ابتكار هواتف محمولة بأنظمة مراقبة أبوية لملاحقة وحوش الإنترنت

ما زالت شارون هاميلتون تذكر شدة امتقاع وجهها في اليوم الذي اكتشفت فيه أن ابنها الذي كان يبلغ آنذاك 15 سنة يتلقى رسائل نصية بذيئة وذات حمولة جنسية مع شخص التقى به افتراضياً على الإنترنت أثناء لعبه إحدى لعبه الإلكترونية المفضلة. حاولت السيدة هاملتون تعقب الشخص الذي يتحرش بابنها، لكن رقم الهاتف المحمول وحده ليس دليلاً كافياً في نظر السلطات والجهات المزودة بخدمة الاتصالات لتجريم صاحبه وإدانته. وتقول بحنق «كان علي الانتظار حتى يقع ابني ضحيةً، وبطريقة أخرى، اكتشفت أنه ليس هناك من يحمي أبنائي»! دفعت هذه الواقعة السيدة هاملتون التي كانت في السابق استشارية الأمن المالي وكشف التزوير إلى تأسيس شركة «خدمات الآباء يستمعون» لتطوير برنامج يسمح للآباء بمراقبة محتويات الرسائل النصية التي تستقبلها الهواتف المحمولة لأطفالهم. ولم تكن هذه الشركة إلا واحدةً من شركات عدة تسعى هي الأخرى لتطوير برمجيات مخصصة بالأساس لإنذار الآباء في حال تبادَل أبناؤهم الصغار أو اليافعون رسائل نصية فيها إيحاءات جنسية، وتنبيههم للاتصال بهذه الكواسر البشرية المفترسة أو الإبلاغ عنهم أو التشهير بهم في المنتديات الاجتماعية الإلكترونية وتحذير الآخرين منهم. ويجري السعي أيضاً لابتكار خاصية تسمح بتعطيل وظيفة التراسل بالرسائل النصية في الأجهزة التي يُرسل أصحابها نصوصاً ذات محتويات بذيئة وفاحشة للأطفال واليافعين. خصوصيات محظورة خاصية المراقبة الأبوية في أجهزة الاتصالات والهواتف المحمولة ليست أمراً جديداً. فشركة «فيريزون وايرليس» على سبيل المثال تقدم خدمة غربلة محتوى الهواتف المحمولة الموصولة بالإنترنت. كما تقوم شركة «تي موبايل» الأميركية بتعطيل إرسال واستقبال بعض أنواع الرسائل مثل الرسائل النصية أو الرسائل الفورية غير المرغوب فيها، ويمكن لشركة «إيه تي أند تي» بدورها حظر أرقام وتجميد عمل خطوط معينة عند الاقتضاء. وتعرض هذه الشركات جميعها خاصية المراقبة الأبوية مقابل حوالي 10 دولارات كل شهر. واحتراماً لخصوصية الأفراد، لا يمكن لهذه الشركات مراقبة محتوى الرسائل النصية والبرائد الإلكترونية التي يستقبلها كل هاتف محمول. ولذلك تبقى هذه المبادرات وخطوات شركات تقنيات الاتصال الأخرى محدودة الأثر أو تراوح مكانها في أحيان كثيرة. الآباء يستمعون تختبر شركة «خدمات الآباء يستمعون» خدمةً تقوم على إنذار الآباء عند إرسال رسائل تحتوي على كلمات من قبيل «انتحار» أو «مخدرات» إلى هواتف أبنائهم المحمولة. ويتيح هذا البرنامج الحصول على نص كل رسالة مشبوهة على شكل صورة ثم يجري مسحاً ضوئياً تلقائياً لمحتواها. وقد أثمرت جهود هذه الشركة التي تتخذ من ولاية كولورادو مقراً لها إطلاق هذا البرنامج بشكل رسمي بمقابل 9,99 دولار شهرياً. ويمكن تحميل هذه الخاصية في غالبية الهواتف الذكية والهواتف المحمولة العادية الموصولة بالإنترنت. ويعرض موقع WebSafety Inc في تكساس برنامج مراقبة مماثل متاح في السوق منذ ستة أشهر. وقد صُمم النظام البرمجي لهذه الشركة بناءً على ذخيرة اصطلاحية فريدة تحصر 6,000 عبارة «ذات مدلول غير لائق»، بما فيها السباب الفاحش واختصاراته الإلكترونية. ضرائب تكنولوجية يمكن لبرنامج شركة «ويبسايفتي» مراقبة الرسائل النصية والبرائد الإلكترونية والرسائل الفورية وإدخال التحديثات ذات الصلة