى أن الإمارات كعادتها انتهجت نهج مد يد العون والمساعدة إلى الشعوب المحتاجة، من خلال توفير مقومات الحياة لدى هذه الشعوب، وبالتالي يحل السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وسيط للسلام
وأكد الدكتور شريف العبودي، أستاذ الاقتصاد السياسي، أن دبلوماسية الطاقة، تعزز من مكانة الدولة وسيطاً قوياً للسلام في العالم، في عصر تسوده الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن الإمارات استطاعت أن تتبوأ مكانة متميزة في العالم، وأن تعزز موقعها من خلال إظهار قيادتها في مجال الطاقة المتجددة، وصنعت الفرص لتقاسم تلك الخبرات مع العالم النامي والمتقدم.
وأضاف «الإمارات قامت بدفع قوتها الدبلوماسية لدعم مشاريع الطاقة المتجددة في الدول النامية، وقد بذلت جهوداً هائلة مماثلة لدول مثل الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أن الحاجة الهائلة والمتنامية إلى الطاقة في الدول النامية أعطت الإمارات فرصة لاكتساب ميزة استراتيجية في علاقات دبلوماسية وثيقة مفيدة مع هذه الدول، خاصة بجنوب شرق آسيا.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©