الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

رجاءً لا تعدموه!

13 يوليو 2011 21:40
جميعنا يمد أشرعته صوب الأرجنتين أرض الملاحم الكروية، ليتفرج تارة بعين تبحث عن المتعة، وأخرى بعين تجرد الظواهر الفنية على كوبا أميركا، والتي تكون في العادة رحماً منه تولد الأساطير، وجميعنا فاجأه من دون شك أن يسكن نادي برشلونة الإسباني كل مساحات التعليق والتحليل، بل وحتى هوامش الهمس في منتديات الأرجنتينيين. انصرف الكل عن طبع هذه النسخة من كوبا أميركا، والذي لا يقدم فعلياً التطابق الكامل مع هوس وجنون وإبداعات ما سبقها من نسخ، وانصب الحديث كله على نادي برشلونة الإسباني الذي لا تقتصر ظاهريته في عالم كرة القدم الحديث على فوزه ذات موسم بسداسية، في إنجاز غير مسبوق ولا أيضاً على احتكاره لثلاثة مواسم للقب الليجا الإسبانية، مصيباً الغريم ريال مدريد بنوبة من السعار، ولا حتى على اعتلائه مجدداً قمة الأندية الأوروبية بتتويجه بطلاً لدوري الأبطال، ولكنها تذهب إلى ما هو أبعد إلى ما يصدره نادي برشلونة للعالم من كرة قدم ذات مضمون تكتيكي، وعمق إبداعي وجمالي يستحق بهما معاً أن يكون صاحب أسلوب كوني. والواقع أن من استعانت بهم قنوات التلفزة العربية، وحتى العالمية لتأثيث فضاء التحليل والاستقراء والحدس لا يأتون على ذكر برشلونة لهذه الهلامية التي تطبع أداءها وللكونية التي تلتصق بأسلوبها، ليس هذا فقط، ولكن لأن الرقم السحري في أداء برشلونة الرائع، البرغوث ليونيل ميسي، ليس بذات الصورة الأنطولوجية مع منتخبه الأرجنتيني، برغم أن سيرخيو باتيستا المدير الفني للسيلستي قضى ساعات طوالاً في تفصيل منتخبه الأرجنتيني على مقاس برشلونة أملاً في تطويع ملكات ليونيل ميسي والتي نتفق على أنها لا تتوفر لغيره اليوم، ونختلف كثيراً في مقارنتها مع أساطير كرة القدم العالمية في أزمنة سابقة. كانت ملامح ليونيل ميسي المصبوغة بالأسى والملونة بالحزن والمؤطرة طولاً وعرضا بخطوط الفزع، دالة على أن الفتى الذهبي لا يستطيع أن يتحرر كلياً من مقارنات يسمع بها ويلدغ دائماً من جحرها ويعيش معذباً في جلبابها، مقارنات مع الرائع ماريو كامبيس الذي حمل على كتفيه منتخب الأرجنتين للفوز بأول لقب عالمي له سنة 1978، ومع أسطورة زمانه وكل الأزمنة دييجو مارادونا الذي لم ينأ ظهره أبدًا بحمل ثقيل رغم قصر قامته، فقد أهدى للأرجنتينيين لقباً عالمياً ثانياً سنة 1986 بل وأعطاهم الحق في أن يضعوا اسمه مرادفًا لأسطورة عالمية تتناقلها الأجيال فتكون لها وساماً على الصدر. بعد التعادل السلبي أمام كولومبيا، واجهت جماهير ملعب الجنرال لوبيز ليونيل ميسي بالصفير والاستهجان، وهو يغادر الملعب مطأطأ الرأس، حزيناً على قدره، وثارت الصحافة الأرجنتينية في وجهه، بل أن منها من قال إن ميسي صناعة إسبانية لا تصلح للأرجنتين.. وانتصب عمداء الإبداع الكروي بالأرجنتين من ماريو كامبيس إلى مارادونا لصد الغارات المجحفة التي تستهدف مبدعًا، هو بالتأكيد مشروع أسطورة، بل إن هؤلاء وهم حماة الخلق، ويعرفون حقيقة أن تكون بعض أيامك جحيماً، لأن كل الأضواء منعكسة عليك، وكل الآمال معلقة عليك طاردوا ما اعتبروهم أرواحاً شريرة، وحرموا علنا هدم المعبد على رأس ميسي، بل وحرموا كل جدل يأخذنا جميعاً كلما حاولنا أن نقيم قياساً بين ميسي برشلونة وميسي الأرجنتين، قياس يرونه مستحيلاً مع وجود الفارق. أما ميسي فقد حصل على قبس من إبداعه الهلامي، وقال أداؤه الرائع خلال مباراة كوستاريكا التي أهلت التانجو للدور الربع النهائي، أنه أخذ بنصف ثأره من الذين أعدموا قدراته على صنع المعجزات بقميص السليستي. بدر الدين الأدريسي | drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©