الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الخلية الأم تنتصر على العقم

20 يوليو 2006 00:46
صلاح الحفناوي: ''لأول مرة نخلق الحياة باستخدام حيوان منوي صناعي''·· بهذه الكلمات قدم الدكتور كريم نايرنيا الذي يعمل في جامعة نيوكاسل البريطانية إنجازا علميا جديدا في مجال المواجهة مع حالات العقم الذكري المستعصية، ليثير بكلماته من الجدل والشكوك والمخاوف ما يطغى على أهمية الإنجاز أو جدواه أو مغزاه أو فائدته· الإنجاز الذي تناقلته وكالات الأنباء بشغف هو نجاح استخدام الخلايا الجذعية أو الخلايا الأم أو الخلايا غير المتخصصة، في إنتاج حيوانات منوية واستخدام هذه الحيوانات المنوية في التخصيب وصولا إلى الحمل والإنجاب·· فهل يمكن اعتبار ذلك خلق حياة، وهل يمكن اعتبار الحيوان المنوي الناتج عن هذه العملية ''حيوانا منويا صناعيا''؟·· من هذا التساؤل بدأنا المحاورة حول الإنجاز المثير للجدل والمخاوف بقدر ما يطلق مشاعر الأمل، مع الأستاذ الدكتور محمد خليل وفا أستاذ أمراض النساء والتوليد ورئيس مركز مساعدة الإخصاب وأطفال الأنابيب في مستشفى النور· يقول الدكتور وفا: بداية ليس في الأمر أي خلق، لأن هذا العالم ـ ومعه فريقه ـ لم يخلق أي شيء من العدم وإنما استخدم خلية حية مؤهلة بالفعل لإنتاج أي خلية في الجسم بما في ذلك الحيوانات المنوية، والحيوان المنوي الناتج عن هذه العملية ليس صناعيا، والحديث عن مثل هذه التجارب بهذه الطريقة يخرجنا من النقاش والتقييم العلمي إلى الاستغراق في الجوانب الأخلاقية وهذا خطأ كبير·· بل إن الإعلان عن نتائج هذه التجارب لغير المتخصصين بهذه الطريقة خطأ كبير لأسباب عديدة· أول هذه الأسباب هو أن التجارب أجريت على الفئران وليس على الإنسان، أي أننا مازلنا في مرحلة مبكرة جدا، وثاني الأسباب أن ما ينطبق على الفئران في المختبر وما يمكن قبوله أخلاقيا على هذا المستوى ليس بالضرورة هو ما ينطبق على الإنسان، وثالث الأسباب أنه حتى على مستوى الفئران فقد ظهرت مشكلات صحية تنفسية خطيرة على الفئران التي تم إكثارها باستخدام الحيوانات المنوية المختبرية وهو ما يعني الحاجة إلى المزيد من التجارب التي قد تطول حتى يتم الوصول إلى التقنية المناسبة، ورابع الأسباب أن التجارب اعتمدت على استخدام خلايا جنينية مأخوذة من أجنة فئران في مراحل الانقسام الأولى، أي انه ضحى بجنين حقيقي من أجل استخدام خلاياه في إنتاج حيوانات منوية تستخدم في التخصيب، وهذا من الناحية الأخلاقية مرفوض بالنسبة للإنسان، بل وليس له معنى، لأنه ليس منطقيا أن أستخدم حيوانا منويا من شخص سليم وبويضة من سيدة سليمة لإجراء عملية تخصيب ينتج عنها جنين أستخدم خلاياه في إنتاج حيوانات منوية لكي أستخدمها في تحقيق حلم الإنجاب لشخص آخر عقيم، فالحيوان المنوي في هذه الحالة لا يمت له بصلة بل هو ليس معنيا بالأمر كله؟· الوجه الآخر يضيف الدكتور محمد خليل وفا: التجربة بهذا الشكل مع التصريحات والمبالغات الإعلامية تضعنا أمام ممارسة طبية غير متفق على جدواها أخلاقيا ولا تمثل حلا أو علاجا لمشكلة العقم النهائي التي يعاني منها في بريطانيا وحدها حوالى 150 ألف شخص في بريطانيا ويعاني منها الكثيرون في المجتمعات العربية· وبرغم ذلك فإن ما تحقق يعتبر إنجازا شديد الأهمية ويبشر بإمكانية علاج هذا النوع من العقم الذي يعاني فيه الأزواج من عدم قدرتهم على إنتاج أي حيوانات منوية على الإطلاق· فهذه النوعية من التجارب على الخلايا الجذعية الجنينية يمكن أن تقود إلى تجارب على الخلايا الجذعية غير الجنينية التي يمكن الحصول عليها من أماكن عديدة من جسم الإنسان مثل نخاع العظام مثلا، وصولا إلى تقنية علاجية تعتمد على استعمال خلايا الزوج الذي يعاني من العقم· وهذه النوعية من التجارب أيضا تساهم في تطوير عشرات التقنيات المساعدة التي تساهم بدورها في تطوير العلاجات المتاحة حاليا للعقم الذكري، فمثل هذه التجربة تتضمن استخدام تقنيات فائقة التطور لتحفيز الخلايا على الانقسام وتحفيز بعضها على إنتاج خلايا معينة ورعاية عملية النمو مختبريا وصولا إلى خلايا مكتملة وهي هنا الحيوانات المنوية، كل هذه المراحل من التجارب تضيف الكثير إلى المعرفة العلمية وتساهم في تطوير التقنيات العلاجية المتاحة والإضافة إليها· وعلى سبيل المثال فإن التجارب على تطبيقات الهندسة الوراثية والتجارب التي أجريت في مجال الاستنساخ ساهمت في تطوير تقنيات شديدة الأهمية في مجال مساعدة الإخصاب ومنها إمكانية الفحص الجيني للأجنة الناتجة عن عملية التخصيب في تقنيات مساعدة الإخصاب المعروفة شيوعا بتقنيات أطفال الأنابيب، وبالتالي اكتشاف الكثير من الأمراض الوراثية شديدة الخطورة مثل متلازمة داون ''المنغولية''، عن طريق رصد التحور أو التغيير في الكروموسومات وبالتالي استبعاد الأجنة المريضة وإعادة الأجنة السليمة إلى رحم الزوجة وصولا إلى إنجاب طفل سليم بمشيئة الله· وحتى تقنيات مساعدة الإخصاب نفسها تطورت بشكل كبير بفضل البحث العلمي، وأصبح في الإمكان استخدام تقنية الحقن المجهري العميق بنجاح كبير في حالات الأزواج الذين يعانون من ندرة شديدة في عدد الحيامن، حيث أصبح حيوان منوي واحد يكفي لإحداث الإخصاب حتى لو تم الحصول عليه عن طريق اخذ عينة نسيجية من الخصية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©