بمستجدات المنتديات الاجتماعية مثل فيسبوك وغيرها على مدار الساعة. ومن خلال استخدام نظام تحديد المواقع العالمي وخاصياته، يمكن للآباء والتربويين منع تداول الرسائل النصية في مناطق بعينها مثل المدرسة لمنع التلاميذ من الغش عن طريق تبادل الرسائل النصية خلال الامتحانات أو استعمالها للسخرية من زملائهم أو ممارسة التنمر اللفظي عليهم. ويقول رونالد داي، الرئيس التنفيذي لشركة «ويبسايفتي»، «إن التنمر عبر الإنترنت أصبح خارج السيطرة، وهذا الوضع الذي نعيشه هو إحدى ضرائب التقدم التكنولوجي المفتوح الذي خلق للأسف مشكلات يستعصي حلها». سرية وعيوب يتوفر البرنامج الذي ابتكرته شركة السيدة هاملتون وبرنامج شركة «ويبسايفتي» على خاصية إرسال إنذارات على شكل برائد إلكترونية أو رسائل نصية إلى الهاتف المتحرك للأبوين أو جهاز الكمبيوتر، وذلك دون أن يُدرك متلقي الرسالة -الأبناء- أن شخصاً آخر تلقى نفس الرسالة أو البريد الإلكتروني. ولا يخلو هذا البرنامج من نواقص، وأحد هذه النواقص هو أنه يتطلب توفير خطة بيانات على الهواتف المتحركة عن طريق الربط الخلوي. وبعض الهواتف المتحركة البسيطة التي يفضل الآباء اقتناءها للأطفال عند أول استخدام لهم للمحمول لا تتوفر سوى على خاصيتي إيصال الصوت والرسائل النصية فقط، ولا يمكنها تحميل أنظمة المراقبة الأبوية. تحديد المواقع تعرض شركة «ويبسايفتي» وشركة «كيد فون أدفوكايت» بدورها خدمةً تتيح تعطيل قدرة الهاتف المحمول على إرسال الرسائل النصية وتلقيها عندما يكون اليافع يقود مركبةً بسرعة أكثر من 160 كيلومترا في الساعة، وذلك للحيلولة دون مخاطرته بإرسال الرسائل النصية أثناء السياقة. وإذا لم يكن الابن هو السائق، فيمكنه الاتصال بوالديه وسؤالهما إعادة تفعيل خاصية إرسال الرسائل النصية وتلقيها. ويستخدم هذا البرنامج نظام تحديد المواقع العالمي من خلال تركيب رُقاقة في الهاتف المحمول تتعقب تحركات اليافع وترسل إنذارات إلى أبويه إذا تخطى حدود السرعة المسموح بها. شرطة الفيسبوك ابتكر فريق من شركة «شاكرا» كان أفراده يعملون سابقاً في شركة مايكروسوفت خاصية «GoGoStat”. ومثل تطبيقات المراقبة الأبوية في أجهزة أخرى، تراقب هذه الخاصية الرسائل النصية التي يرسلها ويتلقاها الأطفال واليافعون من خلال الفيسبوك، وكذلك الصور التي يتبادلونها. وليس هناك حاجة لتحميل هذا البرنامج في الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، فهو يعمل بشكل تلقائي في فيسبوك. إذ يكفي أن يقوم الأب أو الأم بالتسجيل في «GoGoStat” على الفيسبوك ليحصل على شفرة تعطى للأبناء، الذين يقومون بدورهم بالاشتراك في «GoGoStat” ويدخلون الشفرة ذاتها، فيصبح من يملكون هذه الشفرة مرتبطين على الفيسبوك بشكل دائم، وتصير الشفرة غير قابلة للتغيير، سواءً كان ذلك على الكمبيوتر أو الهاتف المحمول. زر الذعر تقدم خاصية GoGoStat إلى الآباء خيار الضغط على زر يصطلح عليه «زر الذعر» ويمكن استخدامه إذا فقد الأبوان أحد أبنائهم. فبمجرد الضغط على هذا الزر، ينشئ تطبيق مرتبط به تقريراً طارئاً مُعززاً بآخر صور الابن وآخر تحركاته واتصالاته، وقائمة أصدقائه الافتراضيين في المنتديات الاجتماعية، للإسراع بإرسالها إلى السلطات المختصة. وتخطط شركة «شاكرا» لإطلاق أجهزة آيفون جديدة أكثر دقةً وتطوراً تسمح للآباء بمراقبة نشاط أبنائهم على الفيسبوك. عن «وول ستريت جورنال»