الثلاثاء 14 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أنا أكره والدي!!

23 يوليو 2006 01:26
لا تنصدم عزيزي القارئ من العنوان، فهذه جملة تذكر بيننا وفي محيط الأبناء في هذا الزمان، فالعديد ممن صادفناهم وممن عاشرناهم وللأسف يتلفظون بهذه الجملة، ولعل أول ما سيفعله البعض منا هو قول كلمة ''عيب عليك، مهما كان هؤلاء أهلك، وهما والداك اللذان سعيا إلى تربيتك وتكبيرك''، هذا هو كلامنا الدارج بسبب مشاعرنا العاطفية الجياشة وبسبب التربية السوية التي تربينا عليها وهي طاعة الوالدين، ولكن من الناحية الاجتماعية، يجب علينا أن نتساءل بكل دقة: ''لماذا يقول بعض أبنائنا هذه الجملة؟ لماذا يكرر البعض منا بدعوة: يا رب أبوي يموت، يا رب أفتك منه؟ لماذا يقول البعض: أتمنى أمي ترحل عنا وتفكنا من تدخلاتها؟ لماذا كل هذا يا ترى؟ يرى الباحثون الاجتماعيون في هذا السياق أن مثل هذه الجمل تتكرر على ألسنة الأبناء لأسباب عديدة، قد تكون من أسباب نفسية تمس الأبناء أنفسهم، وليس للأهل دخل بها، كمثل أن يكون الابن عاقا أوجاهلا أوغير محب لأهله·· إلخ، وذلك موضوع آخر قد نتطرق له بإذن الله في مقال آخر، ولكن ما نريد التحدث عنه اليوم هي أسباب أخرى في الموضوع نفسه، هذه الأسباب نفسية واجتماعية لم تأت من فراغ، بل من ردة أفعال، فمثل ما نعلم عن قانون نيوتن الثاني بأن: لكل فعل ردة فعل، تساويه في القوة وتعاكسه في الاتجاه فمثل هذه الكلمات والدعوات هي ردة فعل لأسباب أسرية يخضع لها الأبناء، فقد يكون الأب مثلاً بخيلا على الأبناء، قليل الاهتمام بهم، شحيح العناية بمتطلباتهم، والبعض الآخر يعتقد بأنه قد خلف ابناء همهم الأكل والشرب والنوم، ليملأ الثلاجات بما لذ وطاب، ويجعل بطون الأبناء مقبرة للدجاج والمأكولات، معتقداً بأنهم مجردون من جميع الأحاسيس، ويمارسون حياتهم بشكل روتيني كبير، ضارباً بعرض الحائط كل أحاسيسهم ومشاعرهم ومتطلباتهم وابداعاتهم، ولا ننسى أن البعض الآخر من الأهل يحبون التدخل في الصغيرة والكبيرة، ويحبون النكد والكدر لأبنائهم، ويحبون التنغيص على حياتهم، فالأب في هذه العائلة يحرم الفتاة من العمل ويحرمها من الزواج ليجعلها ''مجنونة رسمية'' بين أربعة جدران، والأم في هذه العائلة تحب التدخل في كل صغيرة وكبيرة تخص أبناءها، حتى لو أن ابنها كبر وتزوج واستقر وأنجب الأبناء، فهي تحب أن تتدخل بمعدل اللامعقول في حياة ابنها، مما يعرقل عليه عقبات الحياة، وقد تحولت بيوت العديدين إلى أوكار للمشاكل وأدت العديد منها إلى تدمير البيوت، ناهيك طبعاً عن تحريض بعض الأهالي على ضياع ابنائهم، وجرهم إلى حفر الانحراف، وتحليل ما هو محرم عليهم، وايداع أبنائهم لرفاق السوء، وتزيين المنكر في عيونهم لينغمس العديدون منهم في الرذيلة، وليدمر بذلك مستقبلهم كله! لست أبالغ فيما أقول، بل إنني سمعت في أكثر من محاضرة إسلامية يتحدث فيها الشيوخ عن قصص كنت أحسبها فقط تنسج في المسلسلات العربية التي نشهدها، غير أنها ليست كذلك، بل هي حقيقة وواقع ملموس يلامس المجتمع· حسبي الله ونعم الوكيل، ربما هذه أبلغ عبارة أقولها للرد على مثل هذه القصص التي شوه بعض الآباء وللأسف صورهم أمام المجتمع، لذا أبعث للوالدين في كل بيت رسالة مسطرة باسمي وباسم الجميع وهي: ارحموا أبناءكم، وأرفقوا بهم، فهم أولادكم، وفلذات أكبادكم التي تمشي على الأرض، وضياع الأبناء وكرههم لكم يعني لكم خسارة كبيرة، فأنتم غدا محاسبون عند الله تعالى على كل شيء، فمثلما لكم حقوق، عليكم واجبات، تبدأ من اختيار منبت الطفل، تسمية الابن، والاهتمام والرعاية به، إطعامه وتعليمه، كساء بدنه، إلى تكفين جسده، فالله الله يا أهالي المسلمين الكرام، الله الله بأبنائكم، لا تؤدوا بهم إلى الهاوية، ولا توصلوهم لدرجة أن يدعوا عليكم لا أن يدعو لكم، فلكل شيء عند الله تعالى ساعة، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله تعالى حجاب، وكلي أمل بأن يراجع كل ولي أمر حساباته، ويقدم على خطوات الخير، فالله تواب رحيم، وهو رؤوف بعباده التوابين، الساعين إلى مسح خطاياهم، والمهتمين بفتح صفحة جديدة مع أبنائهم، خالية من الحقد والكره والضغينة والمشاكل والهموم، مملوءة بإذن الله بالصفحات البيضاء النقية المعطرة بتعاليم الاسلام الرشيدة في صون حقوق الآباء والأبناء· ريا المحمودي رأس الخيمة
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©